الأربعاء، 22 شوال 1445 ، 01 مايو 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

حدث في مثل هذا اليوم.. 28 شعبان

6643356-1051183105
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل – فريق التحرير:

يصادف اليوم 28 شعبان، العديد من الأحداث التاريخية، وفي هذه الفقرة تسلط “تواصل” الضوء على أبرز هذه الأحداث.

اضافة اعلان

902 هـ

وفاة الإمام شمس الدين السخاوي

في مثل هذا اليوم من سنة 902هـ الموافق 5 مايو 1497م، توفي الإمام شمس الدين السخاوي، إمام حافظ في التفسير والحديث والتاريخ.

هو الشيخ الإمام، الحافظ شمس الدين أبو الخير السخاوي محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان، السخاوي الأصل القاهري الشافعي.

ولد بمدينة القاهرة، في ربيع الأول سنة831هـ في أسرة من بلدة سخا من أعمال الغربية، واستقرت في القاهرة.

لما بلغ الرابعة من عمره تحول مع أسرته إلى منزل بجوار علامة العصر الحافظ ابن حجر العسقلاني.

حفظ القرآن وجوَّده، وحفظ الكثير من المتون في مختلف الفنون، وقابل الشيوخ وأهل العلم في عصره وأخذ عنهم، وطاف بأشياخ العصر يتلقى عنهم مختلف العلوم والفنون؛ ودرس النحو والعروض واللغة والفقه والحساب والميقات والأصول والبيان والتفسير والمنطق؛ وهنا يعدد لنا السخاوي ثبت أساتذته وما أخذه عن كل منهم، وما درسه من مختلف الكتب؛ وتجلت مواهبه ومقدرته بسرعة مدهشة؛ وأجاز له الكثيرون من شيوخه، بل أجازوا له الإفتاء ولما يبلغ العشرين بعد.

العسقلاني شيخ السخاوي

وقد كان ابن حجر في مقدمة أساتذته؛ فقد كان جارًا له، فكانت تلك الجيرة مبعث هذه الصلة الوثيقة التي استمرت مدى الحياة بين الأستاذ وتلميذه، وكان أن ابن حجر يتبوأ يومئذ مركز الزعامة العلمية في مصر، وكان في ذروة نضجه ومجده، وانتهت إليه الرياسة في معظم علوم العصر، ولا سيما الحديث والشريعة.

وكان بدء اتصال السخاوي بأستاذه في سنة 838هـ، يذهب مع أبيه ليلًا إلى مجالس الشيخ× بينما هو طفل لم يجاوز الثامنة؛ ويستمع إلى دروسه في الحديث.

ويصف السخاوي علاقته الكتب والعلوم التي درسها على يد ابن حجر فيقول إنهم بلغوا أكثر من أربعمائة؛ بيد أن ابن حجر كان دائمًا إمامه وشيخه المفضل، وقد أذن له غير بعيد في الإقراء والإفادة والتصنيف؛ ويقول لنا السخاوي إنه لم ينفك عن ملازمة أستاذه، ولا عدل له بملازمة غيره من علماء الفنون خوفًا على نقده، ولا ارتحل إلى الأماكن النائية بل ولا حج إلا بعد وفاته؛ لكنه حمل عن شيوخ مصر الواردين إليها كثيرًا، وفي الأوقات التي لا تعارض وأوقاته سيما حين اشتغاله بالقضاء وتوابعه. وقد لبثت هذه العلاقة الوثيقة بين التلميذ وشيخه حتى توفى ابن حجر في أواخر سنة 852هـ.

رحلاته العلمية

وهنا تبدأ المرحلة الثانية في حياة السخاوي؛ وهي مرحلة درس وتحصيل أيضًا ولكن خارج مصر. فبعد وفاة ابن حجر، ارتحل السخاوي إلى عدد كبير من البلدان لتحصيل العلم، ففي مصر سافر إلى دمياط والمنصورة والرشيد.. إلخ. ثم رحل إلى مكة والمدينة ودمشق وحلب وبيت المقدس ونابلس، وسَمِعَ في هذه البلدان لعدد كبير من علمائها وأخذ عنهم.

كان السخاوي يومئذ في الثانية والعشرين من عمره؛ ورغم حداثته؛ برز في كثير من العلوم التي تلقاها؛ واستأثر الأعوام الطويلة التي قضاها إلى جانب ابن حجر بكثير من علمه ومعارفه، وتأثر أعظم تأثير بأساليبه ومناهجه؛ فكان بعد ابن حجر، مستودع علمه وتراثه، وكان أشد تلاميذه تمثيلًا لمدرسته؛ وأستاذها القوي يرفع لواءها ويحمل مناهجها حتى خاتمة القرن التاسع؛ وقد أشار ابن حجر نفسه في أواخر أيامه إلى تلك الحقيقة، وكثيرا ما وصف السخاوي بأنه أمثل جماعته.

وسافر السخاوي عقب وفاة أستاذه إلى دمياط ودرس على شيوخها حينًا؛ ثم سافر مع والدته بحرًا إلى مكة ليؤدّي فريضة الحج؛ وانتهز هذه الفرصة فدرس على شيوخ مكة والمدينة، وطاف بالبقاع والمشاهد المقدسة كلها؛ ثم عاد إلى مصر، وسافر إلى الإسكندرية وقرأ بها مدى حين؛ وزار معظم عواصم الوجه البحري وقرأ على شيوخها الأعلام جميعًا، وحصل كثيرًا من الفوائد والمعارف.

رأى السخاوي أن يقوم برحلة إلى الشام ليزور معاهدها، ويتعرف بشيوخها؛ فسافر إلى فلسطين وطاف بيت المقدس والخليل ونابلس؛ ثم قصد إلى الشام، وزار دمشق وحمص وحماه، ثم استقر حينًا في حلب؛ كل ذلك وهو يدرس ويقرأ على أعلام هذه العواصم؛ ويقول لنا إنه "اجتمع له في هذه الرحلة من الروايات بالسماع والقراءة ما يفوق الوصف".

ويبدو من تعداده للكتب التي درسها وقرأها في هذا الطواف، إنه كان يعنى بدراسة الحديث والقراءة والنحو والفقه وعلوم البلاغة والتصوّف. ولم يعين السخاوي لنا تواريخ تنقلاته في هذه الرحلة، ولكن الظاهر إنها استغرقت بضعة أعوام.

السخاوي شيخ مصر

ولما عاد السخاوي إلى مصر، عكف على التدريس، وانتدب في أوقات مختلفة للتدريس في أعظم مدارس القاهرة كدار الحديث الكاملية، والصرغتمشية، والظاهرية، والبرقوقية، والفاضلية وغيرها، وذاع صيته وأقبل عليه الطلاب من كل صوب.

سافر في سنة 870هـ مع أسرته وكان قد تزوج يومئذ ورزق بعض الأولاد كما يفهم ذلك من إشارته إلى مولد ولده أحمد، ومع والده وأكبر أخويه إلى الحج للمرة الثانية؛ ودرس بمكة، وقرأ بالمسجد الحرام بعض تصانيفه وتصانيف غيره. ولما عاد إلى القاهرة استأنف دروسه، وشغل فيه نفس المركز الذي كان يشغله فيه أستاذه ابن حجر.

وحج السخاوي للمرة الثالثة في سنة 885هـ، وقضى بمكة عامًا في التدريس والدرس؛ ثم حج سنة 87 وقضى ثمة حين في الدرس والإقراء؛ وحج للمرة الخامسة في سنة 892هـ وقضى ثمة عامًا آخر في الدرس والإقراء؛ ثمّ حج في سنة 894هـ، وقرأ الكثير من دروسه وتصانيفه، وغدت مكة وطنًا ثانيًا له؛ وكتب بها كثيرًا من مؤلفاته.

ولما عاد إلى القاهرة في سنة 898هـ استقر بمنزله، وأبى الدرس والإقراء في المعاهد والحلقات العامة (ترفعًا عن مزاحمة الأدعياء) حسب قوله، وترك الإفتاء أيضًا واكتفى بالإقراء في منزله لخاصة تلاميذه؛ وكان السخاوي قد قارب السبعين من عمره، ولكنه استمر منكبًا على الدرس والتأليف.

مما قيل عنه

يقول ابن العماد الحنبلي: "وانتهى إليه علم الجرح والتعديل، حتى قيل: لم يكن بعد الذهبي أحد سلك مسلكه".

وبعد أن ذكر الشوكاني ترجمته في البدر الطالع قال: "وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من الْأَئِمَّة الأكابر حَتَّى قَالَ تِلْمِيذه الشَّيْخ جَار الله بن فَهد فِيمَا كتبه عقب تَرْجَمَة صَاحب التَّرْجَمَة لنَفسِهِ فِي الضَّوْء اللامع ما نصه: قَالَ تِلْمِيذه الشَّيْخ جَار الله بن فَهد المكي إن شَيخنَا صَاحب التَّرْجَمَة حقيق بِمَا ذكره لنَفسِهِ من الْأَوْصَاف الْحَسَنَة، وَلَقَد وَالله الْعَظِيم لم أر فِي الْحفاظ الْمُتَأَخِّرين مثله.. وَلَا أعلم الْآن من يعرف عُلُوم الحَدِيث مثله وَلَا أَكثر تصنيفا وَلَا أحسن، وَكَذَلِكَ أَخذهَا عَنهُ عُلَمَاء الْآفَاق من الْمَشَايِخ والطلبة والرفاق، وَله الْيَد الطُّولي فِي الْمعرفَة بأسماء الرِّجَال وأحوال الروَاة وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل وَإِلَيْهِ يشار فِي ذَلِك، وَلَقَد قَالَ بعض الْعلمَاء لم يَأْتِ بعد الْحَافِظ الذهبي مثله سلك هَذَا الْمسك، وَبعده مَاتَ فن الحَدِيث وأسف النَّاس على فَقده، وَلم يخلف بعده مثله".

ومما قاله الشوكاني كذلك: "ولو لم يكن لصَاحب الترجمة من التصانيف إلا الضوء اللامع لكان أعظم دليل على إمامته".

مؤلفات السخاوي

وللسخاوي تراث حافل ينم عن غزير مادته ونشاطه؛ ونستطيع أن نقسم آثاره إلى قسمين: قسم الحديث، وقسم التاريخ.

وكان السخاوي محدثًا كبيرًا، انتهى إليه علم الحديث في عصره؛ وكان مؤرخًا بارعًا، ونقادة لا يجاري؛ والجمع بين الحديث والتاريخ مثل كتاب السيرة، والطبري، والذهبي؛ وعلم الحديث بما يحتويه من قواعد الإسناد وتمحيص الرواية، والجرح والتعديل، خير معوان للمؤرخ الناقد على تحري الحقائق؛ فكان السخاوي محدثًا ومؤرخًا؛ وكانت براعته النقدية في التاريخ ترجع في كثير من الوجوه إلى براعته في الجرح والتعديل كمحدث؛ وهذه الصبغة النقدية البارزة هي التي تسبغ على آثاره التاريخية قوتها وطرافتها.

بدأ السخاوي التأليف في الحديث، فخط عدة كتب ورسائل أشهرها كتاب (المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة)، و(فتح المغيث بشرح ألفية الحديث) و(الغاية في شرح الهداية) و(الأخبار المكللة في الأحاديث المسلسلة) و(شرح الشمائل النبوية للترمذي) و(التحفة المنيفة فيما وقع من حديث أبي حنيفة)، وعدة كتب ورسائل أخرى في شرح متون الحديث، وعدة حواش وذيول لبعض كتب الحديث المعتبرة.

وكتب السخاوي عدة رسائل عن رحلاته المختلفة؛ منها الرحلة السكندرية وتراجمها؛ الرحلة الحلبية وتراجمها؛ الرحلة المكية؛ والثبت المصري؛ وفيها يصف تجواله ودراساته في تلك الأنحاء؛ ووضع كتابًا في تراجم شيوخه وأساتذته اسمه (بغية الراوي فيمن أخذ عنه السخاوي).

أما مؤلفاته التاريخية فمنها؛ التبر المسبوك في ذيل السلوك، ذيل رفع الأصر، الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع، الضوء اللامع، الشافي من الألم في وفيات الأمم، كتاب الجوهر والدرر.

وهناك مؤلفات وكتب تاريخية أخرى للسخاوي ولكنها لم تصل إلينا مثل التاريخ المحيط، تحفة الأحباب وبغية الطلاب في الخطط والمزارات والبقاع المباركات، الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ.

وفاته

أقام السخاوي في القاهرة؛ ثم سافر إلى مكة ليحج للمرة السابعة؛ وعكف بعد أداء الفريضة على الإقراء والدرس، وتردد بين مكة والمدينة؛ واستقر بالمدينة؛ واستمر في الإقراء بها حتى توفّى فِي عصر يوم الأحد 28 من شعبان سنة 902هـ / 1497م، في الحادية والسبعين من عمره، ودفن بالبقيع.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook