الجمعة، 17 شوال 1445 ، 26 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

أيها الملك الهمام الحازم

صفوان ناجي الطنطاوي
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
  أيها الملك الحازم.. قد شهرت سيفَك في وجه الظلم فلا ترده إلى غِمده قبل أن تقطع رقابَ الظالمين وتريح الأمةَ من فرعون ورهطه الذين نشروا الفوضى في البلاد، وأعملوا في حواضرها تدميراً وتخريباً، فأحلوا الدماءَ وهتكوا الأعراضَ وأنبتوا الفسادَ تلو الفساد، فيالهول ما صورته عدسات المراسلين ويالكبر ما سطرته أقلام الكاتبين مما صغرت أمامه أفعالُ التتار الهائجين الذين اجتاحوا العالم المتحضر، وداسوا بحوافر خيولهم البيداء والجرداء والخضراء فأهلكوا الزرعَ والنَّسل، وأسالوا أنهارَ الدماء، وسودوا مياه دجلة والفرات بأحبار الكتب والمصنفات، وأطفؤوا شعلةَ الثقافة والحضارة لعشرات السنين بعد أن ظلت تنير بلاد المسلمين مئات السنين. أيها الملك الحازم.. قد طال زمان القهر فاقطعه، وانتشر وباء الظلم فحاصِره، ولا تُبقي للمجرمين منفذاً، ولا تدع للقاتلين سبيلاً، وتوكل على القوي العزيز الذي وعد عباده المؤمنين بالنصر، وتوعّد الكافرين المجرمين بالهزيمة والذل، ولا يغرنك كثرة الخبيث، ولا تفزعنك الجيوش الجرارة، والأسلحة الفتاكة للطغاة الجبارين الذين شاء الله أن يقودوا البشرية في هذا القرن، ولكن فوق كل ذي علم عليم، وفوق كل ذي قوة قوي متين لا تغمض له عين، ولا يعصي أمره مخلوق. أيها الملك الحازم... لقد صدئت أعين الباكين من طول سني الألم فاغسلها بطهور الحرية الندي، وتجعدت وجوه الصابرين قهراً فاشددها ببلسم الأمان، واصقلها بطلاء المحبة والاطمئنان، فإن للألم فوهات تنفث نيران الحقد والكره، وللصبر حدوداً لا تنفع معها شفاعة الشافعين ولا حيلة المصلحين. أيها الملك الحازم... لقد جمع الشيطان جموعه من كل حدب وصوب، وسلح نفوسهم بالكفر والجحود، وسواعدهم بخناجر الذل والخيانة، فاجمع جموع المؤمنين من كل قطر ومصر، وسلح نفوسهم بالإيمان المانع، وسواعدهم بالقاطع اللامع، واحمل بهم ومعهم حملة صاعقة،  حملة تنزع رؤوس الظالمين، وتفرق جثثهم فوق كل عشب وتحت كل سقف مقهورين ملعونين لا يألم عليهم صبي، ولا يترحم عليهم تقي إلى عدل الملك الواحد القهار يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله. أيها الملك الحازم.. لقد قرب موسم الحصاد، وآن أوان القطاف، فانشر عمالك في حقول الحاصدين، ووزع رجالك بين أشجار الغارسين فقد يبس الحب في سنبله، وذبلت الثمار على أغصانها، فإن لم تبادر إلى الحصاد، وتسعى إلى القطاف، فستحرق نار الشاعلين سنابلَ الخير حتى لا يبقى طعام للآكلين وستنزع أيادي الشر جذور الحياة، فلا يبقى على الأرض قلب يخفق ولا روح تنبض، فالسباق السباق إلى الجنان، والرضاء الرضاء بقدر الله فإن مع العسر يسراً، ومن ينصر الله ينصره ويثبت أقدامه، ومن يخن الله ورسوله ويقعد عن الجهاد يستبدل به الله من يؤمن به حق الإيمان. أيها الملك الحازم... لقد تداعت الأمم علينا كما تداعى الأكَلة على قصعتها، ليس من قلة، ولكننا غثاء كغثاء السيل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنجدة النجدة يا أمة الإسلام، والعون العون يا عباد الله فإن الفرقة أوقعت ضعافنا بين مخالب الوحوش الكاسرة، وإن الذئب ليثب على المتفرد من القطيع، وإن البطر ليبطش بالرجال القاهرين، وإن الفساد ليهلك الأمم كما يهلك الوباء البشر، وإن الدين ليحمي الحمى كما يحمي السور القلعة، وإن الوعي وعاء الشاردين، والعلم سلاح السائدين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.    
اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook