الجمعة، 17 شوال 1445 ، 26 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

التراث والتطبيقات المعاصرة

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

التراث الحضاري للمسلمين في غاية الثراء والقوة, ويكفي أن هذا التراث هو الذي ارتقى بالعرب, وانتقل بهم من مجرد رعاةً للغنم يقتل بعضهم بعضا, إلى سادة العالم , يُنظر إليهم نظرة إعجاب وتقدير, ويُنقل عنهم الكثير من المعارف والعلوم.

اضافة اعلان

لقد بذل الآباء والأجداد جهدا خارقا , في شتى المجالات: الفقهية الدينية, والعلمية الدنيوية, وسادوا في المجالين معا! وهو سر تقدم الأمّة حينذاك, إذ استغنت عن استيراد حلول مشاكلها من الخارج, بل بذلوا جهودهم لتكون المعالجة من بنات أفكارهم, فاحتاج العالم إلى ما بين أيديهم.

وبحق, وعلى مدار التاريخ, نفتخر بهذا التراث الحضاري بشقّيه الديني والدنيوي, الذي خلّفه لنا الرعيل والجيل الأول لهذه الأمة, وأية محاولة للتقليل من قيمته أو فصم الأمة عنه, هي محاولة من شأنها أن تزيد الأمة تأخرا واضطرابا, لأن هذا التراث يشكّل منصة الانطلاق إلى التقدم الحضاري.

والمشكل الذي تعانيه الأمة, ومنذ بزوغ عصر الصحوة الإسلامية, والتفات المسلمين إلى أهمية الدين في عملية الانطلاق للتقدم - في شتى مجالاته - أنها تعاني من ازدواجية في التعامل مع ذلك التراث الحافل! بين مغالٍ في الأخذ منه, وجافٍ في هجره ونكرانه.

فوجد من الأمة من ينكر عليها تراثها, والعودة إلى جذورها الفكرية والعلمية للاستفادة منه, في حاضرها ومستقبلها, والبناء عليه في سعيها للنهضة الحضارية, كما وُجد من يتشبث بهذا التراث ويرى فيه الكفاية عن الاجتهاد وإعمال العقل والفكر مجددا, فيما يستجد من نوازل.

ولقد كان بعض رواد المشروع الإسلامي, من هذا الفريق الثاني الذي يقف تماما عند حدود التراث, خاصة في مجاله الفكري, مع التقديس الذي يحرمه من نقده أو تجاوزه, فتحجرت أمامه سبل الاجتهاد, ولم يعد يرى إلا الأخذ من أطروحات السابقين ليعالج قضايا الواقع.

لقد اجتهد السلف الصالح في حل قضاياهم, وما يستجد لهم من مشكلات حياتية فوجدنا, على سبيل المثال: الإمام الجويني يطرح في كتابه "غياث الأمم في التياث الظلم" اجتهادا فقهيا, في حال غياب الخليفة والإمام الذي يسوس المسلمين, فيضع لها حلا علميا.

إن رواد المشروع الإسلامي بحاجة إلى التمييز بين الثابت والمتغير, في التعاطي مع هذا التراث الزاخر , فينزلوا الثابت منزلته ويتعاملوا مع المتغير بما يستحقه!

ومن ثم تُفتح أمامهم سبل الاجتهاد في شتى مجالات الحياة, إذ من الظلم لهذا التراث أن نستدعيه ليحل لنا كافة إشكاليات القرن 21.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook