الجمعة، 17 شوال 1445 ، 26 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

سرحية الهجوم على العريفي

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
يبدو أن مقالة الأستاذ مفرّح الجابري الإحصائية " هل عجزت أقلامهم أم ماذا ؟ " ، والتي كشف بها للجميع كذب دعوى الوطنيّة لدى الكثير من كتّاب الصحافة قد أصابتهم في مقتل ، وكوّمتهم جميعهم في زاوية ضيّقة ، وجعلتهم آية للسائلين والمنغرّين بهم وبما يكتبون ، فكانت ثورة حنين المشئومة هي الفصل الأكثر إثارة في... مسرحية "الليبراليّة الموشومة" والتي كشفت كمّاً هائلاً من التناقضات والادعاءات التي ينطوي عليها كاتب النص ، والمخرج ، والممثلون ، بل وعدد لا بأس به من المصفقين والنظّارة في هذه المسرحية ! هذه المقالة التي ينبغي تكريم كاتبها الكريم ، على ذكائه ، وموضوعيّته ، وحسن توقيته ، جعلت هذا التيار المدّعي لليبرالية ينتقل من خط الهجوم إلى خانة الدفاع عن نفسه ، وأظهرت لنا كميّة "الهياط" الذي يتمتع بها بعض هؤلاء الكتاب (مقالة الرطيّان أنموذجاً) . أصبحوا جميعهم (أو أكثرهم) محشورين في خانة ضيقة مكتوب في أعلاها ( أو أسفلها) "متواطئون ضد الوطن" ، وقد أحزنهم كثيرا انتقالهم _ بفضل الله ورحمته _ من كونهم مهاجمين ، يتندرون بلحية هذا ، وبمقالة ذاك ، وبطريقة الثالث ، إلى كونهم مجرّد مدافعين عن أنفسهم من تهمة الخيانة ! ويبدو أنهم عندما ضاقوا بتلك الكلمات والخطب والمقالات التي صنعت من مقالة الأستاذ الجابري سهاما ، وراحت تنوشهم بها في خواصرهم ، قرروا أن يعودوا إلى خط الهجوم ، بنفس الطريقة "الخاشقجية" القديمة ، وهي الهجوم على واحد من هؤلاء المشايخ ، وعادة يكون واحدا يحمل لهم هجاؤه الكثير ، ليس لكلامه بالضرورة ضرر كبير عليهم ، ولكن في نهش لحمه فائدة متيقنة ، والله يعلم ما يبيّتون ، فأخذ كبيرهم الذي علّمهم المكر يبعث على إيميلاتهم بمقطع للشيخ العريفي _ كشف عن هذا الكاتب عبد الله الشريف _، ففهم من فهم منهم بالتلميح وصُرّح لبطيء الفهم بأن الدور قد جاء (أو عاد) على الشيخ العريفي ، كما مرّ بالشيخ اللحيدان والبراك والأحمد والمنجد والشثري ...الخ الذي أحب أن أقوله وأكرره أن الهجوم على الشيخ العريفي إنما هو محاولة للخروج من مأزق مقالة الجابري ويبدو أن هذه الفكرة المضحكة قد نضجت في رؤوس بعضهم ، فجاء بأضحوكة الرفع للقضاء ! وكأنه سيخرج سالما معافى إن وصلت الأمور إلى ساحات المحاكم ، وما درى أنه يدخل نفسه في دوّامة ستذهب ببقيّة باقية من ملكة الهجوم المكثف والانسحاب العشوائي التي باتت أهم ما يميّز بعض كتّاب ورؤساء تحرير صحفنا المحلية . اطلعت على غالبية ما كتبته الصحافة ضد الشيخ العريفي فلم أستغرب تلك اللغة الهابطة جدا وذلك النواح والتطبير ، فالشيء من معدنه لا يستغرب ، ولكن الذي لفت نظري حقيقة ما كتبه " يوسف المحيميد " لأنه بصدق جاوز القنطرة ، ووصل بلغته إلى مستوى شوارعي بحت ! لذلك فلي معه وقفة مطولة نوعا ما .. أستعرض فيها آخر أعماله الوطنية جدا ! لأني دائما أكره الذين يتحدثون بالوطنية وعن الوطنية ومن خلال الوطنية وهم أبعد الناس عن كل ما يشرّف الوطن . يوسف المحيميد هذا كاتب مقالات ، وقصص ، وروايات ، وخواطر ... ولا أدري ما تخبئه لنا الأيام من مواهب هذا الأعجوبة ، قرأت مقالته في الرد أو في شتم الشيخ العريفي فعرفت مستوى عقله ، وبأنه كهل برقم مراهق ، وقد علّمته الكتابة غير المسئولة _ في زعمهم _ وأعني بها الكتابة الروائية والتي يتنصلون دائما من مغبات ما يكتبون فيها بزعم أنهم يتحدثون على لسان شخصيات رواياتهم ، فهذا "تركي الحمد" يتعدى على الرب سبحانه بعبارته السيئة ثم يتنصل من عواقب ذلك الكلام الكفري بأنه إنما أتى به على لسان "هشام العابر" أحد شخصيات روايته .. أقول إن الكتابة الروائية علّمت يوسف المحيميد كيف يقول القول الشنيع الفظيع ثم لا يخشى أن يسائله أحد عنه ، فكتب عن الشيخ العريفي وهو بأثر روايته سيئة الذكر " الحمام لا يطير في بريدة " فكان كلامه متهافتا ، سيئا ، خياليا ، تماما كأنه يكتب فصلا من تلك الرواية .. وبما أن الوطن شكل مساحة لا بأس بها من مقالته الهجومية ، فباسم الوطن طعن في الشيخ ، ووصفه بأنه سفير للحقد والكراهية فدعونا ننظر إلى الوطن الذي يريد أن يراه على أرض الواقع من خلال روايته الأخيرة . طبعت رواية " الحمام لا يطير في بريدة " في عام 2009 ثلاث طبعات ، مما يجعلني أتحدث عنها دون الخوف من عمل دعاية لها ، فهي قد انتشرت بشكل واسع نوعا ما ، رواية من ثلاثمئة وستين صفحة ، تصلح أن تكون موسوعة لكل ألفاظ وأفكار وخيالات البذاءة ، تكلم فيها عن العلاقات المحرمة بصورة فيها من الدعوة إلى الحرام ما فيها ، وأثنى على الغزل وما هو أشد من الغزل ، ودعا فيها تصريحا وتلميحا إلى الخيانة الزوجية ، وإلى الخروج عن طاعة الأب ، ووصف فيها خروج البنات مع الشباب لممارسة الرذيلة في الشقق المفروشة وبين المزارع المظلمة ليلا ، وظهرت فيها نزعات شاذة كثيرة تتكثف عندما يهم بوصف وجه امرأة ما ، فلا يجد شيئا يجعلها به مثيرة للشهوة غير وصفه بأنه وجه غلام ، أوصبي ، أو وجه طفولي !! ثم يصب جام بذاءته وكذبه وتزييفه عندما يترع هذه الرواية السيئة بأوصاف خيالية لأهل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأئمة المساجد والرقاة بل وحتى الأطباء الملتزمين فلا يدع نقيصة إلا وألصقها بهم .. فالرواية باختصار سيئة إلى أبعد ما يكون ، ماثل بها أو جاوز ما تنطوي عليه روايات عبده خال من تجاوزات معهودة ، ويبدو أن حلم "البوكر" أصاب ديناصورات الرواية لدينا بحالة من الهوس الجنسي الكتابي ، فصاروا يتفننون في وصف حتى أدق تفاصيل الأمور التي لا يذكرها شخص يستحي على ذاته وعلى سمعته .. ولو انتقلنا _من باب الاستطراد _ إلى الجانب الفني المحض ، فلن تجد في هذه الرواية أيّة تماسك من أيّ نوع ، بل هي مفككة الحبكة حد البعثرة ، فلم يخضع في كتابتها للحبكة التاريخية المرتبة ، ولا استعان بتقنية الفلاش باك للتراجع الضوئي والعودة إلى الوراء ، بل وزّعها إلى سبعة وستين فصلا ، في كل فصل يتنقل إلى أكثر من زمن روائي ، فيتعب القارئ ويكد ذهنه بتلك التنقلات الخالية من الفنية في أكثرها . ثم يلحظ القارئ أن جميع شخصيات الرواية باهتة شفافة جدا ، بما فيهم البطل " فهد " صحيح أنه عزف على وتر البعد النفسي في إضاءة بعض بواطن بطله ، ثم عندما أراد الكشف عن النواحي الجسدية اختصرها في الأمور التي تبعث على الشهوة في نظره ( الشنب الأحمر وأعمدة الخيام !!!) وكل من قرأ الرواية يعلم جيدا ماذا تعني عبارات من مثل " عمود الخيمة ، الحيوان ، المجنون ...الخ ، وهي بالمناسبة عبارات جنسية صرفة بالنسبة لقاموسه الروائي . زمان الرواية كحبكته ، مفكك بطريقة مذهلة ، يثبت أن الكاتب لا يعرف أهمية أن يستمتع القارئ بالرواية ، فالجزء الأهم من الرواية هو أن تستمتع ، ثم بعد ذلك ومن خلال تيارات المتعة القرائية أدخل ما شئت من غرائبك الفكرية أيها المحيميد ، أما أن تنزع عن الرواية عنصر المتعة ثم تريد منا أن نجاهد جهادا عظيما لمعرفة تفاصيل روايتك وفصولها الزمنية ، فأنت بهذا تكلفنا فوق ما دفعناه من مال ، شيئا من طاقتنا الذهنية ، دون مقابل .. أما ما ترشو به المراهقين من مناظر فاضحة فإن أصغر مراهق يستطيع أن يستعيض عنها بنقرة زر على جهازه الحاسوب إن كانت هذه الأمور تهمه ، عصم الله شباب المسلمين عن مثل هذه الانحرافات. وإذا أتينا للحدث ، فلا وجود للحدث بمعناه الروائي ، بل هي قصاصات حكائية ملصقة هكذا ، دون حرص على التصاعد السردي ، ولا وجود لعقدة ولا للحظة تنوير ، فالذي يشد القارئ عند قراءته للرواية هو الحدث المتصاعد ، أما أن تأتي رواية عبارة عن أوصاف ، ورص أسماء ، وحكاية أشياء مبعثرة غير مترابطة ، فهذا ترهّل سردي لا علاقة له بالرواية كفن . أخّرت الحديث عن المكان لنضحك معه قليلا ، أخونا يوسف المحيميد يفهم عنصر المكان في الرواية فهما مغلوطا ، منكوسا ، منكوشا بالسين والشين على التوالي ! ، فقد فهم أو أفهم أن عليه أن يتحول عند الكتابة الروائية إلى "قوقل إيرث" آخر ، فيدعّم روايته بشيء قريب من الكروكيات ، والأشكال التوضيحية والخرائط في مادتي العلوم والجغرافيا ، تصوّروا أنه إن أراد أن يصف المكان الذي واعدت فيه "طرفة" فهدا _ وهما البطلان العاشقان_ في إحدى أسواق الرياض ، فإنه يستعين بثلاثين اسما : لشوارع ومحلات وإشارات وكافيات ومحطات حتى يشعر القارئ بحقيقة المكان ، هذه فوضى .. هذا هراء .. بصدق الرواية تصلح أن تكون مرجعا مكانيا لمدينة الرياض ، فلم يدع مطعما ولا محلا ولا سوقا ولا شارعا ولا زقاقا إلا سماه ووصفه وبينه ومحصه وكأنه ينوي أن يتقدم بروايته إلى فرع وزارة الشؤون البلدية والقروية بالرياض لنيل وظيفة مساح عام ؟ هذا ما يظهر .. أختم كلامي عن هذه الرواية بأني لو كنت سأتمنى شيئا بعد قراءتي لها لكان نسيانها تماما ، لا لأستمتع بقراءتها مرة أخرى ، بل لأنسى ذلك الغثيان الذي أصابني جراء الوصف الدقيق لبعض ما يخجل من ذكره الكتاب المحترمون ، فقد قرأت وقرأ غيري لكتاب روس وإنجليز وأمريكان نصارى ويهود وبلا دين أيضا .. روايات لم نجد فيها عشر معشار ما نجده في رواية واحدة للمحيميد ، أو عبده خال ، أو غيرهم ، والعجيب أن نبرة الجنس والفحش والشذوذ تتعالى طردا مع كل رواية ، فقد قرأت للمحيميد " القارورة" فاستبشعتها ، فلما قرأت رواية الحمام لا يطير.. وجدت أن القارورة كانت غاية في الحشمة والحياء مقارنة بهذه الساقطة جدا . بقي أن نتساءل: أمثل هذا الكاتب المتهالك فنيا وخلقيا يصلح أن يكون خصما للشيخ العريفي ؟ هذا الذي يتفيهق في إحدى اللقاءات معه بأن كتاب " هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه ، من أهم الكتب العشرة التي غيرت حياته ! مع أن أهمية هذا الكتاب لدى قارئي الفلسفة تتلخص في إعلان مؤلفه المجنون فكرة موت الله ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون .. والسؤال: عن ماهيّة التغيير الذي سيضيفه كتاب يدشن فيه صاحبه فكرة موت الرب على عقل مثل يوسف المحيميد .. ثم ما هو أثر هذه الفكرة في رواياته التي يكثر فيها من السخرية بالدين والقرآن ، (خذ مثالا : يتحسر البطل في الرواية على أن صوت فيروز قد تلاشى من البيت ليحل عوضا عنه صوت الشيخ الحذيفي تاليا سورة الكهف !! والراوي يذكر هذا على سبيل التأييد) درجة حادّة من الانحراف .. أليس كذلك ؟ كيف سقطت ليبراليتنا السعودية _ الساقطة أصلا_ باختيار يوسف المحيميد ليكون ضمن الترسانة المخصصة لنقل هذا التيار من الدفاع إلى الهجوم ؟ أما لقيت الليبرالية السعودية ممسحة أنظف من يوسف المحيميد لتمسح بها آثار وسخها الذي وصفه الدكتور العريفي بجدارة وشرحه شرحا وافيا.. أخيرا : أحبتي دعوكم من مسرحية هجومهم على العريفي ، فلن يضروه شيئا بإذن الله ، فهو الأسد في براثنه ، والآن عودوا إلى مواقعكم ، فأنتم الأعلون . اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook