تواصل – فريق التحرير:

يخفى على الكثيرين، أن عقود الإذعان التي يحررها طرف دون تدخل الطرف الآخر في مجالات حياتية هي عقود معتبرة، وتخضع للقواعد القانونية، ويحق للقضاء التدخل لتخفيف بنودها متى ما ثبت وجود تعسف.

كيف تثبت أمام القضاء الضرر الواقع عليك في عقود الإذعان؟

ولمعرفة كيف يثبت الشخص أمام القضاء، الضرر الواقع عليه في عقود الإذعان، أوضح خبراء القانون، أن عقود الإذعان صيغة من صيغ إبرام العقود تعتمد على استخدام نموذج للعقد يعده أحد طرفي العلاقة التعاقدية بصورة منفردة ويعرضه على الطرف الآخر الذي ليس له إلا الموافقة كما هو أو رفضه دون أن يغيره أو يفاوضه فيه، حسب "عكاظ".

جزء كبير من هذه العقود تنطوي على مخاطر كبيرة

وأضاف الخبراء أن أفضل مثال على عقود الإذعان، هو عقود التمويل والتوظيف، فالجهات التمويلية تقدم عقداً جاهزاً مُصاغاً لصالحها، وكذا الحال عقود التوظيف، وليس للطرف إلا القبول بالعقد كما هو أو رفضه، مؤكدين أن جزء كبير من هذه العقود تنطوي على مخاطر كبيرة وشروط تعسفية وعدم توازن وعدم تكافؤ، فنجد كفة الميزان التعاقدية تميل للطرف الذي صاغ العقد، فهي علاقة غير متكافئة بين طرف قوي يفرض شروطه، وآخر ضعيف عليه أن يقبل العقود كما هي دون أن يحق له تغييرها أو التفاوض بشأنها، أما الأحكام القانونية المترتبة على عقود الإذعان، فيكون للطرف المذعن المتضرر حق المطالبة بتخفيف الشروط المتعسفة.

بطلان كل شرط يخالف أحكام نظام العمل في المملكة

وأكد القانونيون، أن نظام العمل والعمال في المملكة نص في المادة 8، على أنه "يبطل كل شرط يخالف أحكام هذا النظام، ويبطل كل إبراء، أو مصالحة عن الحقوق الناشئة للعامل بموجب هذا النظام، أثناء سريان عقد العمل، ما لم يكن أكثر فائدة للعامل"، وعلى ذلك، فللقاضي الحق في تعديل الشروط التعسفية أو إعفاء الطرف المُذعَن من الالتزامات الناتجة عن العقد الذي يحمل طابع التعسف ويلحق خسارة كبيرة بالطرف المُذعَن ويعرضه لإرهاق كبير أثناء تنفيذ العقد، وأن القاضي له رد الالتزام المرهق إلى القدر المعقول، أو وقف تنفيذ الالتزام بعد التأكد من ثبوت التعسف، وسلطة القاضي هنا ليست مطلقة بل هي مقيدة بمراعاة روح العدالة والإنصاف لرفع الضرر عن المتضرر وعدم الإضرار بالطرف الآخر.

المملكة لم تصدر نصوصًا خاصة تنظم عقد الإذعان.. والأمر متروك للقضاء

وأشار الخبراء إلى أن المملكة لم تصدر نصوصًا خاصة تنظم عقد الإذعان، إلا أن قواعد وأحكام الشريعة تتناول العقد وكيفية حماية أطرافه، مؤكدين أن القضاء يحق له التدخل لبسط سلطته التقديرية في فض أي تشابك في عقود الإذعان طبقاً للقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار".

للمتضرر حق المطالبة بتخفيف أي شروط تعسفية

وبين المتخصصون، أن من شروط عقود الإذعان أن يكون محل العقد منافع أو سلعاً يكون الناس بحاجة إليها ولا يكون لهم غنى عنها، كالكهرباء، والماء، والهاتف، والغاز، مشيرين إلى أن عقد الإذعان غالباً ما يكون مكتوباً بصفة مسبقة، والطرف القوي في عقد الإذعان غالباً ما يكون محتكراً للسلعة أو الخدمة، وإذا تم التوقيع على العقد المذعن من قبل الطرف الثاني المتعاقد - المذعن إليه - فإن ذلك يعتبر رضاء منه بكافة بنود العقد ولا يمكنه التنصل منها، ولكن يكون له حق المطالبة بتخفيف هذه الشروط المتعسفة التي تصب فقط في مصلحة الطرف الأول الأقوى.