الجمعة، 17 شوال 1445 ، 26 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

خطبتا الجمعة بالمسجدين الحرام والنبوي للحجاج: اغتنموا الفرصة لتجديد العهد مع الله

الحج - الكعبة -- الجمعة
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل- واس

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور بندر بليلة المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن وطاعته وعدم عصيانه سبحانه.

اضافة اعلان

وقال بليلة في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام،: "ها هو ذا موسِمُ الحجِّ قد فاحت أنسامُه، ولاحت أعلامُه، وهاؤُمْ أُولاءِ ضُيوفُ الرحمنِ قد وُفِّقوا لامتثال الأوامر، فخرجوا (رجالا وعلى كل ضامر) قد سَلكُوا سبيلَ الهُدى والرَّشاد، ونالوا الهَنا والمُراد، وعونُ اللهِ لهم مُؤازِرْ" .

وأضاف، أن ركنُ الإسلامِ العظيم، وجَمْعُهُ الفَخِيم ورحلةٌ قُدْسية، ونَفحةٌ أُنْسِيَّة، عبادةً وتقوىً وذِكرا، وصَفاءً وبِرًّا وطُهرا، فيه تجديدُ الصِّلة بالخَلاَّق، وتأكيدُ العهدِ والميثاق، وهو من أجَلِّ العبادات وأفضِلها، وأرفعِ الطاعاتِ وأحْفَلِها، وكَفاهُ أنه مُكَفِّرٌ للذنوبِ وجزاؤهُ الجنة، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "من حج لله فلم يرفُث ولم يَفسُق رجع كيوم ولدتُه أُمُّه" وقال عليه الصلاة والسلام: "الحجُّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" (أخرجهما البخاريُّ ومسلم)، وسُئل عليه الصلاةُ والسلام: "أيُّ العملِ أفضل؟" فقال: "إيمانٌ بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهادُ في سبيل الله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "حجٌ مبرور" (أخرجه مسلم)، والحجُّ المبرورُ هو الذي وُفِّيَتْ أحكامُهُ ولا معصيةَ فيه.

 

تحقيقُ التوحيدِ وتجريدُهُ لله تعالى

وأوضح أنَّ مَن تَلَمَّحَ العباداتِ بعين التَّفَهُّمِ عَلِمَ أنها مُلازَمَةُ رَسْمٍ يَدُلُّ على باطنٍ مقصودُهُ تزكيةُ النَّفْس، وإصلاحُ القلب، وتعليقُه بالرب، والحجُّ واحدٌ منها؛ فإنه مَملوءٌ بالدروس الرائعة، والحِكم النافعة، إلا أنَّ فِئامًا من الناس قد غاب عنهم ذلك، فأمْسَكوا الظواهر، وضيَّعوا الجواهر!، وإنَّ أهَمَّ دُروسِ الحجِ وحِكَمِه: تحقيقُ التوحيدِ وتجريدُهُ لله تعالى، فالبيتُ الحرامُ قد أُقيم على التوحيد، وأُسِّس على الهُدى، بَناه أبو الأنبياء، وإمامُ الحُنفاء إبراهيمُ عليه السلام، وأُمِر في ذلك ألا يُشركَ بالله، بأن يُخلِصَ لله عملَه، ويُقيمَ البيتَ على اسم الله، قال سبحانه "وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئًا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود" وكان يدعو حين بنائه قائلا: "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك".

وأشار الدكتور بليلة إلى أن أعمال الحجِّ ووظائفُهُ مَبْنيةٌ على التوحيد، مُرَسِّخةٌ له، ذُلاً لله وخُضوعا، وتوكُّلاً عليه وخُشوعا، وإفرادًا له سبحانه بالعبادة دون مَن سواه فالمسلمُ لا يتوجه إلا إلى الله وحدَه، لا يجوزُ له أن يدعوَ غيرَه أو يتوسلَ به، أو يُنزِل به حوائجَه، أو يصرفَ عملاً ظاهرًا أو باطنًا لغير مولاهُ عزوجل.

وأكد أن في الحج تخليةٌ للنفس من الرذائل، وتربيةٌ لها على الفضائل، تربيةٌ على التقوى، وترويضٌ على الطاعة، وتنشئة على حُسْنِ التعامُلِ وجميلِ الأخلاق "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولافسوق ولاجدال في الحج".

في الحج يتجلَّى مَشهَدُ الوَحدةِ الإسلامية، والأُخوةِ الإيمانية

وأضاف أنه في الحج يتجلَّى مَشهَدُ الوَحدةِ الإسلامية، والأُخوةِ الإيمانية، وذاك أَمْرُ ربِّنا تعالى بقوله (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) (إنما المؤمنون إخوة) ونبيه صلى الله عليه وسلم هو القائلُ في حَجة الوداع ( إن ربَّكم واحد، وأباكم واحد، ألا لا فضلَ لعربي على عَجَمي، ولا لعَجَمي على عربي، ولا لأسودَ على أحمر، ولا لأحمرَ على أسودَ إلا بالتقوى) أخرجه الإمامُ أحمد.

ألا ما أحوجَ المسلمين إلى وِعايةِ هذا الدرسِ العظيم، ورعايةِ ذاك المقصَدِ الكريم، فينبُذُوا من حياتهم أسبابَ الفُرقةِ والاختلافِ، ويَسعَوا سَعيَهم نحو التعاونِ والاجتماعِ والائتلاف، مُستجيبين لنداء إمامِهم محمدٍ صل الله عليه وسلم (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يَبِعْ بعضُكُم على بيع بعض، وكونوا عبادَ الله إخوانا) أخرجه البخاريُّ ومسلم.

وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: لقد فضَّل اللهُ تعالى بعضَ الأزمنةِ على بعض، وجعلها مَحَلاً للطاعات، وميدانًا للعبادات؛ رحمةً منه وفَضلا، وحِكمةً وعَدلا ، وعمَّا قريبٍ تنزِل بِسَاحِنا أيامُ عشرِ ذي الحجة، أيامٌ عَظَّم اللهُ أمرَها، ورَفع على الأيام قَدرها، وأقْسَم بها في كتابه الكريم؛ فقال سبحانه (والفجر وليال عشر) ، والعملُ الصالحُ فيها أفضلُ منه في سائر العام، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم (ما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام، يعني أيامَ العشر) قالوا: (ولا الجهادُ في سبيل الله؟) قال: (ولا الجهادُ في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) أخرجه البخاري، وفي رواية للإمام أحمد: (فأكثِروا فيهن من التهليلِ والتكبيرِ والتحميد). ودعا فضيلته في ختام خطبتة إلى الأخذ من هذا الخيرِ الوافر، والفيضِ الغامر، وإعمار هذه الأيامَ المباركاتِ بالطاعة والعملِ الرشيد، والاكثار فيهن من التهليلِ والتكبيرِ والتحميد.

منزلة البلد الأمين حاضنة البيت العتيق

وفي المدينة المنورة، تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان عن منزلة مكة المكرمة البلد الأمين، حاضنة البيت العتيق قبلة المسلمين، ومدينة رسول الهدى، مأرز الإيمان ومهاجر خاتم الأنبياء والمرسلين، مبيناً فضلها ومكانتها وشرفها وحرمتها عند الله وفي قلوب المسلمين.

واستهل البعيجان الخطبة بحمد الله عز وجل سبحانه وتعالى والحثّ على تقواه ولزوم طاعته وعباداته، مبيناً أن الله تعالى يختار للفضل محلاً و مكاناً, كما يختار له وقتاً وزماناً، وأهلاً وأعوانا، وقد فضّل في الأرض بعض البقاع، فكانت أشرف البلدان والأصقاع، فجعل مكة مهبط الوحي، وقبلة المسلمين، وأم القرى، والبلد الأمين، والمسجد الحرام، ومنسك الحج، ومهوى أفئدة المؤمنين، فقال تعالى: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ".

وأوضح الشيخ البعيجان أن الله شرع الحج إليها, وأمر نبيه إبراهيم عليه السلام بالنداء، فقال تعالى: "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ، ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ".

وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: يا معاشر الحجاج لقد أنفقتم المال، وصرفتم الأوقات، وبذلتم الجهد والطاقات، وخضتم غمار التعب والمشقة، وجئتم إلى أفضل وأشرف مكان، فأروا الله في أنفسكم خيرًا، اغتنموا الفرصة لتجديد العهد مع الله، وأخلصوا النية، واجتهدوا في طاعة الله، وأبشروا فالله أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، ولا يضيع أجر من أحسن عملاً، فمن حج ولم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه.

وأضاف: هنيئاً لكم معشر الحجاج فقد وقفتم للإقبال والتوجه إلى الله، وقصده وحده لا شريك له، وقد اختاركم الله لتلبية النداء، وإجابة الدعاء، فأخلصوا النية وأحسنوا الأداء.

المدينة درع منيع وحصن رفيع

وتحدث الشيخ البعيجان عن المدينة النبوية مبيناً أنها مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومأرز الإيمان، وهي حرم ما بين لابتيها من عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً.

وقال إن المدينة درع منيع، وحصن رفيع، وهي كالكير تنفي خبثها وينصع طيِّبُبها، و"لا يكيد أهل المدينة أحدٌ، إلا انماع كما ينماع الملح في الماء"، فاقدروا للمكان قدره، واعرفوا حرمته، واستشعروا فضله.

وحث معاشر المؤمنين على اغتنام الفرصة في مواسم الخير والطاعات فقال: إنكم في الأشهر الحرم، وفي موسم الحج، وبين أيديكم عشر ذي الحجة، التي أقسم الله بها فقال (والفَجرِ وليَالٍ عَشر)، وهي أفضل الأيام، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم" أفضل أيام الدنيا أيامُ العشرِ، عَشرِ ذي الحجة"، كما أن الشارع قد نهى عن إزالة الشعر والأظافر بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، والنهي عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق، أو تقصير، أو نتف، أو إحراق.

واختتم الشيخ البعيجان الخطبة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من هذِه الأيَّامِ العشرِ فأكثروا فيهنَّ منَ التَّهليلِ والتَّحميدِ والتسبيح والتَّكبيرِ).

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook