تواصل ـ فريق التحرير:

قبل أكثر من 1400 سنة تقريبا؛ تعود الاتصالات الأولى بين العالم الإسلامي والشعوب التي انضمت فيما بعد إلى الدولة الروسية، وتحديدا في القرنين السابع والثامن الميلاديين.

فقد وصلت الفتوحات الإسلامية إلى شمال القوقاز وآسيا الوسطى في منتصف القرن السابع، وبحلول مطلع القرن الثامن فُتحت جنوب القوقاز وما وراء النهر وخوارزم وفرغانة. وكان من بين نتائج الفتوحات انتشار واسع للدين الإسلامي في تلك البلاد.

التشكيلة السكانية لمسلمي روسيا

الآن.. يعد الإسلام في روسيا هو الدين الثاني في البلاد، حيث يعيش في روسيا في الوقت الحاضر أكثر من 28 مليون مسلم روسي، يتركزون في وسط وجنوب حوض الفولغا ومنطقة الأورال وشمال القوقاز وسيبيريا.

ويتوزع عدد غير قليل من المسلمين في العاصمة الروسية موسكو وأهم مدنها سانت بطرسبورغ ومدن كبرى أخرى.

كما يوجد تركيز كبير للمسلمين في المناطق التي كانت فيها دول إسلامية، قبل تشكيل روسيا الاتحادية، مثل تترستان وباشكورتوستان وجمهوريات شمال القوقاز، وفق مفتي روسيا.

ويتوزع المسلمون في روسيا على 40 قومية أكبرها التتر، إذ يبلغون حوالي 5 ملايين مسلم (تشكل نسبتهم حوالى 4% من السكان)؛ وهذا يعني أن التتر يحتلون المرتبة الثانية بعد الروس من حيث عدد السكان في روسيا. يأتي بعدهم البشكير (حوالي مليون شخص)، والشيشان الذين يشكلون مليون مسلم تقريبا.

اندماج المسلمين

المسلمين الروس يعيشون بتناغم مع أطياف المجتمع الروسي، ويحترمون كل الديانات والطوائف الأخرى.

كما أن عدد المسلمين في روسيا يتزايد لسببين، أولهما ارتفاع معدل المواليد بين المسلمين، والثاني هو وصول مسلمين من آسيا الوسطى للعيش في روسيا.

مذاهب وعرقيات

غالبية المسلمين الروس هم من السنة على المذهب الحنفي، ويوجد أيضا بعض السنة على المذهب الشافعي، والشيعة الروس هم أساسا من الأذربيجانيين والطاجيك من بامير، وعددهم قليل (أقل من 5%).

مسلمو روسيا هم من السكان الأصليين لروسيا، ويوجد أكثر من 85 شعبا وجنسية وجماعة عرقية مارسوا شعائر الإسلام تاريخيا؛ فقد جاء المسلمون الأوائل إلى مدينة تعرف حاليا باسم ديربنت، وهي جنوبي داغستان، ورُفع أول أذان في روسيا على أراضي داغستان.

كيف يدار الإسلام في روسيا

يتكون النظام الروسي للإدارة الإسلامية من ثلاثة مراكز إسلامية اتحادية، وهي مجلس مفتي روسيا بموسكو، الهيئة الإسلامية بمدينة أوفا، والهيئة الإسلامية بالقوقاز.

تأسس ما يعرف بحركة نور داخل روسيا، وهي حركة تستهدف الحفاظ على حقوق المسلمين السياسية والقانونية والاجتماعية. وهي حركة ذات صيت واسع، كذلك تلعب دورا هاما في المناداة بحقوق الأقليات.

مؤشرات إيجابية

أشارت إحدى المؤسسات الروسية العاملة بمجال الاستشراق، وتعرف باسم (PEN) إلى تكهنات وتوقعات مثيرة بشأن مستقبل الديانات في روسيا مؤكدة بتراجع كبير سوف يحدث لطبقة اللادينيين مقارنة بالمسلمين هناك.

ورجحت المؤسسة تزايد عدد المسلمين في روسيا خلال السنوات القليلة، معتمدة على أسباب بعينها، منها التركيبة السكانية وعوامل الديموغرافيا المتعلق بالسن والجنس أيضا.

كما توقعت المؤسسة تقلص عدد الأرثوذكس الروس من 100 مليون إلى 88 مليون بحلول عام 2050 لصالح الديانة الإسلامية والهندوسية، مما سيؤثر بطبيعة الحال بالإيجاب على عدد المسلمين في روسيا.

ارتباط الروس بالأراضي المقدسة

يحرص مسلمو روسيا على زيارة الأراضي المقدسة في المملكة خاصة في مواسم الحج والعمرة، ففي 2006 أدى فريضة الحج في مكة المكرمة حوالي 18.000 مسلم روسي.

وفي 2010 وصل عدد الحجاج الروس 20.000 على الأقل، كما طالبوا قيادة المملكة بزيادة منح تأشيرات لدخول 25.000-28.000 مسلم روسي.

وبسبب زيادة أعداد الحجاج الروس، فقد طلب المفتون في 25 يوليو 2011 مساعدة الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفديف بزيادة المساحة التي خصصتها المملكة لحجاج فلاديكافكاز.

مسلمو روسيا وقضايا الأمة

تحتل قضية القدس مكانة بارزة لدى المسلمين في أرجاء العالم، وخاصة لدى مسلمي روسيا، وقد أثارت الولايات المتحدة الأمريكية غضبا عربيا وإسلاميا باعتبارها القدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال.

وهو ما جعل مفتي روسيا، رافيل عين الدين، يؤكد على أنه يجب أن تظل القدس مكانا مقدسا، وليس لدولة الاحتلال الحق في اغتصاب السلطة وتهويد المدينة المقدسة، وليس لها الحق في حرمان المسلمين من الصلاة في القدس.