الأربعاء، 08 شوال 1445 ، 17 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

حلب الكبرى وأخواتها الصغيرات

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

ذكر المؤرخ المصري جمال الدين بن تَغْرِي بِرْدِي، جرائم  تيمورلنك في أوائل القرن التاسع الهجري في حلب قائلاً: "اقتحم عساكر تيمور مدينة حلب...، وأشعلوا فيها النّيران، وأخذوا في الأسْر والنهب والقتل، فهرب سائر نساء البلد والأطفال إلى جامع حلب وبقية المساجد، فمال أصحاب تيمور عليهن، وربطوهن بالحبال أسرى، ثم وضعوا السيف في الأطفال، فقتلوهم بأسرهم، وشرعوا في تلك الأفعال القبيحة على عادتهم، وصار الأبكار تفتضّ من غير تستّر، والمخدّرات يفسق فيهنّ من غير احتشام، بل يأخذ التّتري الواحدة ويعلوها في المسجد والجامع بحضرة الجمّ الغفير من أصحابه ومن أهل حلب، فيراها أبوها وأخوها وزوجها وولدها ولا يقدر أن يدفع عنها لقلّة مقدرته، ولشغله بنفسه بما هو فيه من العقوبة والعذاب، ثم ينزل عنها الواحد فيقوم لها آخر وهي مكشوفة العورة. ثم بذلوا السيف في عامة حلب وأجنادها حتى امتلأت الجوامع والطرقات بالقتلى، وجافت حلب واستمر هذا من ضحوة نهار السبت إلى أثناء يوم الثلاثاء رابع عشر ربيع الأوّل...، ثم سيقت إلى تيمور لنك نساء حلب سبايا، وأحضرت إليه الأموال والجواهر والآلات الفاخرة، ففرّقها على أمرائه وأخصّائه، واستمرّ النهب والسبي والقتل بحلب في كل يوم، مع قطع الأشجار، وهدم البيوت، وإحراق المساجد، وجافت حلب وظواهرها من القتلى، بحيث صارت الأرض منهم فراشاً، لا يجد الشخص مكاناً يمشى عليه إلّا وتحت رجليه رمّة قتيل. وعمل تيمور من رؤوس المسلمين منائر عدّة مرتفعة من الأرض نحو عشرة أذرع في دور عشرين ذراعاً، حُسِبَ ما فيها من رؤوس بني آدم، فكان زيادة على عشرين ألف رأس، ولمّا بنيت جعلت الوجوه بارزة يراها من يمرّ بها. ثم رحل تيمور من حلب بعد أن أقام بها شهراً، وتركها خاوية على عروشها، خالية من سكّانها وأنيسها، قد خربت وتعطّلت من الأذان والصلوات، وأصبحت خراباً يباباً، مظلمة بالحريق، موحشة قفراً، لا يأويها إلّا البوم والرّخم".

اضافة اعلان

وبعد ما يقرب من 12 قرناً من الزمان على تلك المجزرة المروعة بحق أهل السنة في حلب تتكرر المأساة مرة أخرى على يد تيمور العصر بشار الأسد وعصابته. وللأسف فإن المسلمين لا يتعلمون من تاريخهم، وما زالوا يكررون أخطاءهم منقادين إلى حتفهم، فالمجازر ترتكب كل دقيقة في سوريا والعراق وليبيا واليمن, وهي لم تكن إلا وليدة تحالف الرافضة والعلويين مع قوى الغرب الصليبي المتآمر على أهل السنة.

الهمُّ حلَّ ودمعُ العين مُنسَكِبُ

على ديَارٍ بِها النّيـــرانُ تلتهِبُ

بِها يُبادُ على اﻷشــهَادِ إخوتُنا

بلا حياءٍ لكِ الرّحـمنُ يَا حَلبُ

فيكِ الحياة .. وفينا الموت يا حلبُ

وإذا كان هذا حال الأخت الكبرى"حلب", فإن أخواتها "الصغيرات" لن تكون بأحسن حال منها في عالم اليوم الذي يتلذذ بدماء المسلمين السنة, ويشتهي فنون تعذيبهم وتهجيرهم, وكأنهم ما خلقوا إلا ليكونوا كائنات ينفث فيها الغرب الحاقد من شره وبطره وغله.

فهناك أقليات من المسلمين يقبعون وسط مآسٍ إنسانية يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان من هول ما يحدث لهم..

ففي بورما أو (ميانمار)، نجد المجازر التي هي على كل حال ليست جديدة في قسوتها ولا في تجاهل العالم لها ، فالمجازر التي نسمع عنها اليوم ومحاولات التطهير العرقي ليست سوى حلقة من سلسلة مجازر تكررت منذ استقلال بورما عام 1948.

ففي هذه "الصغيرة" بورما تجد هدم المساجد وإغلاق المدارس ومصادرة الأراضي وحرمان المسلمين (من عرقية الروهنغيا) من حقوق المواطنة والجنسية البورمية واعتبرتهم منذ ذلك التاريخ مهاجرين بنجاليين غير مرغوب، هذا فضلاً عن تهجير مليون ونصف المليون مسلم إلى بلدان عديدة.

وفي الصغيرة "إفريقيا الوسطى" تجد مليشياتُ "أنتي بالاكا" المسيحية متعتها في قتل المسلمين بوحشية مفرطة, وشاهدنا كيف أنهم يقطعون أوصال المسلمين, ويأكلون لحومهم, وقد أثبتت لجنة للتحقيق تابعة لمنظمة الأمم المتحدة العام الجاري أن المليشيات المسيحية نفذت عملية تطهير عرقي بحق المسلمين أثناء الحرب الأهلية الدائرة في البلاد.

ومن قبل ذلك كانت مجزرة سربرنيتشا التي قُتل فيها أكثر من ثمانية آلاف مسلم بوسني على يد صرب البوسنة، التي ما زالت ذكراها الأليمة عالقة في أذهان وقلوب المسلمين حيث يحيونها واقعياً وافتراضياً كل عام بخليط من الألم والحزن والغضب.

وأنت إذا تتبعت خريطة العالم، فلا شكّ سيصدمك عددُ "أخوات حلب ", ففي كل قارة لنا صغيرات, وللأسف ليس لهن بواكي؛ لأنهن مسلمات وكفى بها تهمة في عالم القرن الحادي والعشرين!

لقد فضحت تلك المجازرُ الأممَ المتحدة وقيمها والدول التي تدعي أنها راعية للديمقراطية، فهي خدعة كبر, وأحد أكبر أسباب الفتك بالمسلمين في أنحاء العالم.

أما عن القادة الذين لم يلتفتوا إلى مذابحنا فيقول لهم المناوي في فيض القدير: (خِذْلَان المؤمن حرامٌ شديد التَّحريم دنيويًّا كان مثل: أن يَقْدِر على دفع عدوٍّ يريد البطش به، فلا يدفعه، أو أخرويًّا: كأن يَقْدِر على نُصْحِه مِن غيِّه -بنحو وعظٍ- فيترك).

وأنتِ يا حلب:

لا تظهري دمعك الغالي فلا أحدٌ

سيرسل الدمع من دمع وينتحبُ

إنا لَقومٌ جرت عاداتنا أبدًا

مهما تعدى عليهم ظالم شجبوا

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook