تواصل - فريق التحرير:

في الحديث الذي رواه أسامة بن زيد رضي الله عنهما، يقول: "قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم"، رواه النسائي.

وهذا الحديث يحمل العديد من المعاني الطيبة التي يجب على المسلم أن يقتدي فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم خلال شهر شعبان، الشهر الذي يسبق رمضان مباشرة، وهو ما يمكن اعتباره خير استعداد لشهر الصوم.

اقرأ أيضًا:

“31 يومًا قبل قدومه”.. 10 نصائح لضمان صوم مقبول في رمضان

القيمة الأولى - الإكثار من الصيام

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر ما يصوم من صيام النافلة في شهر شعبان، تقول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صيامًا منه في شعبان"، رواه البخاري ومسلم.

وهذا ما يمكن اعتباره تجرية عملية لشهر رمضان، فالمسلم عندما يكثر من صيامه في شهر شعبان، فإنه بذلك يتهيأ نفسيًا وروحيًا لقدوم شهر رمضان، وكأنه يقول له: أنا في انتظارك أيها الشهر الحامل للخيرات، حتى قبل أن تأتي، وأنا عازم على ألا أضيع أجرك، ولا أتركك تمر دون أن أستزيد فيك من كل وجوه الخير والطاعات.

فأقبل من الآن على الاستعداد لرمضان، وأكثر ما استطعت من الصيام في شعبان، فلم يمر منه سوى يومين فقط، ولازال أمامك متسع للصيام فيه، واستعن على صيامه، بدعوة أسرتك لتشاركك الصيام، فإن ذلك من أكثر ما يحفز الشخص على الصيام، في ظل مشاعر إيمانية مترابطة بين أهل البيت الواحد.

القيمة الثانية - الانتباه وعدم الغفلة

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عندما يسئل عن كثرة صيامه في شعبان، بأن ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهي دعوة لكل مسلم للانتباه والتيقظ، فتلك أيام خير وبركة، وعليه ألا يفوت أجرها ولا يحرم خيرها.

والمسلم مأمور في كل أحواله أن يكون منتبهًا، وأن يكون على درجة كبيرة من الاستعداد وشحذ الطاقات، وأن يشمر عن ساعديه، فالوقت وقت عبادة، لاوقت خمول وكسل، لا وقت قعود عن العمل، فانتبه أيها الغافل، واستيقظ من غفلتك، حتى إذا ما أقدمت على رمضان كنت في كامل لياقتك الروحية والعبادية.

اقرأ أيضًا:

30 يومًا على رمضان.. طرق تهيئة الأطفال لاستقبال الشهر الكريم

القيمة الثالثة - شهر تُرفع فيه الأعمال

في شهر شعبان ترفع أعمال الخلائق إلى الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في نص الحديث يحب أن يُرفع عمله وهو صائم.

قال ابن القيم: ونظير هذا أيضًا رفع الأعمال وعرضها على الله، فإن عمل العام يرفع في شعبان، كما أخبر به الصادق المصدوق أنه شهر ترفع فيه الأعمال، قال: "فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ".

ويعرض عمل الأُسبوع يوم الاثنين والخميس، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويعرض عمل اليوم في آخره والليلة في آخرها، كما في حديث أبي موسى الذي رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل"..

فهذا الرفع والعرض اليومي أخص من العرض يوم الاثنين والخميس، والعرض فيها أخص من العرض في شعبان، ثم إذا انقضى الأجل رفع العمل كله وعرض على الله وطويت الصحف، وهذا عرض آخر. اهـ.