الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

معضلة انفصال كردستان العراق كيف ستكون نهايتها؟

Doc-P-104884-636323544966896030
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - فريق التحرير:

أصبحت مسألة الاستفتاء المقرر إجراؤه في كردستان العراق مشكلة ومعضلة تؤرق دول المنطقة المحيطة بالعراق، فَضْلاً عن الدولة الأم نفسها، التي اعتبرت حكومتها، أن هذا الاستفتاء مخالف لدستور البلاد المعتمد في 2005.

اضافة اعلان

لكن من المؤكد أن هذا الاستفتاء - الذي سيتم في ثلاث محافظات هي أربيل والسليمانية ودهوك فَضْلاً عن كامل محافظة كركوك التي بسطت قوات البشمرجة السيطرة عليها بدعوى حمايتها من تنظيم "داعش" عام 2014 - أصبح أمراً محسوماً ومفصولاً لحكومة الإقليم الكردي.

وهذا الحسم يصدقه الواقع، فالإقليم يتمتع بإدارة ذاتية مُنْذُ عام 1970 حَصَلَ عليها بمقتضى اتفاقية أنهت حالة الحرب بين المعارضة الكردية والحكومة العراقية آنذاك، فهو بحكم الدولة المستقلة لكن ليس رسمياً.

لكن ما قوّى ذلك، أنه في عام 1991 أصبح الحكم الذاتي للإقليم أمراً وَاقِعَاً بعد أن فرضت قوات التحالف الدولي حظراً جويّاً شمال العراق خلال حرب الخليج الثَّانِية، وبإقرار دستور عراقي جديد عام 2005 أصبحت "منطقة كردستان العراق" كياناً اتحاديّاً ضمن حدود الدولة.

والسؤال هل يمكن أن يؤدي انفصال الإقليم إلى تأثر دول الجوار أو زعزعة الاستقرار حقيقة في المنطقة أم لا؟

إقليم كردستان، يرى أن الانفصال يجب أن يتم، بعد أن وصلت العلاقة بينهم وبين العاصمة بغداد إلى ما يُسَمَّى نقطة ‘‘اللا تلاقي‘‘ بعد كم الخلافات التي حدثت بينهما، والتي بدأت بإشكاليات تصدير الإقليم للنفط عبر تركيا دون الرجوع إلى الحكومة المركزية في بغداد أو تقسيم العائد معها وَفْقَاً للاتفاقات في هذا الشأن.

ترتب على ذلك، قيام الحكومة العراقية، باقتطاع رواتب الموظفين الأكراد رَدّاً على هذه الخطوة، ومُرُورَاً باسْتِمْرَار النزاع حول المناطق المتنازع عليها بين الطرفين والتي تتواجد فيها أغلبية كردية، وانتهاءً بمشاكل المُوَازَنَة الاتحادية وحصة الإقليم منها.

تأييد مقنع

مواقف دول الجوار معلومة سواء إيران أو تركيا، لكن قبل سرد موقفهما تحديداً يجب التأكيد أن هناك شبه تأييد لانفصال الإقليم الكردي من قبل الولايات المتحدة الأمْريكية لكن بشكل حذر، فهي في العلن تتحجج بأن الظروف المحيطة بمنطقة المشرق العَرَبِيّ ومحاربة الإرهاب لا توفر البيئة الملائمة لمشروع الانفصال، لكن واقعياً ترى في الأكراد حليفاً قوياً لهم ضد ما يُسَمَّى تنظيم داعش، فأصبح وجودهم وتصديهم لذلك العدو أمراً مطلوباً ويجب تسخير كافة المطالب له.

وقد صَرَّحَت الناطقة باسم الخارجية الأمْريكِيّة هيذر نويت، بذلك حيث أكدت أن بلادها تدعم العراق الموّحد الديموقراطي الفيديرالي، لكننا نولي كذلك أهمية للمطالب الشرعية لمواطني كردستان ونكن لها الاحترام.

علانية، دولة الكيان الصهيوني فقط هي من تدعم استقلال أكراد العراق، وتنتوي الاعتراف بهم، فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام، عن دعمه للاستفتاء المرتقب في كردستان العراق، والسبب في هذا بالتأكيد يعود لحجم العلاقات الكبيرة بين الكرد ودولة الاحتلال.

تهديد ووعيد

أما عن تركيا وإيران فيريان أن فكرة الاستفتاء، قد تفسح المجال أمام التطلعات القومية الكردية في بلديهما لتحذو الحذو نفسه، وما يترتب على ذلك من تهديد للأمن القومي للدولتين.

فها هي الخارجية التركية حذَّرت من خطأ القرار، مُؤكّدَة أَنَّ الحفاظ على سيادة الأراضي والوحدة السياسية للعراق هو أحد أسس السياسة التركية.

كما أبلغت أنقرة أربيل أن اسْتِمْرَار تواجد قوات حزب العمال الكردستاني التركي المعارض - الذي تصنفه تركيا كمنظمة إرهابية - في جبال قنديل وسنجار بات أمراً غير مقبولاً لما يمثله ذلك من تهديدات أمنية للعمق التركي تقوم بها ميليشيات الحزب من آن لآخر. هذا إلى جانب رفضها للتنسيق القائم بين الحزب و"ميليشيات وحدات الشعوب" التابعة لحزب الاتحاد الدِيمُقْرَاطِيّ السوري، والتي تشكل القوام الرَئِيسِيّ لقوات سوريا الدِيمُقْرَاطِيّة "قسد" المَدْعُومة من قبل الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم داعش داخل الأراضي السورية، حيث تعتبرها تركيا عدوها الرَئِيسِيّ في سوريا لتطلعاتها بِشَأْنِ دولة كردية سورية (فكرة إِقَامَة دولة كردستان الغربية). هذا فَضْلاً عن سعيها لقطع الطريق على قوات البشمرجة الكردية بِشَأْنِ استثمار دورها في محاربة داعش في الحصول على مكاسب ميدانية وسياسية تقوض من النفوذ التركي في المنطقة.

مِنْ جِهَتِها، أرسلت إيران رجلها العسكري قاسم سليماني – قائد ميليشيا فيلق القدس الإيراني – لإقليم كردستان العراق في أَبْرِيل 2017، هذه الخطوة من قبل إيران يمكن أن تعد تهديداً غَيْر مُبَاشِرٍ للإقليم، مفادها أن إيران الرافضة لفكرة تكوين دولة كردية عراقية مستقلة سوف تستخدم كافة الوسائل التي بإمكانها منع هذا الانفصال حتى وإن كانت وسائل عسكرية.

المملكة تنصح

المملكة لم تكن بمنأى عن النزاع الدائر في المنطقة، فقد صَرَّحَ مصدر مسؤول بالمملكة، تعليقاً على الاستفتاء، قَائِلاً: ‘‘إنه تقديراً للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة وحرصاً على تجنب أزمات جديدة قد ينتج عنها تداعيات ستشتت الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة بما في ذلك مكافحة التنظيمات الإرهابية والأَنْشِطَة المرتبطة بها، فإن المملكة "تتطلع إلى حكمة وحنكة الرئيس مسعود بارزاني لعدم إِجْرَاء الاستفتاء الخاص باستقلال إقليم كردستان العراق؛ وَذَلِكَ لِتجنيب العراق والمنطقة مزيداً من المخاطر التي قد تترتب على إجرائه".

مخاوف وتحديات داخلية

رغم التطلعات والأمنيات التي يعيشها الكردستانيون، إلا أن هناك مخاوف وتحديات بالجملة من عدم اكْتِمَال هذا النصاب، فهناك حالة من عدم التوافق بِشَأْنِ الاستفتاء نفسه، ففي الوقت الذي يصرّ المكون الكردي على إِجْرَاء الاستفتاء في كركوك يرفض المكون العَرَبِيّ والتركماني إجراءه والانضمام إلى إقليم كردستان.

وهذا ما عبر عنه محافظ كركوك نجم الدين كريم المنتمي لحزب الاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني الذي قَالَ: ‘‘إنَّ الاستفتاء سيكون بلا قيمة في حالة استثناء كركوك منه"، وإنَّ هذا القرار يعد خطوةً مُهِمَّة للشعب الكردستاني وليس له علاقة بأي طرف أو حزب وعلى جميع الأطراف أن تشارك في هذه العملية".

أما عضو مجلس المحافظة عن المكون العَرَبِيّ برهان مزهر، فيرى بأنَّ المكون العَرَبِيّ يرفض إِجْرَاء الاستفتاء ويقف مع عراق موحد بَعِيدَاً عن الاستقلال والانفصال الذي سيفتح أبواباً أخرى نحو تقسيم البلد.

بينما حاول هوشيار زيباري المقرب من رئيس الإقليم مسعود برزاني والمشرف على استفتاء إقليم كردستان العراق التوفيق بين الرأيين، بقوله: ‘‘إن الاستفتاء لا يعني الانفصال بالضرورة» مُضِيفَاً أن التصويت المتوقع بنعم في الاستفتاء على استقلال الأكراد سيُعزز موقف الإقليم في المفاوضات مع بغداد، لكنه لن يؤدي إلى انفصاله عن العراق تلقائياً.

في النهاية سواء تم الانفصال أم لم يتم، فالمستقبل لا يمكن التنبؤ بمعطياته، فالمنطقة بها ما يشغلها من صراعات وأحداث ومستجدات وعلاقات، في النهاية الانْتِظَار سيكون هو سيد الموقف لحين ظهور الأمور جلية واضحة للعيان.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook