الجمعة، 17 شوال 1445 ، 26 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

(الكفن مريول والمدارس قبر)

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

اليوم هو السبت , التاريخ 23/12/1432هـ , المدينة جدة عروس الغربية , المكان : مدارس براعم الوطن الأهلية , الحدث لا يمكن تحمله ولا تجاوز حزنه بسهولة , ليس اعتراضاً على قضاء الله وقدره , ولكن رحمة بتلك البراعم الصغيرة التي لن تنسى هذا المشهد طوال حياتها التعليمية , وحزناً على موت المعلمات رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته .اضافة اعلان
وبينما نحن نتابع بحرقة وألم هذا الحادث , يفجعنا حادث آخر في حائل وتكون حصيلته (12 طالبة جامعية) , وهذه الحادثتين لم تكن الأولى , فقبل ما يقارب الـ 9 سنوات حصل حريق في مدرسة للبنات بمكة المكرمة راح ضحيته 15 . ووقع حادث آخر بعدها بعامين في مدرسة "أم سلمة الإبتدائية لتحفيظ القرآن" في حي المنصور بمكة نتيجة التماس كهربائي في أحد المكيفات وتسبب في إصابة 22 طالبة بحالات إغماء وأختناق نتيجة التدافع والزحام واستنشاق الدخان المتصاعد من الحريق .
وتطالعنا الصحف اليومية بأخبار المدارس الآيلة للسقوط , والمدارس المستأجرة والمدارس التي تعاني من غزو الثعابين أو الحيوانات المفترسة . أو حوادث الطرقات التي تغيب البسمات وتدفن البراءة , وكلها أخبار تمر مرور الغمام , فلا عين ترى ,ولا أذن تسمع, ولا ضمير يقظ يقرأ السبب ويبحث عن المسبب , ويسبق حدوث الكوارث أو يمنع حدوثها.
 
مدارس تئن وتتوجع وتتألم , لو تحدثت الشقوق في جدرانها لقالت : يا مسئول من بين هذه الشقوق أقتاتت بطون عاشت على السرقات , وعلى تلك السبورة كتبت الطالبات والمعلمات (وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه) .
الحماية يا سيدي المسئول تشمل تقديم ما يليق بالطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات. وحمايتهم في مدارسهم , وفي وسائل نقلهم , وفي توفير البنية التحتية لهم .
 
حوادث سير على الطرقات ضحاياها من الطلبة والطالبات والمعلمين والمعلمات . والسبب في الغالب يعود لوعورة الطرق وسوء تخطيطها , بالإضافة للسرعة الزائدة التي تتسبب فيها تعاميم الوزارة وذلك بالتشديد على الحضور في موعد محدد والوقوف في الطابور الصباحي حتى في زمهرير الشتاء.
 وطريقة النظام التعليمي الذي لم يتغير ولم يتطور , والذي يجعل مواعيد حضور وانصراف الطلاب في نفس مواعيد وانصراف موظفي الدولة .
لنبدأ من الأساسات وهي المباني المدرسية , والسؤال هل تخضع هذه المباني لزيارات دورية من قبل الدفاع المدني للإطلاع على جاهزيتها وملائمتها وموافقتها لمعايير السلامة ؟
هل تتعاقد وزارة التربية والتعليم مع شركات صيانة تزور المدارس بشكل أسبوعي , تتفقد فيها التوصيلات الكهربائية , والسباكة وخزانات المياة وغرف التفتيش الصحي وغيرها من الأمور المهمة في أي مبنى .
هل ستستحدث الوزارة وظائف نسائية لآلاف العاطلات , ليكونوا عاملات إنقاذ ومسعفات في مدارس البنات بدلاً من التركيز على حصص الرياضة أو فريق كشافات للمشاركة في مواسم الحج ؟
أن يتوفر في المدرسة متدربات محترفات وإسعافيات هو من أقل حقوق الطالبات , فالطالبة التي تسقط أو تتعرض لحادث ما أو نوبة سكر أو ربو يتم اسعافها بيد معلمتها ويتم الاتصال بذويها لنقلها للمستشفى إن كانت الحالة خطيرة وإلى أن تصل للمستشفى تكون حالتها قد ازدادت سوءً .
هل ستعمل دورات وبرامج توعوية وإرشادية لتعليم الطالبات والمعلمات ومديرات المدارس أبجديات التعامل مع أي حادث مدرسي .
لا يوجد في أغلب المدارس أجراس إنذار الحريق , ولا يوجد فيها طفايات حريق وإن وجدت فهي للزينة فقط لأنهم لم يعلموهن كيفية استخدامها وقت الحاجة لا سمح الله .
 
أنابيب الغاز لو تم استبدالها بأفران كهربائية ستكون أكثر أماناً خصوصاً إن وجدت هذه الأفران صيانة بشكل دوري واهتمام .
 
بقي الشيء الأهم والمهم في المدارس سواءً ذكور أو إناث وهو سن تعاميم صارمة فيما يتعلق بالسلامة والتعامل مع الحوادث , وإن ركزنا على الإناث فهو ليس تجاهلاً للذكور ولا لأن الطلاب أفضل حالاً من الطالبات , بل لأنه في مدارس الأولاد يكون التعامل فيها سريع ومع الحدث , ولا ينتظر المعلم أو المدير وصول الدفاع المدني أو الاسعافات ليخلي المبنى , بعكس بعض مديرات المدارس التي تصر على إغلاق الأبواب والجلوس بانتظار المنقذ , وهذا خطأ كبير . فأول ما يتم عمله في أي كارثة مهما بدأت صغيرة هو عملية الإخلاء الفوري. ومن ثم يأتي عمل الدفاع المدني , لكن أن تحبس الطالبات وتغلق عليهن الأبواب ثم تنتظر الإنقاذ هذا تصرف غير مسئول وغير حكيم .
وهناك أمر في غاية السوء يلازم مدارسنا منذ قرن من الزمان , وهو أن مدارس زارة التربية والتعليم مختنقة بمن فيها , فبعض المدارس تعداد طالباتها 1000 طالبة فأكثر , لذلك لن يستطيع 70 مسعف في إسعاف كل هذا العدد المأهول , ولا قدر الله وحصل حريق أو هدم أو غرق , فإن هذا العدد الكبير يقتله التدافع والتزاحم على سلالم المدرسة التي تكون بعرض متر ونص أو مترين. وبمخرج واحد وهو الباب الرئيسي والوحيد للمدرسة فإن كان فيها أكثر من باب فالمفاتيح غير موجودة .
نأتي لحوادث السير المتكررة والتي يذهب ضحيتها الطلاب والطالبات , بعض المدارس تتشدد في مسألة الحضور والانصراف فإن حصل تأخير حصل معه عقاب وخصم درجات وتأنيب , وهذا يجعل قائدي المركبات في سباق مع الساعة , عين على الساعة وقدم على دواسة البنزين وتنتهي بكارثة .
 
المدارس أنشئت للتعليم وليس للتجنيد العسكري , فليس بالضرورة أن يكون هناك طابور صباحي , وليس هناك جدوى من الدراسة الساعة 6ونصف , أو السابعة , لماذا لا يكون هناك دراسة لتغيير مواعيد الحضور والإنصراف , مثلاً الحضور في العاشرة والإنصراف في الثالثة مساءً . وهو وقت يخالف مواقيت موظفي الدولة . ولن يكون فيه تجاوز سرعة أو زحام .
 
آن الآوان أن تفكر وزارة التربية بأمور تخدم التعليم في بلادي , لا أمور دعائية ومثالية لا نراها في الواقع .
فلو كنت طالبة في مدرسة فأني أرفض أن تصادر مديرة المدرسة قبعتي الشتوية لأن لونها مبهج , ولا أن تمنعني من إرتداء جاكيت بلون مخالف للأربعة ألوان التي حددتها , ولا أريد تجمع مني ومن غيري تبرعات لصندوق المدرسة كل عام لتجلب للمدرسة وايت ماء , أو تزين الجدران بأعلام خضراء .
فكل هذه من مهام الوزارة وليست من مهامي , لا أريد أن أكون معلمة تقرأ في اليوم أكثر من تعميم هذا ينصفها وهذا يحبطها , لا أريد أن أكون مديرة مدرسة أتحمل الإرث الكبير من الأخطاء التي تتركه لي المديرة السابقة وأورثه أنا للاحقة لأن الوزارة مهمتها التعميم وليس التنظيم .
لا نريد أن تحدث كارثة حتى نعرف أن هناك خلل ما , بل يجب أن نتعلم من جميع الأخطاء التي مضت , فإن كان التعليم من أهم مطالب هذه الحياة فالواجب توفير بيئات تعليمية للنهوض بالوطن والمواطن .

هذه مجرد أعمال روتينية تقوم بها وزارات التعليم في دول العالم الأول , ولا أظن أننا نفرق عنهم بشيء بل على العكس لدينا الوسائل والإمكانيات التي تحول مدارسنا من علب السردين إلى فضاء تعليمي رحب . ولدينا العقول التي تفكر وترسم وتخطط لمستقبل أفضل. فإن لم نجد تلك العقول إلى اليوم فنحن نضيع أوقاتنا في وزارة لا تسمن ولا تغني من جوع .

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook