الثلاثاء، 14 شوال 1445 ، 23 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

المتدينون والمناصب

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

شهوات الإنسان ثلاثة: شهوات الجسد وشهوة المال وثالثة الأثافي شهوة المنصب.. ويقال إن الثالثة أخطر وأكثر أثراً..

الإنسان قد يضبط شهوات جسده ضمن الحدود الشرعية والمباحة، والمال يذهب ويجيء، لكن المنصب فتنة عظيمة قد لا يصمد أمامها الكثير من المتدينين.

اضافة اعلان

المنصب يعطي الإنسان سلطة قد تكون كبيرة أو صغيرة لكنها - في النهاية –سلطة.

أعرف أحدهم عندما تولى المنصب نسي مبادءه وفتنته الدنيا، فهنا ترشيح وهناك أموال وسفريات ويحضر اجتماعات كبيرة، ويرافق شخصيات رفيعة.

وآخر بدأ يناقض نفسه .. ما كان يحذر منه في السابق وقع فيه في اللاحق .. والظروف - في ظنه- قاهرة والمتطلبات - في اعتقاده- آسرة !.

الكثير من القيم والمبادئ يضرب بها عُرض الحائط !كيف لا والمنصب له حلاوة وعليه طلاوة! سفر في الدرجة الأولى وإقامة في فنادق الخمس نجوم ومرافقة شخصيات قد توصله – مستقبلاً - لمنصب أعلى ..!!

في المنصب يضيع التركيز وتأتي التأويلات وتكثر الرؤى والاجتهادات .. فهذا فيه سعة ! وهذا له تأويل شرعي !.. وهذا للضرورة !.. وهذا تحتمه الحاجة الحقيقية !..

ويكون الدين - في النهاية - أداة يؤخذ منها ما يناسب ويترك ما لا يناسب !.

بعض أهل السلطة عرفوا كيف يقضون على بعض أهل الدين والعلم من خلال فتنتهم بالمناصب..

قدمت لهم الأعطيات، ويسرت لهم العقارات، وفتحت لهم الامتيازات، فاستحت العين وصمت اللسان .. وبدأت التأويلات لأهل السلطان !..

فطن الكثير من علماء الأمة في السابق لهذا الأمر وهربوا من المناصب خوفاً من فتنتها رغم أن بعضها يهم أمر الأمة كالقضاء..

بل بعضهم انعزل في مسجده ومكث في بيته خوفاً من فتنة المنصب.. أما في زمننا اليوم فحال البعض متى يأتينا المنصب؟! بل يستشرفه، بل يطلبه !.. بل يوسط البعض من أهل النفوذ للدلالة عليه في المنصب.!

في الحديث: "لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها"، فمال البعض يتسابق للمناصب ويحرص عليها!!

وللمناصب الدينية سحر آخر.. فهو يتولى على العامة في شؤونهم الدينية، وقد يفتي لهم ويوجههم، فكم من الناس - حتى من أهل الفضل والعلم - يستطيع أن يصمد.!

في برنامج فتاوى في إحدى القنوات الإسلامية يتسابق طلبة العلم على الاستضافة لإفتاء الناس (في الوقت الذي كان السلف يتهربون منها لمسؤوليتها) والسبب في ذلك ليس حب الظهور فحسب بل التشوق لمنصب قادم وقد حصل البعض عليه.!!

بالطبع هناك الكثير ممن تولى مناصب دينية وعامة ونجحوا فيها. أذكر الشيخ ابن باز - على سبيل المثال - فقد كانت الدنيا في يده، والمنصب لم يصل لقلبه، عاف السلطة فهرعت إليه فوضعها في موضعها.. لم يتغير على الناس ولم تفتنه دنيا وما أكثر الديون التي تحملها من أجل الناس وحاجاتهم .

أيضاً هنا بعض الأحياء - والذين لا يصلح ذكرهم بالأسماء - ممن صمدوا ونجحوا، والمناصب بالنسبة لهم وسيلة وليست غاية وأُبهة المنصب لم تغير من طباعهم ولا أخلاقهم ومعاشرتهم لأهل السلطان لم تفتنهم عن آخرتهم فلله دَرهم.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook