الخميس، 09 شوال 1445 ، 18 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

‎حديث الورق والجدران.. «الرسوم» دلالات سلوكية تحكي معاناة الأطفال واحتياجاتهم

screenshot_8
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - هياء الدكان:

‎رسوم الأطفال، قد لا يعدها البعض إلا مجرد شخبطة أو فوضى يقومون بها، خاصة إذا تعدت الورق وكراسات المدرسة إلى الجدران والطاولات والأثاث؛ مما قد يثير غضب الوالدين، أو من يعيشون معه، إلا أن هذه الرسوم والشخابيط يفسرها المتخصصون وخبراء النفس تفسيرات أخرى مختلفة عما يندرج في ذهن الأب والأم، وقد تكون نوعاً من الذكاء والموهبة عند الطفل.

اضافة اعلان

شخبطة الطفل هل هي نوع من اللعب أم درجة من درجات الذكاء؟ هذا ما توضحه الدكتورة شذا إبراهيم الأصقه عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، والأستاذ بكلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع التي حاورتها ‘‘تواصل‘‘؛ للتعرف على سمات الأطفال ومعرفة سلوكهم من رسومهم وأشياء أخرى في هذا الحوار التالي:

‎بداية.. البعض يؤكد أن الرسوم التي يقوم بها الطفل تكشف ما يخفيه ما صحة ذلك؟

بالفعل رسوم الأطفال تعد وسيلة تعبيرية غير لفظية يستخدمها الطفل لينقل للآخرين أحاسيسه ومخاوفه وانفعالاته وأفكاره، فالرسوم تحمل في طياتها أهمية بالغة؛ لأنها تقدم لنا معلومات متنوعة عن عقلية الطفل ونفسيته، بعد تحليلها ومعرفة دلالاتها ومن خلالها نعرف ما يخفيه الطفل.

وهذه طبيعة وفطرة عند بعض الأطفال فالمعلومات التي تقدمها لنا الرسوم، لا يمكن للطفل أن يعبر عنها مباشرة للآخرين إما بسبب ضعف القدرة اللغوية لديه أو إحساسه الداخلي بأن ما يتعرض له هو أمر غير صحيح؛ مما يولد لديه الخوف من إبلاغ الآخرين عنها لكي لا يتعرض للنقد، ولكن من خلال الرسم يعبر الطفل عن هذه الأمور بطريقة لا شعورية وبتلقائية، فالرسوم بصفة عامة هي تعبيرات تشكيلية تظهر ما يوجد في العقل الباطن.

وبماذا ننصح من يعتقد غير ذلك؟ أو يظن أن ما يفعله الطفل نوع من التخريب؟

لا بد من تغيير هذه الفكرة الخاطئة خاصة عند الوالدين، عن طريق تدريب الإدراك البصري للبالغ، وتنمية قدراته على قراءة الرموز والدلالات التي تحملها هذه الرسوم؛ ليتمكن من التعرف والوصول إلى معلومات متنوعة عن الطفل، كما إنها ضرورية للأخصائيين الاجتماعيين لأنه بصورة عامة يمكن من خلالها اكتشاف ما إذا كان الطفل يتعرض لعنف أسرى أو اضطهاد... وغيرها الكثير.

كذلك يمكن استغلال تلك الرسوم؛ لتوجيه الطفل للسلوك الصحيح، وتحذيره من السلوك الخاطئ، كما يمكنه تدعيم ثقة الطفل بنفسه وتقوية علاقاته بأقرانه، وإذا ما لاحظ المربي أو أحد الوالدين أن في الرسوم دلالات عن مشكلة نفسية أو عضوية أو سلوكية كبيرة يفضل استشارة الأخصائي النفسي لمعالجة هذه المشكلة وللاستفادة من توجيهاته لحلها.

 لكن كيف يمكن تعديل سلوك الطفل من خلال الرسوم.. وكيف يمكن توظيفها؟

‎لا بد للبالغ، أن يملك الحد الأدنى من الثقافة؛ ليتمكن من قراءة رسوم الطفل ويمكن تنمية هذه الثقافة من خلال الاطلاع على الكتب والمواقع الإلكترونية؛ لأنها ستمكنه من التعرف على ما تحمله الرسوم من دلالات متنوعة، ويستطيع تعديل السلوكيات الخاطئة التي يلاحظها، ومن الأهمية معرفة مستويات هذه السلوكيات فإذا كانت بسيطة، كأن يكون الطفل انطوائياً يمكن دعم الطفل ومساعدته بالاندماج من الآخرين، أو أن تظهر رسومه خوفاً من الطبيب، فلا بد للوالدين من تغيير هذه الصورة الخاطئة له، بذكر إيجابيات الذهاب إلى الطبيب، أما إذا ما أظهرت الرسوم أن الطفل تعرض إلى تحرش جنسي - لا سمح الله - فلا بد هنا من التوجه إلى الأخصائي النفسي، والبحث معه عن طريقة علاج هذه المشكلة وتبعياتها.

‎هل لكِ أن تخبرينا عن أغرب المواقف مع عالم رسوم الأطفال.. وكيف تعاملتِ معها؟

من خلال خبرتي المتواضعة في هذا المجال اطلعت على العديد من المواقف، لكن كان أشدها إيلاماً رسم لطفلة حملت دلالات تعرضها لتحرش جنسي في سيارة، فقد كانت الطفلة تكرر نفس نمط الرسم، وعند التحقق من الموضوع اتضح تعرضها للتحرش من سائق العائلة، وتم اطلاع الوالدين على الأمر، وإحالة الموضوع للجهات المختصة بوزارة التربية والتعليم.

لكن هناك موضوعات طريفة حدثت معي أيضاً، وكانت لطفلة عمرها سبع سنوات كانت ترسم بعض الرسومات لأمها الحامل بتشكيلات غاية في الجمال، حيث عبرت الطفلة عن فرحتها بالمولود المنتظر بتوزيع القلوب والأزهار في كافة أنحاء الورقة، ووضعت الأم في الوسط وهي تمسك ببطنها تتحسس الصغير.

‎إذن فتعلم هذا الفن ضروري للغاية؟

بالفعل، فهناك موضوعات وأفكار لا يمكن التعرف عليها بالحوار فقط، وهنا يأتي دور تنمية ثقافة الإدراك البصري لهذه الرموز والدلالات؛ ليتمكن البالغ من قراءة الرسوم والتعرف على خفاياها، ليتمكن من بناء جسر للتواصل مع الطفل والتعرف على ما يخفيه، بأسلوب ممتع بعيداً عن الاستجواب والتحقيق اللفظي.

ويمكن القول: إن رسوم الطفل هي مفاتيح الحوار معه، وعبرها يمكن الوصول إلى ما يخفيه الطفل.

حكايات من أرض الواقع

حوار الدكتورة شذى إبراهيم الأصقه عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، فتح المجال للتعرف على بعض المواقف التي شاهدتها المعلمات أو الأمهات مع بعض الأطفال، وحول هذه التجربة تقول فاتن العبدالله، تعمل معلمة ‘‘إنه لم يدُر بذهنها مطلقاً أهمية الرسوم إلا بعد أن لا حظت أن طفلة، رسمت رسمة غريبة وتوجهت بها لمتخصصين فقالوا اسألي البنت من هذا وما هذا؟ وبالفعل أكدت أنهم أشخاص، وبتحويلها لأخصائية المدرسة تبين أن البنت الصغيرة تعرضت للتحرش من قبل السائق، ولم تكن تعرف ولا تستطيع التعبير إلا من خلال رسم مشاعر الغضب تجاه أشخاص في رسمتها.

‎وتضيف أم بدر: أن طفلها يحب كرة القدم فرسم نفسه شخصاً بالغاً كرجل يرتدي ملابس رياضية، وعرفت أنه يثق بنفسه جداً ويعتز بها ونبهتني الأخصائية، أن أنتبه لشخصيته فالطفل رسم نفسه كالكبار، وملأ الصفحة وجعل والده الأصغر، وأثنت على قيمته، لكن وجهتنا بضرورة تنمية الشعور بالآخرين لديه، وأنهم أيضاً لهم قيمة ولهم تميزهم.

‎أم تربوية ومتخصصة تقول: ‘‘كنت أعاني من أطفالي وكثرة شخبطتهم على الجدران والأثاث، وحضرت دورة ماذا يخفي طفلي؟ ‎فعززت لنا الدكتورة شذى كل هذه المعاني التربوية، وطالبتنا بتوفير الألوان والأقلام والكراسات للأطفال ليس فقط للمدرسة، أو وضع مؤقت، بل ضعي دائماً ركناً بالبيت من أجل إخراج مهاراته.

وتضيف: جربت بالفعل ذلك ووضعت طاولة وعليها ألوان وكراسات وتركتها، وكلما انتهت وضعت غيرها، وكنت لا أتدخل في رسومهم، وعندما يسألها أطفالها تكون الإجابة، ارسم ما تحب، كما يمكنني أن أساعدهم أحياناً قليلة.

وأكدت: بعد فترة أصبحوا يحبون اللعب أكثر من الأجهزة، بل أهملوا أجهزتهم ثم بارك الله فيهم أصبحوا يحبون اللعب الحركي، ويضعون ورقاً على الجدار ويرسمون عليه، وتحسنت أفكارهم حتى خطهم تحسن، وأصبح كل منهم يدعو ضيوفهم للرسم، كما أنها استفادت مما اقترحته د. شذى وهو استثمار تجمع الأطفال في المناسبات العائلية، وتوفير أقلام ألوان واحترام لعبهم باللون، لتفريغ طاقاتهم، ومن الضروري عدم وصف هذه الرسوم بالشخبطة أو الفوضى فهذه قدوة الطفل وإمكاناته، فقط عليك التشجيع، وتوفير الاحتياجات وهي بسيطة.

screenshot_8 unnamed screenshot_9 screenshot_10 screenshot_4 screenshot_5 screenshot_6 screenshot_7

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook