تواصل - فريق التحرير:
تتطلب الحياة الزوجية الحكمة والصبر والأناة والأمانة، من كلا الزوجين، فليست الأيام على وتيرة واحدة من السعادة، وإنما تتقلب بين حال وحال، وكما قال الشاعر.
طُبِعَـتْ علـى كَــدَرٍ وأنــت تريـدهـا ** صـفــواً مـــن الأقـــذاءِ والأكـــدارِ
ومـكـلِّـفُ الأيَّـــامِ ضــــدَّ طـبـاعـهـا ** متطـلِّـبٌ فــي الـمــاءِ جَـــذوةَ نـــارِ
ويؤكد الخبراء على أهمية التغاضي والأناة والصبر والأمانة، على ملمات الحياة، لتعبر سفينة الحياة الزوجية إلى بر الأمان.
وفي هذا السياق، أوضحت المستشارة الأسرية منيرة السكران، أن الأمانة أساس العلاقة الزوجية فيما يعد إفشاء السر خيانة لهذه الأمانة، لذا يجب توعية الطرفين بمخاطرها.

خطر إفشاء الأسرار
وأضافت أنه يجب على الزوجين، التدبر في الآثار السلبية الناتجة عن إفشاء الأسرار للحد من الوقوع فيها، وكذلك سعة أفق الإنسان وقوة شخصيته، كلها عوامل من شأنها أن تساعد في المحافظة على أواصر المحبة والحنان بين الزوجين.
أوضحت أنه حتى حال حدوث الانفصال يظل الوعي الفكري موجودًا، ويحكم السلوك وردات الفعل في عدم كشف أسرار الطرف الآخر للعامة.
وأشارت إلى أنه أحيانًا قد يكون إفشاء السر إيجابيًا، إذا كان الكتمان يؤدي إلى ضرر بالغ على الطرف الآخر، وشرعًا يجوز إفشاء الأسرار الزوجية في حالات الضرورة كالاستفتاء والعلاج، حسب قولها.

اقرأ أيضا:
لمواجهة انتشار الطلاق.. «الخثلان» يوضح حدود تدخل الأهل في الصلح بين الزوجين
ارتفاع معدلات الطلاق بالمملكة.. السبب الرئيس يعيش بيننا
الثقة بين الزوجين
وتابعت المستشارة الأسرية قالت إن إحدى المشكلات التي يسببها إفشاء السر تتمثل في عدم الثقة بين الزوجين، مشددة على أن الثقة بين الزوجين تبنى بشكل أساسي على سلوكهما خلال المواقف المختلفة، التي يتعرضان لها خلال حياتهما اليومية.
وبينت أن إفشاء أسرار الحياة الزوجية أبرز المواقف التي تقلل من ثقة بعض الشركاء في بعض وتؤدي إلى التباعد بينهم.
أما عن تأثير غياب الثقة بين الزوجين، فقالت إنه يتسبب في انفصالهما روحيًا عن بعضهما، كأنهما يعيشان في عالمين منفصلين لا يجمعهما سوى المنزل المشترك.
وقالت إن استمرار ونجاح الزواج مرهون بالثقة، ودونها تتعثر الحياة الزوجية، لافتة إلى أن عدم إفشاء الأسرار حجر الأساس في بناء علاقة متوازنة بين الرجل والمرأة ومعيار حقيقي للإخلاص.

إفشاء السر خيانة
وتابعت السكران، أن فقدان الثقة بين الزوجين يؤدي إلى الشعور بالاكتئاب والقلق المستمر، مطالبة الأزواج بأن يجعلوا شعار حياتهم المودة والرحمة والاحترام المتبادل مهما حدث من خلافات، تحقيقًا للشريعة الإسلامية التي حددت تلك القواعد لنجاح العلاقة الزوجية، وفقا لصحيفة "اليوم".
أيضا قالت المستشارة الأسرية إن إفشاء السر خيانة للأمانة ونقضًا للعهد، ودليلًا على لؤم الطبع وفساد المروءة، ومدعاة للتنافر بين الأطراف، محذرة من أن إفشاء السرِّ خاصة عند الغضب سيعقبه الندم والحسرة.
ووجهت السكران نصيحة مهمة للأزواج تمثلت في استخدام الذكاء المعرفي لمعرفة المخرج عند حدوث المشكلات، وللمساهمة في تقوية العلاقة وتعزيزها.
على الزوجين تقوى الله
في سياق متصل، قال رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية، والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الشيخ سعد الخثلان: إن الطلاق أوْلته الشريعة الإسلامية عناية كبيرة، حتى إن سورة من سور القرآن الكريم حملت اسم سورة الطلاق.
وأوضح في مقطع فيديو متداول على منصة "يوتيوب"، أن الذي يقرأ سورة الطلاق يجد أن الله تعالى كرر الأمر بالتقوى فيها عدة مرات، وذلك مع قصر هذه السورة التي تتجاوز صفحتين من كتاب الله، ومع ذلك الأمر بالتقوى والحث عليها وبيان ثمرتها تكرر في هذه السورة.
وأضاف الأمر بالتقوى تكرر في سورة الطلاق، حتى يحرص كل من الزوج والزوجة على تقوى الله عز وجل، لأنه مع وجود الخلافات الشديدة بين الزوجين تغيب عنهم هذه المعاني فيحصل بغي وتعدي وتشويه للسمعة وكلام بذيء، فعلى المسلم أن يتقى الله عز وجل.

الطلاق في الإسلام
وأكد أن الطلاق في الشريعة الإسلامية لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى، وأن الله تعالى عندما ذكر النشوز عند المرأة ذكر مراحل للعلاج قبل الطلاق، وهي أربعة مراحل:
المرحلة الأولى: « واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن».
المرحلة الثانية: « واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ».
المرحلة الثالثة: « وَاضْرِبُوهُنَّ»، ضربًا غير مبرحًا.
المرحلة الرابعة: «التدخل الخارجي»، من أهل الزوج والزوجة وهذا لا يكون إلا في المرحلة الرابعة، وعندما تُستنفد جميع وسائل العلاج.
اقرا أيضاً:
حالة انفصال كل 10 دقائق في المملكة.. ما أسباب زيادة نسب الطلاق؟
المفتي: الحلف بالطلاق أمر منكر ويخالف العقيدة الصحيحة
حدود تدخل الأهل في الصلح
ولفت إلى أنه ينبغي أن يكون هناك حوار لحل هذا الخلاف، فإذا استنفدت جميع الحلول فهنا يأتي التدخل الخارجي، وذلك لقول الله تعالى: « وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها»، وهذا عند الضرورة لأن تدخل أهل الزوجين في كل خلاف يشعل الموقف ويزيد من المشاكل.
وأشار إلى أن تدخل أهل الزوجين لابد أن يكون للإصلاح، وألا يكون إلا عند الضرورة، حيث ينظران لهذا الخلاف وبواعثه ويحاولان التوفيق بينهما، فإذا استنفدت هذه المرحلة حينئذ يكون الطلاق خيرًا من الإمساك.
زيادة نسبة الطلاق
هذا وكشفت تقارير إحصائية، عن زيادة غير مسبوقة بمعدلات الطلاق في المملكة، خلال العام الجاري 2022، بما يفوق حالة واحدة كل 10 دقائق، فيما برزت وسائل التواصل الاجتماعي، كمتهم رئيس في ازدياد المعدلات.
وأوضحت تلك التقارير إن حالات الطلاق في المملكة وصلت لـ 168 حالة يوميًا، بواقع 7 حالات طلاق في كل ساعة، وبمعدل يفوق الحالة الواحدة كل 10 دقائق، وفق صحيفة “اليوم”.
من جانبها، ذكرت بيانات الهيئة العامة السعودية للإحصاء، أنه جرى تحرير 57 ألفا و595 صك طلاق، خلال الشهور الأخيرة من عام 2020، بارتفاع 12.7 %، عن 2019.
مخاطر وسائل التواصل
بدوره أوضح المحامي دخيل الدخيل، إن أسباب ارتفاع معدل الطلاق، ترجع إلى زيادة تعقيدات الحياة المعاصرة، وارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة خلال كورونا، التي تسببت في ارتفاع ملحوظ بالأسعار.
وتابع: “إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تلعب دورًا مهمًا في هدم ركائز الأسر السعودية والأسر العربية بشكل عام، وحدوث الخلافات الاجتماعية، واختلاف الأهداف والأولويات في الحياة، إلى جانب التفاوت الثقافي”.
وأضاف أن فئة كبيرة من الأزواج، أدمنت بعض وسائل التواصل الاجتماعي، التي أدت لانحراف البعض عن المسلك الصحيح، حتى أصبحت ترسم لهم خارطة الطريق للعديد من أمورهم الزوجية.

اقرأ أيضًا:
المفتي: الحلف بالطلاق أمر منكر ويخالف العقيدة الصحيحة
زيادة حالات الطلاق بعد التقاعد.. هذه أبرز أسباب “خراب البيوت”