السبت، 18 شوال 1445 ، 27 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

خطيب الحرم المكي: قتل المصلين وترويع الآمنين وتفجير المساجد من أعظم الغدر

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - واس:

قال إمام وخطيب المسجد الحرام، فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب، إن الوفاء صفة جميلة وخلق كريم، فهو الإخلاص الذي لا غدر فيه ولا خيانة، وهو البذل والعطاء بلا حدود، والجمال أن نعيش هذه السجية بكل جوارحنا وبكل ما نملك من صدق لا زيف فيه ولا نفاق، والصداقات التي يرعاها الوفاء هي الصداقة الحقة، حيث تذكّر الــود، والمحافظة على العـهـد.

اضافة اعلان

وقال فضيلته في الخطبة التي ألقاها في المسجد الحرام اليوم: الوفاء ديانة ومروءة وهو من شيم الكرام ومجمع الأخلاق الفاضلة، فالتقوى والوفاء والصدق والكرم والمروءة صفات متلازمة تزيد نور الوجه وترفع الذكر وتُعظِمُ الأجر وتسعد القلب، والوفاء الحق لا يأتي إلا من قلبٍ طاهر، تدفعه النية الطيبة وهو صفة من صفات الله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتُلُون ويُقتَلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله).

وأضاف أن الوفاء من صفة الأنبياء قال تعالى: (وَإبراهيم الَّذِي وَفَّى), وقال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْد وكان رسولاً نبياً)، والوفاء من سمات الإيمان, قال تعالى: (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا)، وهو من صفات المتقين ومن أعظم أسباب تحصيل التقوى قال تعالى: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)، وسبيل إلى أعلى الدرجات قال تعالى: (وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً).

وبيّن فضيلته أن الآيات التي تتحدث عن الوفاء تزيد على عشرين آية, وجميع الآيات التي ورد فيها لفظ العهد والميثاق تدل على ذلك بالمنطوق أو بالمفهوم, والسُنة العملية للنبي صلى الله على وسلم وأصحابِه هي أظهر شاهد على ذلك.

كما بّين فضيلة إمام السجد الحرام, أن أعظم الوفاء هو الوفاء بحق الله تعالى قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ), (وَبِعَهْدِ اللَّه ِأَوْفُوا)، وقال ابن جرير رحمه الله: "وعهده إياهم أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة", وأن الوالدين أحق الناس بالوفاء، خاصة مع الحاجة وكبر السّن قال تعالى: (إما يبلغن عندك الكبرَ أَحَدُهُمَا أوكِلَاهُمَا فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً)، وفي التعامل مع الخلق قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود).

وأضاف فضيلته وفي الحياة الأسرية يجب أن يكون الوفاء حاضراً في كل الأحوال، فأكبر عهد بين إنسانين هو ميثاق الزواج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوج) رواه البخاري، والله تعالى يقول: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً).

وبيّن إمام المسجد الحرام, إذا كان الوفاء من خصال الإيمان والتقوى، فإن الخيانة والغدر من خصال النفاق والفجور، عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً، من إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها)، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه صرف ولا عدل).

وأردف الدكتور آل طالب قائلاً: إن من أعظم الغدر قتل المصلين وترويع الآمنين وتفجير المساجد، قال تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يُذكَرَ فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذاب عظيم)، نعوذ بالله من الخذلان، ومن مسالك الشيطان، ووطنوا أنفسكم على ما أمر به دينكم من الحال الجميل، والخلق النبيل، وإن من الوفاء لمن أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، وهدانا به وأرشدنا: كثرة الصلاة والسلام على رسول الله.

وأوضح إمام المسجد الحرام أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الذي جمع العظمةَ من أطرافها، ما مِنَ العظماء أحدٌ إلا وله جوانبُ من حياته يحرص على سترها، وكتمانِ أمرها، ويخشى أن يطلع الناس على خبرها، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي كشف حياته للناس جميعاً، فكانت كتاباً مفتوحاً، ليس فيه صفحةٌ مطبقة، ولا سطرٌ مطموس، يقرأ فيه من شاء ما شاء وهو وحده الذي أذن لأصحابه أن يذيعوا عنه كلما كان منه ويبلغوه، فرووا كل ما رأوا من أحواله، حتى رووا كلَّ شيء.

وأضاف فضيلته ومن أخلاقه العظيمة وشمائله الكريمة، التي نقلها عنه أصحابه: خلقُ الوفاء والوفاء بمعناه الواسع: القيام بالحقوق، وجزاء الإحسان، ورعاية الود، وحفظ العهد وقد بلغ في ذلك كلِّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المبلغَ الأعظم، فما وراءه غاية، ولا مثلُه أحد.

وقال كان من خلقه الوفاء لربه: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعبدَ الناس، وفى لربه مقامات العبودية، كما وفى إبراهيم عليه السلام فقال الله فيه: (وإبراهيم الذي وفّى) كان يقول: والله إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطرَ رجلاه، قالت عائشة: يا رسول الله، أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال يا عائشة: أفلا أكون عبداً شكوراً وكان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرة.

وبيّن "آل طالب" أهمية قيام الإنسان بحقوق والديه وإحسانُه إليهما، وبرُه بهما، كما ربياه صغيراً من أعظم الوفاء، ويعظم هذا حال كبرهما وضعفهما، أما بعد موتهما: فالدعاء لهما والصدقة عنهما، خلقه صلى الله عليه وسلم الوفاء روى مسلم عن أبي هريرة قال زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت.

وقال إمام المسجد الحرام: إنه كان خلقه صلى الله عليه وسلم الوفاء لزوجاته، وخير الناس خيرهم لأهله: قالت عائشة: ما غِرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غِرت على خديجة، وما رأيتُها! ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءَ ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد، ويقول: إني رزقت حبها.

وأردف قائلاً ومن خلقه عليه الصلاة والسلام: الوفاء مع الأصهار والأرحام أوصى بأهل مصرَ خيراً، عن أبي ذر قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ. فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إلى أَهْلِهَا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً، أَوْ قَالَ ذِمَّةً وَصِهْراً".

وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام: وكان من خلقه صلى الله عليه وسلم الوفاء لأصحابه فقد ونهى عن سبهم ورفع قدرهم، وأعلى شأنهم، وخص الصديق من بينهم إذ كان صاحبَه في الغار فقد قال عليه الصلاة والسلام: إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبتَ وقال أبو بكر صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي - مرتين - قال أبو الدرداء: فما أوذي أبو بكر بعدها.

وأشار فضيلته إلى وفاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حيث بلَّغهم البلاغ المبين وتركهم على المحجة الواضحة قال تعالى: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) كان يترك الكثير من العمل خوفَ المشقة عليهم، لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم.. ولفعلت وفعلت.

وفي المدينة المنورة، تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة اليوم, عن أهمية الأمن للمجتمع والأسباب التي يتحقق بها وقال: "أيها الناس اذكروا ما أسبغ الله عليكم وما أتاكم من النعم، وما دفع عنكم من النقم، فما أكرم الله سبحانه وما أعظم جوده وما أوسع رحمته، وما أحكم تشريعه, فمن رحمته أنه شرع للعباد كل ما ينفعهم ويسعدهم ويحييهم به الحياة الطيبة الآمنة, فشرع للعباد الأسباب التي يتحقق بها الأمن والطمأنينة والسكينة والحياة الكريمة, قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ), والأمن هو سور الإسلام الذي يتحصن به المسلمون ويصدون عنهم عدوان المفسدين وبغي الباغين, وأهل الإسلام يحرسون هذا السور من معاول الهدم ويحافظون عليه من التصدع والانهيار لما جعل الله في بقائه من حفظ الدين والدماء والأعراض والأموال.

وبين فضيلته أن الأمن قرين الإيمان وعدل الإسلام, والأمن هو الطمأنينة على الدين وعلى النفس والأعراض والأموال والممتلكات.

وأوضح فضيلته أن التشريع الإسلامي جاء لضمان الأمن للمسلم في حياته وبعد مماته ليحيا حياة طيبة آمنة كما قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ), مشيراً إلى أن التوحيد لرب العالمين أول الواجبات فمن حقق التوحيد أثابه الله بالأمن والهداية، وحفظه من عقوبات الشرك في الدنيا ومن الخزي والخوف في الآخرة.

وذكر فضيلته في خطبته أن من أسباب الأمن عمل المسلم بتشريع الإسلام؛ لأن التشريع الإسلامي يضمن حقوق الله تعالى وحقوق العباد، ويزجر عن الإثم والبغي والظلم والعدوان مستدلاً بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا, ولا يبع بعضكم على بيع بعض, وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخ المسلم, لا يظلمه, ولا يخذله, ولا يكذبه, ولا يحقره, التقوى هاهنا ـ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ـ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم, كل المسلم على المسلم حرام, دمه وماله وعرضه).

ومضى فضيلته قائلاً: "إن من أسباب الأمن حماية المجتمع من المفسدين والمخربين والمجرمين والمعتدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتوجيه والإرشاد والتعليم، والتحذير من البدع والخرافات، والخروج عن جماعة المسلمين وإمامهم، والرفع للسلطان عن أهل الزيغ والفساد؛ لردعهم عن الفساد في الأرض بما قررت الشريعة السمحة فالظالم المعتدي يكفّ شره بما يمنعه عن الظلم والعدوان".

وختم إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، فضيلة الشيخ علي الحذيفي خطبته قائلاً: إن الأمن قد أحاطته الشريعة بسياج من الحفظ والرعاية والعناية والقوة؛ لأن الله تبارك وتعالى أناط به منافع الناس الدينية والدنيوية، فإذا اعتدى أحد على الأمن أقام السلطان عليه الحد، فالعقوبة هي لوقاية المجتمع من شر المعتدين والمفسدين على الأمة.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook