تحدث فضيلة
الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ، في خطبة الجمعة من المسجد النبوي، عن أعظم أسباب استجلاب
البركات، وحصول الخيرات والمسرات، وهي الاستقامة على طاعة الله تبارك وتعالى، ولزوم
شرعه.
وقال خطيب
المسجد النبوي: في ظل مشاغل هذا العصر، وضغوط الحياة، وتجدد مطالبها، يشتكي كثير
من نزع البركة، التي هي من المطالب الضرورية في متع الحياة الدنيا، لتنمو وتزداد
وتظهر ثمارها الخيرة، ولذا فما نزعت البركة من شيء إلا فاتت ثماره الطيبة، ومنافعه
اليانعة؛ بل ما نزعت من أمر إلا وحلّ به العناء والشقاء، قال صلى الله عليه وسلم:
(ليس السَّنَةُ بأنْ لا تُمطَروا، ولكِنَّ السَّنَةَ بأنْ تُمطَروا وتُمطروا؛
ولا تُنْبِتُ الأرضُ شيئًا)، رواه مسلم؛ والسَّنَةُ هي الجدب والقحط.
فضيلة الشيخ د.حسين آل الشيخ: يا أيها المسلمون أعظم وصية لزوم التقوى وملازمة البر وطاعة المولى.#يوم_الجمعه#المسجد_النبوي pic.twitter.com/LNwzXn1bHv— قناة السنة النبوية (@sunnatvsa) January 5, 2024
البحث عن أسباب حلول
البركة ووقوعها
وأكمل: ولهذا
فالموفق يبحث عن أسباب حلول البركة ووقوعها، ويسعى لتحقيقها في أمور حياته كلها،
لتنمو منافعها، وتزداد خيراتها، وتتحقق الحياة الطيبة بها؛ فالبركة فيما أعطي
الإنسان، تزول بها أخطار القلاقل النفسية، والمخاوف المتوقعة، مما تحصل به طمأنينة
النفس وراحتها ورضى القلوب وسعادتها.وأوضح فضيلته: ألا وإن أعظم أسباب استجلاب البركات، وحصول الخيرات والمسرات، هو الاستقامة على طاعة الله تبارك وتعالى، ولزوم شرعه، والوقوف عند حدوده، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).
أعظم أسباب نزع
البركة التمادي في المعاصي والسيئات
وأكمل: كما أن
أعظم أسباب نزع البركة، ارتكاب المحرمات والتمادي في المعاصي والسيئات، قال تعالى:
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).وبيّن فضيلته: إن من آثار نزع البركات ما يعانيه العالم اليوم من مشاكل اقتصادية كبرى، وتحديات مالية عظمى، مع توافر المقدرات الهائلة، والأموال الطائلة، ومع هذا يعاني العالم من التضخمات الخطيرة، والغلاء الفاحش، وتراكم الديون الطائلة، وكل ذلك بسبب بعد كثير من الخلق عن المنهج الرباني، الذي رضيه خالقه لهم، وجعله السبيل لسعادتهم في معاشهم وفي معادهم؛ ومن ذلك انتشار المعاملات الربوية، التي يبنى عليها اقتصاد العالم اليوم، مما أحلّ بهم النكبات الاقتصادية، والمشاكل الاجتماعية المتعددة، قال تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).
فضيلة الشيخ د.حسين آل الشيخ: إن من آثار نزع البركات ما يعانيه العالم اليوم من مشاكل اقتصادية كبرى وتحديات مالية عظمى مع توفر المقدرات الهائلة والأموال الطائلة ومع هذا يعاني العالم من التضخمات الخطيرة والغلاء الفاحش.#يوم_الجمعه#المسجد_النبوي pic.twitter.com/2aonTr8aK3— قناة السنة النبوية (@sunnatvsa) January 5, 2024
انتشار الغش التجاري
بصور وأشكال عديدة
وأوضح: لقد كثر
وتنوع في عالم اليوم الغش التجاري بصور لا نهاية لأنواعها، ولا حد لأشكالها، مما
كان سبب في حلول المخاطر المالية المختلفة، ومما عاد ذلك على التعاملات المالية
بالكساد والخراب، قال صلى الله عليه وسلم: (الْبَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ
يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا
وكَتَما مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِما).وأضاف فصيلته: من أسباب نزع البركة في الأموال، انتشار الأيمان الكاذبة لترويج السلع، ويلحق بذلك كل ما كان في هذا المعنى، من الإعلانات التجارية التي تحمل تزوير الصفات، والخداع بالناس كما هو منتشر اليوم في وسائل التواصل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ).
التسلط على الأموال
العامة بالنهب والسلب والتلاعب
وبيّن: من أسباب
نزع البركات الخاصة والعامة، التسلط على الأموال العامة، بالنهب، والسلب، والتلاعب
والخيانة، آثارها مدمرة على الآخذ وعلى المجتمع ككل، وهذا قال صلى الله عليه وسلم:
(إنَّ هذا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فمَن أَخَذَهُ بسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ له
فِيهِ، ومَن أَخَذَهُ بإشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ له فِيهِ، كَالَّذِي
يَأْكُلُ ولَا يَشْبَعُ).وإذا كان هذا حال من يأخذ المال العام بلهف وتطلع وطمع وشره، فكيف بمن يأخذه على وجهٍ محرم.
وأكمل فضيلته: من أسباب نزع البركة، ووقوع الكوارث الاقتصادية في المجتمع، التلاعب بأموال الخلق من عدم الوفاء بثمن مبيع، أو رد قرض، أو أجرة ونحو ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى اللَّهُ عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللَّهُ)؛ فاتقوا الله عباد الله، والتزموا بالمنهج الإلهي، والهدي النبوي، في جميع تعاملاتكم وشؤون حياتكم، تنزل بكم البركات، وتعم الخيرات، ويفتح لكم من ثمار الدنيا اليانعات النافعات.