الخميس، 23 شوال 1445 ، 02 مايو 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

خطيب المسجد الحرام: استثمار الأزمنة الفاضلة من تعظيم شعائر الله

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - واس:

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي، المسلمين بتقوى الله، ولزوم الاستغفار واغتنام أيام العمر في طاعة المولى والحرص على أوقات الزمن الفاضل، والتقرب إلى الله فيه بمزيد من العمل.

اضافة اعلان

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: "إن الأيام تسرع بالعبد إلى قبره، وحينها لا ينفعه سوى عمله، فطوبى لمن عمل صالحًا فتقبل منه، ويا خسارة من ضيع حياته فيما لا ينفعه".

وأضاف: "إن الخلق والأمر، من خصائص الربوبية؛ فالرب تبارك وتعالى يخلق ما يشاء، ويصطفي من خلقه ما شاء، ويحكم ما يريد، ولا معقب لحكمه، وهو العزيز الحكيم، أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ، خلق الملائكة، وفضل عليهم جبريل عليه السلام، وخلق البشر، واصطفى منهم الأنبياء والرسل "اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"، واصطفى سبحانه لعباده من الدين أحسنه وأقومه، فقال: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الإِسْلَامُ ، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ".

اقرأ أيضًا:

خطيب المسجد النبوي: التحايل على تعليمات ولي الأمر “معصية” يجب تجنبها

حفظ الإسلام من التبديل والتحريف

وتابع: "وتكفل سبحانه بحفظ الإسلام، من التبديل والتحريف، وجعل من الأسباب الشرعية لحفظه، شعائر ظاهرة، توارثتها الأمة، من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، ولما كانت غاية الإسلام، تعبيد الناس لله الواحد الديان، كانت شعائره، لتعظيم الرب تعالى وذكره وشكره، ويبقى الدين في الناس، ما بقيت فيهم شعائره، وكلما كانت الشعيرة أعظم، كان تعظيم الله تعالى فيها أكبر، وذكره أكثر".

وأردف: "جعل الله تعظيم شعائره، دليلاً على تقوى القلب وخشيته، فكلما قوي الإيمان، ظهرت شعائر الدين فالمؤمن يعظم شعائر ربه، متبعاً هدي النبي وسنته، دون إفراط أو تفريط، فأهل الوسطية والاعتدال، هم أهل الهدى والامتثال، يتبعون ولا يبتدعون، فشعائر الله أيها المؤمنون: هي أعلام دينه الظاهرة، زمانيَّة أو مكانية أو تعبدية، فما من يوم إلا ونحن نصبح ونمسي، على شعائر الله وحرماته؛ فالشهادتان هما شرط الإسلام وشعاره، وهما معلنتان في كل أذان وإقامة، والأذان شعار الصلاة، فمن ضيع الصلاة، فهو مضيع لأعظم الشعائر".

قال الأوزاعي رحمه الله تعالى: "كتب عمر رضي الله عنه إلى عماله اجتنبوا الاشتغال عند حضرة الصلاة فمن أضاعها فهو لما سواها من شعائر الإسلام أشد تضييعًا"، والزكاة والصيام، من شعائر الإسلام".

شعيرة الحج والعمرة

وأردف قائلاً : ومن الشعائر العظيمة الظاهرة، شعيرة الحج والعمرة، ومن شعائر الله المكانية: بيت الله المعظم، والمقام والملتزم، والصفا والمروة، ومنى ومزدلفه، والصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة، فعظم سبحانه مكة على سائر البلدان، وجعلها بلده الأمين، وقال: "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ" فهي مكة وبكة، وأم القرى، ومقصد وجوه الورى، ولقد كان سلفنا الصالح، يولون البيت الحرام أشرف تكريم، ويعظمونه أوفى تعظيم، يمثلون توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه.

في مسند الإمام أحمد: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((يَا عُمَرُ، إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ، لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ، إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ))، وفي مصنف عبد الرزاق: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: «لَأَنْ أُخْطِئَ سَبْعِينَ خَطِيئَةً بِرُكْبَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُخْطِئَ خَطِيئَةً وَاحِدَةً بِمَكَّةَ» وركبة: اسم موضع بالطائف، وقال مُجَاهِد: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِعَرَفَةَ، وَمَنْزِلُهُ فِي الْحِلِّ، وَمُصَلَّاهُ فِي الْحَرَمِ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَفْعَلُ هَذَا؟ فَقَالَ: «لَأَنَّ الْعَمَلَ فِيهِ أَفْضَلُ، وَالْخَطِيئَةَ أَعْظَمُ فِيهِ» .

اقرأ أيضًا:

خطيبا المسجدين الحرام والنبوي يُحذّران من مستهدفي الأوطان وغياب الحوار عن البيوت

ساكن البلد الحرام وزائره

وشدد الشيخ المعيقلي على أن التبعة عظيمة على ساكن البلد الحرام وزائره، فكما أن الأجر فيه مضاعف، فالوزر فيه عظيم، والغرم بالغنم، ومكة كلها حرم، فقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم، من إحدى شعاب مكة، فقال جل جلاله: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وسمى الله مكة كلها كعبة، معظماً لشأنها، فقال: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ، أي بالغ مكة

وقال: يا أهل مكة، ويا زوّار مكة، أنتم تعيشون وتبيتون في كعبة الله وحرمه، فالأمر عظيم، وجلال مكة قديم، ففي الصحيحين: قَالَ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: ((إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهُ)) .

وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن تعظيم الأزمنة الفاضلة، من تعظيم شعائر الله، ذلك أننا نعيش في هذه الأيام، في بلد حرام، وشهر حرام، فلنعد العدة لاغتنام خير أيام العام، التي أقسم الله تعالى بها، وفضلها على سواها، فقال: "وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ . وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، فعشر ذي الحجة، اجتمع فيها من العبادات ما لم يجتمع في غيرها؛ كالحج والعمرة والأضحية، فضلاً عن الأعمال الصالحة؛ من نوافل الصلاة والصيام، وقراءة القرآن وإطعام الطعام، فالأعمال الصالحة في هذه الأيام، أفضل من مثلها في غيره.

خصائص عشر ذي الحجة

ولفت إلى أن من خصائص عشر ذي الحجة، التقرب إلى الله في يوم النحر بالأضحية، وهي سنة مؤكدة، فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وحث أمته عليها، فمن نوى أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره، من أول عشر ذي الحجة، حتى تذبح أضحيته؛

وأبان المعيقلي أن الغاية من تعظيم الشعائر، هو توحيد الله تعالى وإقامة الذكر،، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ لَا لِغَيْرِهِ ))، وأنه لا شيء في هذه الشعائر، يعلو على توحيد الله وذكره، والإخلاص له وتعظيمه، فلا مكان فيها، لشعارات الفُرقة والحزبية، ولا الدعوات الطائفية والسياسية.

وقال إنه حريٌ بمن قصد المشاعر المقدسة، أن يلتزم بالتعليمات، التي جُعلت للسلامة، والمصلحة العامة، والتعاون مع رجال الأمن، الذي يبذلون جهدهم لخدمة حجاج بيت الله الحرام، فإن رعاية الحجاج والمعتمرين، والقيام بخدمتهم، والسهر على راحتهم، من أعظم اهتمامات بلاد الحرمين، الشريفين ، منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، ليؤدي حجاج بيت الله الحرام نسكهم بسكينة وطمأنينة، ويعودون إلى بلدانهم سالمين غانمين.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook