الجمعة، 17 شوال 1445 ، 26 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

«العصبية القبلية».. دعوة جاهلية حذرت منها الشريعة الإسلامية 

community1-513x340
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - فريق التحرير:

اضافة اعلان

«دعوها فإنها منتنة» هكذا وصف النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التعصب المذموم الذي يدل على جاهلية مفرطة، تتنافى مع أَخْلَاق الإسلام ودعوته للوحدة والتآلف والترابط الذي قَالَ عنه تعالى: ‘‘واعتصموا بحبل الله جَمِيعَاً ولا تفرقوا‘‘، ورغم وجود وسائل الإعلام الدعوية والمساجد والندوات التي تحث على الأَخْلَاق، لكننا نفاجأ في كثير من الأوقات بهذه الآفة التي تضرب بعض مناطقنا وتتسبب في مشكلات لا حصر لها.

والتعصب، قد يكون سمة من سمات بعض الأَفْرَاد، الذين تغلب عليهم الحمية بالباطل لمجموعة أو فئة لمجرد قربهم منهم، أو معرفتهم لهم، دون النظر لعواقب تلك الأمور؛ لذلك عده العلماء جَمِيعَاً خلقاً ذميماً يخرج الإِنْسَان من دائرة العقل والاتزان إلى دوائر الغرائز المنفلتة.

وعليه قد يوصف صاحب هذا الخلق، بـ‘‘فاقد العقل‘‘ لأنه تنعدم لديه معايير الحق والعدل، فَضْلاً عن جره إلى الكذب والتدليس، والمبالغة والتهويل أو التهوين، إِضَافَة إلى السباب والتلاعن، والتباغض والتهاجر، بل الحرب والقتال.

لذا نهى الإسلام مُنْذُ نشأته عن التفاخر بين الناس، الذي يؤدي بهم إلى العصبية القبلية التي تؤدي إلى الشقاق والخلاف، والتفريق بين المجتمع الواحد، بل وتؤدي بهم إلى قطع أواصر الصلة والمحبة بينهم.

الإِسْلَامِ وسد الذرائع

يعلق على هذه القضية، الدكتور نهار العتيبي - عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء وعضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب - فيقول "جاء الإِسْلَامِ لسد كل الذرائع المفضية إلى التعصب القبلي المذموم، والفخر بالأحساب؛ فلا يزال الرجل يفخر ويُعَدِّدُ مآثر آبائه حتى يتعصب لذلك فيقع في ظلم الآخرين، ومما يفضي إِلَى التعصب القبلي كذلك الطعن في النسب، فالمطعون فيه قد يدفعه ذلك للتعصب المقيت، وهذان الأمْران محرمان في دين الإسلام، فعن أبي مالك الأشعري أن النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة‘‘. رواه مسلم.

وأَضَافَ العتيبي، الطعن في النسب له طريقان: نفيه، وإلحاق العيب بالقبيلة، وعن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عن النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "ثلاث لن تزال في أمتي: التفاخر في الأحساب، والنياحة، والأنواء" رواه أبو يعلى والضياء المقدِسي، فالحمد والذم يكون بما يقدمه المسلم لدينه، أو بسبب تقصيره في طاعة الله عَزَّ وَجَلَّ، لا بالنسب والانتماء للقبيلة فقط.

لا امتيازات في الإسلام

وَتَابَعَ عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء، أنه من مظاهر محاربة التعصب القبلي في الإِسْلَامِ، تقرير المساواة بين الناس، وعدم الاعتراف بالامتيازات الطبقية، أو النفوذ الموروث؛ فأساس التفاضل: التقوى والعمل الصالح؛ قَالَ تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وعن أبي نضرة قال: حدثني من سمع خطبة رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أَيَّام التشريق؛ فقال: "يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعَرَبِيّ على أعجمي، ولا لعجمي على عَرَبِيّ، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى "رواه أحمد وصححه الألباني.

وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقَالُوا: من يكلم فيها رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقَالُوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة، حب رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أتشفع في حد من حدود الله؟"، ثم قَامَ فخطب، وقال: "أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كَانُوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وَإِذَا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" متفق عليه.

التعصب مذموم

وبين العتيبي، أن الإسلام جاء لإِلْغَاء العصبية الجاهلية، والتحذير منها والنهي عنها؛ إذ ورد التحذير من ذلك في كثير من أحاديث النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منها قوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس منا من دَعَا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية"، وقوله: "ومن قاتل تحت راية عمية؛ يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل؛ فقتله جاهلية".

لا قداسة للأعراف القبلية

مِنْ جِهَتِه، يقول الشيخ عبدالعزيز الراشد مدير فرع الشؤون الإِسْلَامِيّة بمحافظة شقراء: "جاء الإسلام بإِلْغَاء كل مظاهر العبودية لغير الله؛ وحذر من تقديس الأعراف القبلية، والانْسِيَاق معها؛ لمجرد الهوى واجتماع الناس عليها، فالعبودية لله وحده؛  قَالَ تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".

لا تفاخر بالأنساب ولا تعاظم بالأجداد

وأَضَافَ، كما أكَّدَ الإِسْلَام على النهي عن الطعن في الأنساب، وعن التفاخر والتعاظم بالآباء والأجداد، والمآثر والأمجاد؛  قَالَ رسول صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حَتَّى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغى أحد على أحد".

 دعوة منتنة

 وَتَابَعَ الراشد قَائِلاً: "بل سمى الرسول صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلك العصبية القبلية بـ"المنتنة" ففي الصحيحين عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ"؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنْ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ".

التعارف وليس التفاخر

وذكر، إن الله تعالى قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، فالله لما أخبر بأنه جعلنا شعوباً وقبائل ذكر في الآية نفسها ثلاثة أمور تمنعنا من التفاخر بالقبيلة والعصبية لها، الأول: "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" فالناس كلهم لآدم، فبأي منطق يفخر بعضنا على بعض والأصل واحد؟!!، والثَّانِي: "لتعارفوا" وليس "لتفاخروا"، والثالث: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فصرَّح بالمعيار الذي يكونُ به التفاضل؛ ليس النسبَ ولا القبيلة، وإنما الإيمان والتقوى".

الدَّاخِلِيَّة بالمرصاد

وكان المتحدث الأمني بوزارة الدَّاخِلِيَّة اللواء منصور التركي، قد صَرَّحَ مساء أمس الأربعاء، أن الجهات المختصة لاحظت قيام بعض من لهم علاقة بأطراف القضية، باستغلال مواقع التواصل الاجْتِمَاعِيّ في الترويج للأكاذيب والمبالغات حول ملابساتها؛ بهدف إثارة الفتنة والنعرات القبلية، هذا الأمْر دفع ببعضهم للتواجد بشكل مخالف أمام مقر إمارة المنطقة.

وأَضَافَ، تَمَكَّنَت الجهات الأمنية من تحديد الأشْخَاص المتورطين في التحريض والإثارة وترويج الشائعات، بما فيهم الشخص الذي قَامَ بإنشاء "وسم" (هاشتاغ) على أحد مواقع التواصل الاجْتِمَاعِيّ لذلك الغرض، وبلغ عددهم حتى الآن 24 شَخْصَاً، وقد تم القبض عليهم، ويجري العمل على استجلاء كافة الحقائق عن أدوارهم وأهدافهم، فيما تستمر المتابعة للقبض على كل من يتبين تورطه في أنشطتهم بأي شكل من الأشكال.

وأَوْضَحَ اللواء التركي أن الجرائم التي تضمنها بيانا وزارة الداخلية حول الأشْخَاص المقبوض عليهم هي جرائم مرتبطة بمواقع التواصل الاجْتِمَاعِيّ ولها مخالفات صريحة لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

وَأَشَارَ إلى أن جرائم المتهمين قد تتعدى نظام الجرائم المعلوماتية إلى مواد أخرى ستكشف عنها التحقيقات الْجَارِية والأدلة التي تتوفر على كل متهم من المتهمين المقبوض عليهم.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook