الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:

تشهد أروقة إدارات التعليم هذه الأيام ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة المتقاعدين من الهيئات الإدارية والتعليمية ذكوراً وإناثاً، بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ التعليم في المملكة، وهذا خسارة كبيرة لما فيه من فقْد خبرات وتجارب قاماتٍ علمية مارست التعليم والإشراف سنين عديدة..

ولستُ بصدد الحديث عن أسباب هذه الظاهرة ونتائجها ؛ ذلك أن التقاعد مرحلة مُرتقبة في حياة كلّ موظّف وموظّفة سواء طالت فترة الخدمة أم قَصُرت،وإنما أردتُ أن أقف مع من بدؤوا هذه المرحلة من المتقاعدين والمتقاعدات.. فأقول وبالله التوفيق :

• • التقاعد ليس كما ينظر بعضهم أنّه بداية النهاية، وأنّ أجراس الخطر بدأت تدقّ معلنةً قرب الرحيل، وليس أيضاً مرحلة خلود للكسل والنوم والفراغ، فكلا النظرتين تؤثران سلبًا على حالة المتقاعد النفسية والاجتماعية،ولكن لننظر إلى التقاعد بمنظار التفاؤل والأمل الذي يقول : (القادم أجمل بإذن الله ) لنكتشف أنه انتقال لمرحلة جديدة ؛ كالانتقال من مرحلة الدراسة إلى مرحلة العمل ثم مرحلة التقاعد.

وهي مرحلة لها لذتها ومتعتها، لأنه خروج من روتين العمل والتزاماته، وصفاءٌ للذهن

والعقل من تراكمات التخطيط والترتيب التي أرهقت الموظف سنين طويلة.

• •التقاعد مرحلة تحقيق أحلام وطموحات للموظف تعذّر تحقيقها لضيق وقته وهو على رأس العمل...

- ومن الأبيات الجميلة في وصف هذه المرحلة ما ورد على لسان أحدهم لزميله الذي تقاعد:

يقول زميلي إنّه متقاعد

فقلت عسى الإعياء عنك يُباعدُ

ويكفيك أن أفنيت عمرك جلَّه

تؤدي مهمَّاتٍ بها الله شاهدُ

فلا تعتقد أنّ الحياة قد انتهت

أو أنك صفر في الشمال وزائدُ

فكلٌّ له دورٌ يؤديه راضياً

ويمضي إذا ما فات والعمر نافدُ

تلفّتْ ترى الدنيا وهذا نعيمها

يناديك فاغنم ما حوته الموائدُ

**ولكن -أخي المتقاعد- لن تشعر بلذّة هذه المرحلة إلا بالتخطيط لها ووضع الأهداف ببعض الجدّية المُريحة، فهذا له أثر كبير في تجدّد النشاط والحيويّـة.. وإليك بعض المشاريع التي تنفعك-بإذن الله-:

١- حفظ القرآن الكريم، ومما يُعينك على ذلك الالتحاق بحلقات التحفيظ، ففيها من الخير والبركة ما لا يعلمه إلا مَن التحق بها.

٢- حضور مجالس العلم والمحاضرات والدورات المفيدة.

٣-القيام ببعض الأعمال التطوعية كزيارة المرضى، وتفريج كربات الفقراء، والالتحاق ببعض المؤسَّسات التطوعية النظامية.

٤-القيام بصلة الأرحام وزيارة الإخوان في الله وتقوية العلاقة بالجيران.

٥-كتابة الأبحاث المفيدة في مجال عملك

ليستفيد منها الآخرون، ولو بنشر بعض الفوائد في مواقع التواصل الاجتماعي.

٦-إفادة الآخرين من خبراتك السابقة في مجال عملك.

٧-السفر المفيد النافع.

أخيراً: اسأل الله لكل متقاعد أن ينفع به أينما كان، وأن يجعله مباركاً حيثما كان..والحمد لله رب العالمين.