الثلاثاء، 09 رمضان 1445 ، 19 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

السينما.... الجُحر الذي لم ندخله!!

عبدالمجيد بن عبدالرحمن المهنا
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

في عام 1999م وتحديداً في ولاية كولورادو الأمريكية ارتكب مراهقان مجزرة عُرفت بمجزرة مدرسة كولومباين الثانوية راح ضحيتها 12 طالباً ومدرس واحد، المثير أن نتائج التحقيقات أظهرت بأن من أسباب ارتكابهما لهذه الجريمة هو تأثرهما بفيلم يُدعَى " قتَلة بالفطرة" (NBK) بالإضافة إلى أنه تم تسجيل 15 حادثة قتل كبرى على الأقل اعترف فيها مرتكبوها مباشرة -أو من خلال مذكراتهم- بتأثرهم بذات الفيلم! هذا فيلم واحد يُظهِر مدى تأثير السينما ودورها المباشر في التشجيع على جرائم الاعتداء والقتل وهو ما يُعرف بجرائم التقليد (Copycat Crime)، هذا في جانب الجريمة.

اضافة اعلان

ولو استعرضنا تأثير الأفلام السينمائية على العقائد لوجدنا، على سبيل المثال، أن من أهم الأدوات التي يستخدمها المروّجون لما يسمى بموجة الإلحاد الجديد هو السينما، فقد ذكر د.مالك الأحمد في مقال له بعنوان: (السينما والإلحاد) 19 أسلوباً ومنحًى تستخدمه السينما -وخصوصاً الأمريكية- للترويج للإلحاد ونبذ الأديان ليس هذا مجال بسطها، ومن أراد الاستزادة ممكن أن يرجع للمقال، أما في الجانب الأخلاقي فسأكتفي بصورة واحدة: كان من ضمن أهداف الإعلام الغربي وعلى رأسه شركات إنتاج‏ الأفلام السينمائية في السنوات الأخيرة الماضية؛ هو التطبيع على الشذوذ الجنسي حتى يصبح مقبولاً ومستساغاً عند شعوب العالم! وقد تحقق جزء كبير من الهدف!

هذه أمثلة ونماذج يسيرة عن مدى تأثير السينما على العقائد والأخلاق والأمن والقيم بشكل عام، وهذه النماذج ليست حالات خاصة بأفلام معينة، بل لا يكاد يخلو فيلم واحد من استهداف أحد الأعمدة الثلاث: العقائد، والأخلاق، والأمن، وأحياناً يتم استهدافها مجتمعة.

الغريب فعلاً أن وجود التأثير السلبي والخطير على المجتمع يكاد يكون محل اتفاق الجميع، مع هذا كله لا يزال هناك من يطالب بفتح دور سينما في بلاد سلمها الله من هذا الوباء لعدة عقود! ويحتج بحجج واهية، مثل: أن عندنا أبواب يدخل معها نفس المحتوى وهي القنوات الفضائية والإنترنت، فما المانع من باب جديد يكون وسيلة لترفيه الناس وتضييع أوقاتهم ونكون مثل باقي المجتمعات؟!

فهل من الدين والعقل والمنطق أن نسمح بفتح باب جديد لدخول منتج ثبتت خطورته بحجة وجود أبواب أخرى يدخل معها نفس الشر!! أليس الأولى هو العمل على إيقاف الشر أو تخفيفه وتحجيمه في الأبواب المفتوحة؟! أضف إلى ذلك أن مشاهدتها في الصالات يجعلها منكراً ظاهرا ومجاهرة بالمعصية.

ويرى آخرون أن هناك أفلاماً وثائقية وتاريخية وعلمية يمكن عرضها في صالات السينما، والجواب: هل سيدفع المستثمر ملايين الريالات في بناء صالات سينما ليعرض فيها فيلم وثائقي أو علمي؟ وهل سيشتري الناس تذاكر ويدخلون الصالات لمشاهدة أفلام وثائقية!!

وأخيراً، يقول بعضهم: بأننا قادرون على إنتاج‏ أفلام محلية تنافس الوافد الغربي تحمل قيمنا وتحمل جانب ترفيهي منضبط، فأقول وللأسف الشديد أن تجربة المؤسسات الإعلامية تقول عكس ذلك، عندما سنحت الفرصة لمؤسسات عربية إعلامية كان دورها في الغالب مكمل للرسالة التي تستهدفنا في ديننا وأخلاقنا، فبثت العهر والانحلال، وروجت له، وتبنت الشبهات التي تشكك الناس في ثوابتها ومقدساتها ورموزها، وأعلنت العداء على الصالحين والمصلحين، وتكاتفت من أجل تشويه سمعتهم وإسقاط مكانتهم من قلوب الناس، وفي الجانب السياسي أصبحت أذرعاً إعلامية للأعداء في المنطقة، تسوق لمشاريعهم وتتبنى مواقفهم وتهاجم من يخالفهم.

ما أوسع فضاءات الترفيه المباح، فلا تُصرُّوا على إدخالنا في جُحر الضبّ في كل مرة.

عبدالمجيد بن عبدالرحمن المهنا

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook