الأربعاء، 29 شوال 1445 ، 08 مايو 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

لماذا يسيء الأطفال السلوك (٢)

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

في المقال السابق تحدثنا عن الأسباب التي على إثرها قد يسيء الطفل السلوك، اليوم سنتعرض بحول الله بعض العوامل المعينة لضبط السلوك، والتي إن تم التركيز عليها وتوليتها العناية والاهتمام، سيصلح الوضع بعون الله.

اضافة اعلان

العامل الأول: العلاقة الإيجابية والمقصود بها علاقة المربي بالطفل، هل هي قوية؟ يعرف تمامًا ما الذي يثير الطفل فيغضب؟ وكيف يهدأ؟ وهنا تلميحات سريعة لكيفية زيادة عمق العلاقة: • ملف الطفل: في عالم الروضة من الأسباب التي قد تساعد كثيرًا في فهم الطفل هو اطلاع المعلمة على ملف الطفل، والذي من المفترض أنه يحتوي على أسئلة تخص شخصيته يتم تعبئتها من قبَل الأم. • قضاء الوقت النوعي مع الطفل: والمعني به، أن يقضي المربي مع الطفل بممارسة نشاط هادئ، كالتلوين أو ألعاب التركيب، وأثناء ممارستهما، يفعّل المربي الحوار اللطيف، فيحاور الطفل رغبة في معرفة مكنوناته. كأن يسأله: ماذا تحب أن تفعل في المنزل عند شعورك بالملل؟ من أكثر شخص قريب منك من أهلك؟ على أن تؤخذ هذه الأمور بعين الاعتبار وتدون ليحصّل المربي ذخيرة تعينه لفهم الطفل أكثر. • سماع رأي الطفل: ومما كنتُ أفعله مع صغاري في الروضة بشكل أسبوعين، هو إتاحة الوقت لسماع رأيهم حول أمور متفرقة عشوائية، كأن أعرض عليهم شمعة وأخبرهم بأن رائحة الكرز هي الرائحة المفضلة لدي، ماذا عنك يا خالد؟ ويا محمد؟ ويا لسعادتهم وهم يتقافزون منتظرين دورهم ليجيب كل واحد منهم بأمور لا علاقة لها بالدرس.

وبعد أن قَويت علاقة المربي بالطفل، حان وقت السعي لتقوية علاقة الطفل بأقرانه، وأيسر الطرق لذلك، من خلال اختيار الألعاب الجماعية التي يتطلب فوزها لأن يعملوا جماعة، وما أكثر الألعاب من هذا النوع. من الأفكار التي جربتها، هي فكرة الأمور المشتركة بين الأطفال، مثلًا من يبدأ اسمه بحرف الألف؟ أحمد وأريج وأسماء، أو من يتشابه في الطول أو اللون المفضل، وكنا نعلقها في اللوحة، ليتذكروا بأن ثمة أمور تجمعهم فتزيد علاقتهم ببعض.

العامل الثاني: الاعتناء باللغة ولعلنا أسهبنا الكلام حوله في مقال سابق "عبد الباسط.. مبسوط!" إلا أنه تجدر الإشارة بأنه ما من أمر سيتغير ما لم يمتلك الطفل لغة يعبر عنها ويتفاعل عبرها. فباللغة يستطيع الطفل تفسير ما فعله من سلوك مثلًا، لمَ ضرب صاحبه؟ أو يشرح لك سبب رفضه القيام بأمر ما.

العامل الثالث: رفع مستوى المهارات الأكاديمية مُناسبة المهارات الأكاديمية مدعاة لضبط سلوك الطفل، أحد أسباب إساءة الطفل للسلوك هو بقاء المربي على ذات مستوى المهارات، حتى مع إتقان الطفل لها، فإن المربي لا يسعى للتجديد. فتجد الطفل يسيء السلوك وكأنه يقول: إني أعرف كل ما تقول فلمَ أنصت لك كل يوم؟ والأجدر بالمربي أن يمتلك خطة واضحة فيبدأ بالمهارات الدنيا ويرتفع بطلبته شيئًا فشيئًا، فمن الملاحظة يبدأ مثلًا وحتى يصل لمستوى الاستنتاج والتحليل.

العامل الرابع: التواصل مع الأهالي جزء كبير من حل الكثير من المشاكل السلوكية هو إشراك الأهل في دائرة الإصلاح، وذلك بإطلاعهم على ما يحدث في الفصل. ومما كنا نفعله هو الاجتماع الدوري الثنائي مع المعلمة وأم الطفل، حتى الطفل الذي لم يُحدث سلوكًا مشينًا، إذ أن الاجتماع ضروري لمعرفة الأم وجهة نظر المعلمة بنقاط القوة في الطفل فتقويها بتشجيعه. ثم الاجتماع الجماعي لجميع أمهات الفصل الواحد، تناقش فيه المعلمة أهدافها، وما تتوقعه منهن بشكل خاص. والحقيقة أن تعاون الأمهات مع المعلمة كفيل بتسريع تحسين السلوك.

العامل الخامس: الاستمتاع بالمألوف هل شعرت بالحماس يومًا فأسرفت في الوعود؟ ثم انطفأت في أيام أُخر فطُولبت بذاك النشاط والحماس! هذا ما يحدث مع الصغار، إنهم على ما اعتادوا، فإذا كان إلف المربي معهم هو إغداقهم بالنشاط تلو النشاط، فسيكون من الغريب أن يقضوا وقتًا بدون أدوات! لأن التسلية مرتبطة عندهم بوجود أدوات. أحد الأمور التي ساعدت أطفالي لتجاوز هذا الأمر هو تخصيص وقت ثابت في اليوم، يلعبون فيه بدون أدوات، فتجدهم ينشدون، يتخيلون، يضحكون، يتحدثون، أو قد يتأملون ويصمتون. فمن الصحي جدًا هو تكرار النشاط الواحد على الأطفال وعدم اعتيادهم على وجود شيء جديد كل يوم، وهذا لعمري يبطئ من شعورهم بالبطر!

نهاية، الحق الذي ينبغي أن يُقال، بأن هناك أطفال مُتعبين، والتعامل معهم بشكل يومي مرهق جدًا، أضف إلى ذلك بأن الأم تواجه طفلها في المنزل، بينما المعلمة مضطرة للتعامل معه وسط ٢٤ أو ٣٠ طفل كحد أقصى! فيزيد الضغط النفسي، ووجدتُ المخرج في: التقبل. أن تتقبل الطفل كما هو، بسلوكه المشين، بحركاته الفوضوية، بعصبيته الممقوتة! التقبل لا يعني بأنك متفق مع الشخص الآخر، لكنك تتقبله كما هو، وهو أول خطوات تعديل السلوك وضبطه، وكلما تقرّبت منه ودنوت لقلبه، أنصتَ لك.. والتوصية الأبدية: استعن بالله ولا تعجز!

  اقرأ أيضًا:  

لماذا يسيء الأطفال السلوك (١)

 

إيناس حسين مليباري جامعة الملك عبد العزيز| مركز الطفولة [email protected]

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook