الجمعة، 17 شوال 1445 ، 26 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الطابور

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

وقف في الطابور للحصول على رقم في مختبر المستشفى بأدب إسلامي يرتجي الأجر من الله بانتظار دوره، فجأة وجد من يقفز أمام الجميع بخفة جسم وكثافة في قلة الذوق ويمد يده أمام وجوه الجميع بابتسامة تقتل البقية ليبتسم له صديقه في النافذة ويناوله ما يريد.

اضافة اعلان

فقال بصوت يسمعه الجميع: ولكني حضرت مبكراً جداً ولم أجد قبلي سوى اثنين. كل ذلك طمعاً في انتهاء أخذ تحليلي مبكراً لأتناول دوائي في موعده.

فنظر إليه الموظف بغيظ قائلاً: هذا حضر قبل الجميع ولكنه ذهب للحمام

فقال أحد الاثنين اللذين حضرا مبكراً: مَن قال ذلك؟!

رد الرجل الأول: من فضلك قف معنا في الطابور وعد لدورك وإلا لن نسامحك لا أنت ولا الموظف فالتعدي على حق الغير في الطابور وغيره هو إيذاء وصفه الله بأنه بهتان وأثم مبين (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) ومنع هذا التعدي هو من إماطة الأذى عن الطريق الذي هو علامة من علامات الإيمان.

هل نعلم بهذا الكنز الذي يجب أن نتسابق للحصول عليه؟ إنه كنز أخلاقي قائم على العبودية الخالصة لله فتجاوز حق الآخرين لا يجوز في أي مكان سواء المساجد أو غيرها هيا نقرأ هذا الحديث: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏) من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له) يشرح الشيخ عبدالكريم الخضير- حفظه الله - هذا الحديث: يعني هو أحق به من غيره، جئت إلى المسجد ولم تجد أحداً لك الحق أن تجلس في أي مكان تريد، وليس لأحد كائنا من كان أن يأمرك بأن تقوم من هذا المكان أبدا، إذ إنك سبقت في الأمور العامة المُشاعة إلى ما لم تسبق إليه. ومثل هذا في المباحات، في البراري، مثلا: سبقت إلى الكلأ، سبقت إلى الماء، سبقت إلى الأمور العامة، إذا كان هذا في المباحات فمن باب أولى في مواطن العبادة، ولذا قال الله - جل وعلا - في بيته الحرام (سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ)،  العاكف المقيم الملازم للمسجد المجاور يستوي هو والبادي الذي يأتي ليؤدي فرض واحد ويرجع سواء. يعني: كونك تعتدي على شخص جالس في أي مكان من المسجد الحرام أو غيره من المساجد؛ لكن الأمر فيه أشد لأنه سمّاه إلحاداً، تعتدي عليه وتأمره أن يقوم ؟ لا، هذا إلحاد، فليحذر الإخوة الذي يحجزون أماكن ويضيّقون على الناس. ما دمت قد سبقت إلى المكان المذكور فأنت أحق به، ولا يحق للإمام أو غيره أن يزيحك عنه إلا برضاك قال ابن قدامة في المغني: وليس له أن يقيم إنساناً ويجلس في موضعه سواء كان المكان راتباً لشخص يجلس فيه أو موضع حلقة لمن يحدث فيها أو حلقة للفقهاء يتذاكرون فيها أو لم يكن لما روى ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل يعني أخاه من مقعده ويجلس فيه. متفق عليه،

وهذه قاعدة من القواعد الفقهية الشرعية:(من تعجل حقه أو ما أبيح له قبل وقته على وجه محرم عوقب بحرمانه) ومعناها: أن من أجازت له الشريعة شيئاً في وقتٍ معين ثم تباطأ هذا الوقت وطال عليه الأمد، وحاول استعجاله بطرقٍ ملتوية محرمة، فإنه حينئذٍ يعاقب بحرمانه من ما هو مباحٍ له ويحال بينه وبين حقه، معاملةً له بنقيض قصده جزاءً وفاقاً، فكما أنه توسل للمشروع بوسائل محرمة تعجلاً منه للحصول على مقصودة المستحق له فإنه يعاقب بالحرمان منه، وهذا هو العدل، فإن هذا الحق الذي جعل صاحبه يقع في الحرام من أجل استعجاله لا خير فيه، وحقه أن يمنع منه، وهذه القاعدة العظيمة تمثل جانباً من جوانب السياسة الشرعية في القمع وسد الذرائع؛ ولأن فعل ذلك الشخص الذي أراد الوصول إلى حقه بطرقٍ محرمة يُعَدُّ تحايلاً على الشرع من جانبٍ آخر، فعنده بليتان:أحدهما: أنه وقع في المحرم استعجالاً لحقه. الثانية: أنه تحايل على الشرع.

الآن هل سنقف في الطابور ونحن نخاف الله أو نخاف الناس وهل سنخالفه لضرورة قصوى أم لرغبة خاصة؟

كم مرة خالفت النظام في الطابور؟

كم مرة قدمت في الطابور محتاجاً حقيقياً على دورك؟

أكمل الأسئلة الخاصة بالطابور الذي وقفت أو ستقف فيه.

كتبته: د.حياة بنت سعيد باأخضر

أستاذ مشارك جامعة أم القرى

 
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook