الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

بعد خلوها من البشر.. «حلب» تتحول لمدينة أشباح

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

بعد خلوها من البشر.. «حلب» تتحول لمدينة أشباح تتجول فيها القطط الباحثة عن الرمم

اضافة اعلان

الرقم «4» سر شهرة أسواق المدينة الأثرية ودمارها

الجامع الأموي يتحول لساحة حرب بعد أن كان ساحة للعبادة

تقرير – وكالات:

على الرغم من الآثار السلبية التي تُحدثها الحروب سواء في الأرواح أو الممتلكات، لكن بالتوازي أيضاً تُدمر الحروب، المعالم الأثرية التي تُعدُ روح المكان وتاريخه، وهذا بالفعل ما حدث مع مدينة حلب السورية، التي يطولها التشويه منذ أكثر من أربع سنوات، ذلك التشويه الذي ضرب المعالم المدرجة على لائحة التراث العالمي للإنسانية، مثل قلعتها التاريخية، وبواباتها القديمة، وأسواقها، وخاناتها، التي كانت وجهة رئيسية للسياح من كل أنحاء العالم.

وأصبحت المدينة أثراً بعد عَين، بعدما كانت شاهدةً على حقبات تاريخية عدة، تضج بالحيوية وبروادها قبل اندلاع النزاع، وصار المتجول في شوارع المدينة الآن، لا يرى إلا القطط الشاردة، والمتاريس الرملية، والحافلات المحترقة، والركام الشاهد على عنف المعارك.

وبحسب ‘‘وكالة الأنباء الفرنسية‘‘ لم يتخيل المحامي والباحث في تاريخ حلب علاء السيد، وهو يتجول في ساحة الحطب الواقعة في حي الجديدة الأثري الشهير، ما يراه بعدما اختفت معالم الساحة والفنادق التراثية المحيطة بها، إثر سيطرة الجيش عليها بالكامل في الأيام الأخيرة قائلاً "لم أتمكن من التعرف عليها لشدة الدمار، فلا يمكن أن تكون هذه ساحة الحطب" وذلك بعد أن تحولت لأكوام من الحجارة والخردة، التي تسلل العشب بينها.

الجامع الأموي

بعد أن شكلت المدينة القديمة في حلب، خط تماس بين الطرفين بشار والمعارضة، طال الدمار مواقع يعود تاريخها لسبعة آلاف عام، بينها الجامع الأموي الذي دُمرت مئذنته العائدة إلى القرن الحادي عشر، وبدت باحة الجامع كأنها ساحة معركة، وفي إحدى زواياها تراكمت أكوام من الحجارة المنقوشة تعود إلى المئذنة، كما اختلطت به الخردة والحجارة، وقطع الرخام بالأسلاك الكهربائية والبراميل.

فضلاً عن تضرر غالبية أبوابه الخشبية التي تفصل الباحة عن المصلى، ووضعت البراميل والإطارات الضخمة وخزانات المياه كمتاريس للمعارك بدلاً منها، وداخل حرم المسجد، تفتقد الثريات مصابيحها، وتغطي الحجارة وألواح الأبواب الخشبية سجاداته الحمراء.

أما مقام النبي زكريا، داخل الجامع فوضعت حوله ألواح إسمنتية، كتب عليها "تم بناء هذا الجدار لحماية المحراب والمقام، مذيلاً بتوقيع "مجلس محافظة حلب الحرة -شعبة الآثار في 8 سبتمبر 2013.

قلعة حلب

القلاع قديماً كانت حائط الصدد المنيع الذي لا يمكن اختراقه بسهولة، لكن للأسف طالت الأضرار أيضاً قلعة حلب الصليبية برغم احتفاظ الجيش بسيطرته عليها، وبدت آثار الحرائق واضحة عند مدخلها الذي كان على تماس مع مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة، ورمي جانباً بابُها الخشبي الضخم، وامتلأ الخندق المحيط بها بأكوام من الحجارة والخردوات.

"تراث لا يعوض"

لم تسلم أسواق المدينة الأثرية التجارية، التي تعود إلى نحو أربعة آلاف عام، وتضم أكثر من أربعة آلاف محل و40 خاناً من الضرر والاحتراق، وعلى الرغم من إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) عام 2013، الأسواق القديمة على قائمة المواقع العالمية المعرضة للخطر، لكنها بالفعل وقع بها الخطر، ويصف السيد، ما لحق بها من دمار وخراب بعد أن كانت "قلب حلب الاقتصادي" بأنه "غير مبرر"، مضيفاً "أنه تراث إنساني لا يعوض".

شاهد عيان في حي الفرقان، يدعى أبو أحمد 50 عاماً، يعمل حالياً في القهوة والسحلب بأحد الأكشاك، بعدما كان يملك وأشقاؤه مصنعاً للقماش في حي الكلاسة ومحلات عدة في السوق القديمة، ويقول "بعت مصاغ زوجتي لأتمكن من شراء هذا الكشك"، مؤكداً أنه على استعداد لبيع سيارته كي يتمكن من إعادة ترميم محله.

في النهاية يمكن القول، إن الحرب أتت على المنطقة المحيطة بقلعة حلب الأثرية، حيث مسحت "بالكامل" مواقع أثرية كجامع السلطانية والسراي الحكومي، كما تهدم فندق الكارلتون الأثري بالكامل.

مدينة أشباح

في حي أقيول المجاور، تمتد الأبنية المهدمة ذات الواجهات المتصدعة على طرفي الشارع الرئيسي الذي يصل ساحة الحي بساحة باب الحديد، فالأبنية بدون نوافذ، فيما حلت شوادر من القماش الأزرق الممزق مكان الأبواب، وانتشرت أكوام من حجارة الأبنية المهدمة على الأرصفة، بالإضافة إلى أثاث المنازل المبعثر والأدوات المنزلية والمكيفات والغسالات الصدئة.

يمكن القول، إن هذه الأحياء تحولت لمدينة أشباح خالية، من الحركة باستثناء قطط نحيلة متسخة، تجوب المكان بحثاً عما تأكله، بل لم تسلم مقبرة الحي الواقعة على تلة صغيرة من أعمال العنف، إذ تحطمت بعض الشواهد وسقط بعضها الآخر، فيما يبس العشب المزروع بين المقابر.

أما في ساحة باب الحديد المطلة على الباب الأثري الذي يعود تاريخ بنائه إلى العام 1509، فحدث ولا حرج، بحسب لوحة حجرية علقت عند مدخله، تم تكديس باصات محروقة ومثقوبة بفعل الرصاص فوق بعضها، ما يوحي بأنها استخدمت متاريس احتمى خلفها المقاتلون.

وعلى الجدران، ترك المقاتلون شعاراتهم خلفهم، وورد في إحداها "من حوران (جنوب) إلى حلب، الثورة مستمرة".

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook