الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

بين الوثيقة والوظيفة.. عدة أسطر!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تذكر إحدى القصص الساخرة في هذا الزمن أن شاباً بشر والده بتخرجه من الجامعة، فبكى الوالد لذلك بكاءً شديداً، وقال: ها أنت تنضم إلى إخوتك العاطلين..

اضافة اعلان

وفي هذه القصة إشارة إلى ما آلت إليه حال كثير من شبابنا وبناتنا بعد التخرج.. إذ لم تعد فرص التوظيف متاحة كما كانت قبل عشرين سنة أو يزيد.. وصارت الوثيقة عبئاً نفسياً لدى أولئك الذين درسوا من أجل أن يتوظفوا بها.. بل وعائقاً وهمياً يحول بين الشاب وممارسة حياته والاستفادة من مواهبه وتطوير إمكاناته إلى حين حصوله على الوظيفة المنشودة..

وينطبق الأمر على الفتاة التي تجد نفسها بعد التخرج بدون وظيفة، وربما بدون زواج.. فتصبح الأيام المقبلة في حياتها متشابهة.. تدور وتتشقلب بالآخرين، وهي مجرد متفرج يتأمل كيف يحدث هذا كله..

ولربما مرت سنوات على هذه الحال فإذا ما تهيأت الوظيفة.. وأردت بنظرة عاجلة أن تقدر مدى التغير الفكري والثقافي والعملي لدى هذه الشابة أو ذلك الشاب منذ تخرجهما وإلى حين توظفهما ستجد أنهما لم يضيفا جديداً إلى نموهما المعرفي.. بل وربما تكونت لديهما عادات سلبية أفرزتها البطالة.. وحالما يبدأ وظيفته تتكشف عوراته الفكرية، وضعف مهاراته العملية.. وتظهر الفجوة العميقة بين مكانته كموظف مبتدئ.. وما يفترض أن يكون عليه بعد توالي كل تلك السنوات عليه..

وهناك صنف آخر من الشباب والشابات ممن حصل على وثيقة تخرجه مدركاً ما ينتظره من شح الوظائف وصعوبة الحياة..

وعلى أمل الزواج.. والحصول على الوظيفة الملائمة يشمرون عن سواعدهم وعقولهم بحثاً وتجربة ومثابرة..

فالسنوات تمر بصعوباتها عليهم أحلى من الشهد.. يصنعون خبراتهم في التعامل مع الآخرين.. ويرون بأعينهم كيف تتشكل ذواتهم من جديد.. ولربما ترقوا في وظائفهم (المؤقتة) حتى أصبحوا رقماً يصعب الاستغناء عنه.. فإذا ما جاءت الوظيفة الموعودة كان لدى أحدهم رصيد في البنك.. ورصيد من الخبرات والتجارب تختصر عليه المسافات لينطلق منذ البدء في وظيفته الجديدة مبدعاً ومتميزاً وقادراً على منافسة الآخرين، والتدرج في المناصب سريعاً وهو يطوي سنوات الانتظار التي مضت كأنها لم تكن..

كلاهما على أمل.. من ينتظر ولا يعمل في انتظاره شيئاً..

ومن ينتظر ويجعل من انتظاره حكاية كفاح ونجاح مبهرة لمن يسمعها أو يشاهدها..

كل ما علينا فعله لنكون أحد الصنفين هو أن نتخذ قراراً بتبني الرؤية.. والانطلاق.. والمثابرة والاستمرار..

سواء كان ذلك أن نتبنى الدور السلبي، أو الدور الإيجابي..

فأيهما ستختار يا من تنتظر الوظيفة؟

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook