السبت، 11 شوال 1445 ، 20 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ظلم المرأة قديم جديد

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

في كل مجالات الحياة يقع التفاعل بين الخير والشر، وتقع المغالبة التي هي سُنة كونية قدّرها الله بين خلقه، وهذه الثنائية بين الخير والشر، تلقتها العقول بطرقها الخاصة، فبعض الاتجاهات الفكرية تُلزم الخيريّة صنفاً من الناس، وتُلزم الشريّة صنفاً آخر. وفي ظل تلك الأفكار المختلة -عن ثنائية الخير والشر، وثنائية الذكر والأنثى، وثنائية الحق والباطل، وغيرها- ناضل محتسبون عبر التاريخ، لإزاحة المظلمة الكبرى التي لحقت المرأة، وإعطائها حقوقها، فمن نسبة الشر لها وما يتبعه من احتقار وابتزاز، إلى منحها حقوقها، ولكن هذا العمل تجاوز القدر الإيجابي، فاقترفوا جريرة كبرى إذ كان ما فعلوه سببا في الانتقال من إعطاء المرأة حقوقها، إلى سلب حقوق الرجل عليها، لأن هذا التفكير الاستبدادي فرض توزيع أنصبة الخيرية والشرّية بطريقته المختلة، وكأنما وقع ظلم المرأة بسبب علاقتها الفطرية التكاملية مع الرجل، وبسبب ما لكل منهما من حقوق عند الآخر، فانتقل هذا الحلّ المشوّه من المبالغة في إنكار حقوقها إلى المبالغة في تزييف حقوقها، فالحلّ أكثر غباء من المشكلة، وأهمل المنطقة المعتدلة الوسطية، وهي حقوق الحياة المشتركة بين الرجل والمرأة.

اضافة اعلان

هذا التفكير، أساء للمرأة من حيث أراد الإحسان لها، إن صحّ أنه أراد الإحسان لها، إذ إن المرأة كالرجل، كلّ منهما عنصر تكاملي وليس عنصراً فرديا استقلاليا، فحقوق المرأة لا تخرج عن تكوينها التكاملي الذي يفتقر لوجود الرجل في كيانها النفسي ومحيطها الخارجي، وهي فطرة وجبلة لا يستطيع العنصر البشري التخلص منها، لأن الفطرة والجبلة النفسية الغريزية تولد مع الإنسان، كالولادة العضوية الجسدية.

ولد هذا التفكير الحقوقيّ في بدايات القرون الوسطى في أوروبا، وهو الآن فكر رجعي عند من ينظر باعتدال وعقل ناقد في حضارات الأمم وتاريخها، ومع ذلك فإن هذا الفكر المختلّ الذي لم ينصف المرأة، ولا الرجل، ما زال يتطور بأشكاله المختلفة في حياة الناس هناك، واتجه نحو المجتمعات الإسلامية التي سبقت العصور الوسطى في إنصاف المرأة، فالمجتمع المسلم أنصف المرأة وجعل لها من الحقوق مثل الذي عليها، فلم يبخس الرجل حين أعطى المرأة حقها، والبحث عن حقوق المرأة بإسقاط حقوق الرجل عندها ليس ظلما للرجل فحسب، بل هو ظلم للمرأة نفسها، لأن حقوقها الإنسانية والاجتماعية لا تتعارض مع حقوق الرجل إطلاقاً، بل لن تحصل على حقوقها إلا مقترنة بحقوق الرجل.

الفكر الذي أصبح عالمي النزعة وهو يمارس تمرير هذه الأجندة الحقوقية في ثقافات الأمم على اختلافها الواسع، يهمل -بصورة مكشوفة- صفات المرأة الاجتماعية عدا صفة اعتبارية واحدة، وهي كونها زوجة، فجعل أجندته موجهة نحو الزوج وما يتعلق بأمور الزواج وشرائط الزوجية، وذلك لتحييد الرجل التكامليّ وإحلال الرجل الذكوري، وقد رسخ ثقافة القرون الوسطى وما سبقها من تعزيز ظلم المرأة بالإخلال بالتكوين التكاملي مع الرجل، فأغرق في تدمير العنصر التكاملي في شخصية المرأة، ولما بحثت المرأة عمّا يسد هذا العنصر الفطري النبيل لجأت للرجل الذكوري الذي ما زال يعزز فكرة الحقوق نفسها.

هذا البعد المختل الذي أوجده الرجل الذكوري في حياة المرأة، انسحب على عقلها الثقافي، ولن يكون قادراً على الوفاء بالعنصر التكاملي لها لأنه عنصر فطري جبليّ في تكوينها، وليس مكتسبا يسهل تعديله، وقد تسلل إلى جوانب معرفية كثيرة في حياتها، فأثر في علاقتها بالرجل، وعلاقتها بالزوج خاصة، لذلك نرى الخلل الذي يصيب الحياة الزوجية معظم منطلقاته تتصل بأجندة الرجل الذكوري الكامن في ثقافة "المرأة الاستقلالية"، التي تقلص في مكونها المعرفي حقائق العلاقة التكاملية في فطرة الأنثى، وهي علاقتها مع الرجل علاقة فطرية سوية، ونجاح الرجل الذكوري في تكوين الشخصية الاستقلالية للمرأة في المجتمع، يضاعف مشكلات المجتمع الاجتماعية، ويزيد فيه نسبة أعداد هذا الكائن المتباعد عن الفطرة.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook