الإثنين، 27 شوال 1445 ، 06 مايو 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

خطيب «المسجد الحرام» يحذِّر من عواقب الظلم وسفك الدماء

3 (6)
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - واس:

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور خالد الغامدي، المسلمين بتقوى الله عز وجل واتباع أوامره، واجتناب نواهيه؛ ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، فهو المحيط بكل شيء قدرة وحكماً.

اضافة اعلان

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: إن الله سبحانه وتعالى قد أودع هذا الكون سنناً ثابتةً لا تتغير ولا تتبدل، والعاقل السعيد هو الذي يتعرف على هذه السنن الإلهية ليعمل بمقتضاها ولا يخالفها، فيعيش في هذه الحياة عِيشة الكرام الموفقين السعداء وله في الآخرة الأجورُ والنعماء، ومن تلك السنن العظيمة سنةٌ طالما كان لها الأثرُ الكبير في حياة الناس، وعاقبة أمرهم ومآلهم، ألا وهي سنة أن الجزاء من جنس العمل إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

وأضاف قائلاً: إن هذه السنة سنةٌ إلهية كبرى وقبس من قبسات عدل الله وحكمته وقدرته التي لا حدود لها، وقاعدة الجزاء الرباني في هذا الكون القائم على العدل والقسط والميزان الذي لا يعول ولا يميل ولا يحابي أحداً، ولو تفكر الناس جميعاً في ظاهر أمرهم وباطنه وما هم عليه لوجدوا هذه السنة تتجلى لهم في كل شؤون حياتهم، ولفقهوا طرفاً من حكمه البالغة في أقداره وأحكامه، فالبر لا يبلى والإثم لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان، وكما تُجازي تُجازى، متسائلاً أليس من العجب أن يرحم الله بغياً؛ لأنها رحمت حيواناً كاد أن يهلك فروت عطشه! أليس من المدهش أن يخسف الله بقارون وكنوزه الأرض ويجرجره فيها؛ لأنه طغى وبغى وكاد أن يفتن الناس ويزلزل إيمانهم بربهم.

وأوضح الشيخ الدكتور الغامدي أن ما أصاب الصحابة رضي الله عنهم يوم أحد حتى قالوا (أنى هذا) فجاء الجواب من الحكيم العدل سبحانه فاصلاً قاطعاً (قل هو من عند أنفسكم)... لافتاً إلى أن هذه السنة الربانية هي محور الجزاء بالعدل والفضل المماثل لعمل العبد ومن جنسه، وهي مطردةٌ شرعاً وقدراً وزماناً ومكاناً، دلت عليها أكثر من مائة آية في كتاب الله، وتكاثرت النصوص النبوية في تقريرها وترسيخها في النفوس، فهل سمعتم أن الله يقول: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) وهل قرأتم قوله سبحانه: (من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً).

وأكد فضيلته أن حسن العاقبة وطيب المال من الجزاء الحسن، فقد ترى الرجل في شيبته يعيش حياةً طيبة هنيةً حانيةً، وما ذاك إلا لأنه كان لله في شبابه محافظاً على طاعات ربه ورضاه فحفظه الله في الكبر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك) وقد يبتلى المرءُ بمصيبة فيرضى ويسلم، فيهدي الله قلبه ويرضى عنه وتكون له العاقبة الحسنة ويؤتيه الله خيراً مما أُخذ منه، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن والعاقبةُ للمتقين.

وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: إن من عجائب البيان لهذه السنة الإلهية أن من نسي الله نسيه الله فلا يبالي به، ومن سمع بعمله سمع الله به مسامع خلقه وصغرَّه وحقرَّه، ومن راء يرائي الله به، ومن تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته وفضحه، ومن زاغ عن الهدى أزاغه الله، ومد له في الضلال مداً، ومن أعرض عن ذكر الله عاش ضنكاً ونكداً، ومن عرض المؤمنين والمؤمنات للفتنة والعذاب والقتل والتحريق صرعه الله شقياً ذليلاً مبغوضاً، وله في الآخرة عذاب الحريق: (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات...) وكذلك الذين نافقوا وأجرموا لما سخروا من الذين أمنوا وكانوا منهم يضحكون ويتغامزون كان الجزاء من جنس العمل: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون...) وقد تحايل قوم على شريعة الله وأحكامه، فغيروا وبدلوا وحرفوا اتباعاً لأهوائهم وأهواء الذين ظلموا فغير الله صورهم وأشكالهم، ومسخهم قردة خاسئين وطبع على قلوبهم فلا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً.

فمن كتم شرع الله وأخفى العلم الذي يجب أن يظهر للناس ولم يثبت من ذلك فأولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، ويلجمهم الله بلجام من نار يوم القيامة جزاءً وفاقاً.

وأضاف فضيلته قائلاً: إن استشعار سنة أن الجزاء من جنس العمل واستحضارها في كل المواقف والأحداث يمنح العبد اليقين بعدل الله وحكمته، وأنه القادر على كل شيء الذي لا تخفى عليه خافية، ويجعل العبد يتوقع الخير من الله فيحسن الظن به ويرجو رحمته وكرمه وحسن ثوابه ويشعر بالطمأنينة والرضا؛ لأنه يعلم أنه سوف يجازى الجزاء الأوفى، فلا يبأس ولا ييأس والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ومن جازاه الله الجزاء الحسن فلا يغتر بذلك ولا يفخر، بل عليه أن يشكر الله، ويسأله المزيد لكي يستديم هذه النعمة (لئن شكرتم لأزيدنكم).

وأشار إلى أن من جازاه جزاء السوء فلا يقنط من رحمة الله وعفوه وعليه بالتوبة والاستغفار والبعد عن مساخط الله وغضبه فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة، وقوم يونس عليه السلام لما آمنوا كشف الله عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعهم إلى حين، مبيناً أن سنة الجزاء من جنس العمل سنة عامة على البشرية كلها لا تحابي أحداً، ولا تستثني أحداً، وهي تحل وتحق على من يستحقها في الوقت المناسب في علم الله وحكمته.

وأكد أن الله يمهل الله الظالمين المعتدين، ولكنه لا يهملهم، وقد يفرحون بقتل الأبرياء وسفك دمائهم، ويظنون كل الظن أنهم أفلتوا من عقاب الله فتفاجئهم سنة الله من حيث لم يحتسبوا، ولقد كان بين دعوة موسى عليه السلام على فرعون وقومه: (ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنياً ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) وبين استجابة الله لدعوته وهلاك فرعون أربعون سنة كما ذكر المفسرون.

وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن هذه السنة الربانية تربي المسلم على التسليم المطلق لله الذي بهرت حكمته العقول، وهي تؤكد على أن بني آدم كلهم لا يحيطون به سبحانه علماً، ولا يدركون أسرار قضائه وقدره وتدبيره العجيب لأحداث الكون، فقد يعترض بعضُ بني آدم ويسخطون، وقد يشكون حينما يرون بعض أقدار الله وكيف يرفع أقواماً ويضع آخرين، ويفتح أبواباً ويغلق أخرى، ويعطي ويمنع، ويبتلي ويعافي، ويغني ويفقر، ويكرم ويهين، ويعز ويذل، فاعلم أن الجزاء من جنس العمل، ولا يظلم ربك أحداً.

3 (6) 3 (7) 9 (1) 8 (1) 7 (1) 6 (2)

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook