السبت، 18 شوال 1445 ، 27 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

أطفالنا.. بين جنة الاهتمام أو لظى الإجرام!!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

نشرت الوطن الكويتية الأسبوع الفائت هذا الخبر: «تمخّض اختلاف خادمة مع ربة المنزل عن عمل إجرامي بشع تمثّل بسكب ماء مغلى على جسد مولودة لا تتجاوز عامها الأول مستغلة انشغال والدتها بالطابق العلوي في محاولة لقتل الطفلة وحرق قلب والدتها، وولت هاربة إلى سفارة بلادها تاركة المولودة الصغيرة تصارع الموت».

حادثة مؤلمة ضحيتها رضيعة لا تملك من أمرها شيئا. لا حول لها ولا قوة! ولا ذنب لها أن تواجدت في مكان يعجُّ بأحقاد الكبار وخلافاتهم وعدوانهم!

هذه القصة الحزينة تتكرر مرارا وتكرارا في مجتمعاتنا بل في العالم كله. أطفالٌ أبرياء يتعرضون لشتى صنوف الأذى والإساءة. ويذهبون ضحايا الإهمال والقسوة وظلم الكبار ووحشيتهم!

هنا لن أتحدث عن المجرم وراء تلك القصص التي تدمي الفؤاد، سواء كان سائقا أو خادمة أو أحد أفراد الأسرة أو الأقارب أو حتى فردا عابرا في المجتمع. وإنما الحديث سيكون عن ذلك الطفل الضعيف ودور الأم تجاهه. ومسؤوليتها العظيمة عن ذلك الإنسان القاصر المحتاج أقصى حدود الحاجة للرعاية والاهتمام.

وقد خصصت الأم تحديدا لأنها الركن الأول والرئيسي في حياة الطفل. والأهم والأبرز في عالمه.

فالأب غالبا ما تفرض عليه التزاماته وواجباته غيابا أو بعدا عن الأسرة بالعمل خارج المنزل. أما الأم فتبقى مهمتها الأولى داخل أسرتها فلا يمكن لبشر القيام بدورها كأم. بعكس عملها أو وظيفتها خارج بيتها والتي يمكن لأيّ كان أن يقوم مقامها!

وقد يعيش ملايين الأطفال في بقاع من العالم تعاني الفقر والأمّية والحروب وانتشار الأمراض وغيرها.. وهنا لا يملك الوالدان الكثير من العطاء أو الحماية التي يمكن أن يقدماهما لأطفالهما في بيئات قاسية وظروف قاهرة كهذه إلا بتدخل ومساعدة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية.

ولكن ماذا يمكن أن نقول عن الأوضاع الطبيعية المستقرة، والتي رغم ذلك يتعرض الطفل فيها للكثير من أشكال الإجرام والعنف؟ ماذا نقول عن أم تخلّت -غير مضطرة- عن أمانتها ودورها كأم وانساقت خلف شعارات التحرر والمساواة والمشاركة المجتمعية فأوكلت وظيفتها كأم لامرأة أخرى وخرجت هي للبحث عن وظيفة؟!!

قد تزعم كثيرٌ من الأمهات أنهن قادرات على التوفيق بين العمل الشاق خارجا والعمل الإنساني النبيل الواجب عليهن داخل محيط الأسرة، ولكن الواقع الذي نعيشه وما نشاهده اليوم من نتائج وإرهاصات تثبت كم أن الأمر صعب أو يكاد يكون مستحيلا! إلا في حال رضانا وتقبلنا لحقيقة أن حضانة الأطفال وتربيتهم انتقلت كليا أو جزئيا من أيدي الأمهات إلى أيدي الخدم والشوارع ووسائل الإعلام.. وبالتالي فهذا المستوى الذي يتراجع فيه النشء دينيا وعلميا وثقافيا وصحيا ليس إلا نتيجة حتمية للتفريط بالأمانة وتضييع الأولويات.

وقد تجتهد بعض الأمهات في تحقيق التوازن بين العمل والأسرة ومنح كلا الجانبين حقه فتكلّف نفسها من الأعباء والمتاعب ما يفوق طاقتها وقدرتها على التحمل، فينتهي الأمر بها مُنهكةً مُرهقة أضاعت الكثير من عمرها وسعادتها! خاصةً مع وجود بعض الأزواج ممن يتخاذلون عن مسؤوليتهم كاملةً تجاه أسرهم وأبنائهم أو ممن يرفضون تقديم بعض المساعدة للزوجة مقابل مساهمتها معه ماديا.

ومع ذلك فمهما كانت مصاعب الحياة ومشاغلها يبقى للطفل حقوقه التي لا يجوز الإخلال بها كحقه في المأوى والغذاء والأمن المعنوي والمادي وتقديم الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية له. والأهم من ذلك حفظ كرامته وحمايته من شتى أنواع الاستغلال والإيذاء والاعتداء النفسي والجسدي والجنسي.

إن تنشئة الطفل في جو يفيض بالعطاء والاهتمام والتوجيه المعتدل وإشباع احتياجاته الأساسية من الحب غير المشروط والحنان والثقة والحرية، كل ذلك

يسهم في تطور الطفل جسديا وعاطفيا وحسيا ونمو إمكاناته العقلية بصورة سليمة وبناء شخصية سويّة ناضجة.

أيها الوالدان، الطفل نعمة وهبها الرازق لكما فاعرفا له فضله، وأدّوا لتلك النعمة حقها فلا يدرك قيمتها إلا المحرومون منها.

لا أذاقكما الرحمن مرارة الحرمان.اضافة اعلان

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook