الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ضرب المعلمين

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

نسمع من حين لآخر عن حالات يتجاوز فيها بعض المعلمين حدود المهنية التعليمية والضوابط التربوية، وذلك باستخدام العنف الجسدي أو اللفظي ضد الطلاب. ومع أن هذا الأمر مرفوض تماماً، إلا أن بعض من يُقدمون على هذا العمل ربما حاولوا الاعتذار لأنفسهم بأنهم يقابلون الطلاب بضع ساعات في اليوم، مما يجعلهم في حالة تعرض مستمر لاستفزازات بعضهم.

اضافة اعلان

في المقابل، تأتينا الأخبار من وقت لآخر محملة بقصة ولي أمر طالب، يقوم فيها باقتحام مفاجئ وقسري للمدرسة، ليطلب مقابلة معلم بعينه، ومن ثم يبدأ في التلفظ عليه أمام الطلاب بما لا يليق من العبارات والشتائم، يختمها بعضهم بالاعتداء الجسدي!

وليت الأمر توقف عند الرجال، بل إن بعض أولياء الأمور من الجنس اللطيف، أبين إلا أن يشاركن في بعض حلقات العنف المدرسي، فسمعنا عن أمهات دخلن مدارس بناتهن عنوة، وطلبن مقابلة معلمة بعينها، لتقوم بالاعتداء اللفظي عليها، وتهديدها، بالسلاح أحياناً، فقط لأنها لم تعط ابنتها الدرجة الكاملة، أو لأنها أعطت ابنة ضرتها -مثلا- درجة أعلى من ابنتها، غير مكترثة بتبرير المعلمة أن الطالبة بالفعل لم تُتقن المهارات المطلوبة.

لا شك أن المعلم الواعي هو من يستطيع أن يتعامل مع طلابه بحكمة وسعة أفق، ويكون مستعداً للمفاجآت التي لا يستغربها الخبير من أطفال أو مراهقين، أو حتى من استفزازات بعض أولياء الأمور. كما ينبغي أيضاً أن تتكاتف الجهود الإدارية مع الإرشادية لدعم المعلم حتى يقوم برسالته على أفضل وجه. لكن أن يصبح خطأ المعلم مبرراً لعنف الآباء (وربما الأمهات) فهذا مؤشر خطير يستدعي الوقوف أمامه بكل حزم. نحن -بحمد الله تعالى- في بلد يستطيع فيه وليُّ الأمر رفع شكواه أو تظلمه ضد المعلم أو إدارة المدرسة بطرق نظامية؛ فليس من المقبول أن يلجأ أولياء الأمور إلى أخذ حقهم بأيديهم!

وكما أن العنف الأسري ضد الأبناء يجعلهم أكثر ميلاً نحو استخدام العنف مع الآخرين، فإن قيام الأب أو الأم بعلاج مشكلات أبنائهما التعليمية بالقوة أو بالبذاءة اللفظية يعلمهم أنه بإمكانهم اللجوء لهذه الأساليب السلبية لأخذ ما يرونه حقاً لهم.

فبالإضافة إلى أن ولي الأمر يقدم لابنه نموذجاً سلبياً للتعامل مع أخطاء الآخرين، فقد تنتهي هذه القضية بما لا تحمد عقباه. فلو أثبت المعلم تعرضه للضرر الجسدي أو المعنوي، ثم لجأ إلى القضاء؛ فإن القاضي حتماً سوف يقتص من الأب سواء بعقاب جسدي أو بالحبس، مما ينعكس بسلبيات إضافية على أسرته وأبنائه، هم في غنى عنها.

من المعروف أن للإرشاد الطلابي دوراً مهماً في اكتشاف المشكلات وعلاجها قبل تفاقمها، إضافة إلى أنه يتيح للمعلم التركيز على التدريس وإبعاد الطالب المستفز أو المثير للمشكلات عن زملائه. لكن دور المرشد الطلابي يحتاج دعماً أكبر، من الناحية العددية والجودة، إذ لابد من توفير عدد كافٍ من المرشدين يتناسب مع عدد الطلاب في كل مدرسة، وبحسب طبيعتها والمشكلات التي تمر بها، إضافة إلى التدريب والتطوير المستمر لرفع المهارات وتبادل الخبرات.

د. محمد بن عبدالعزيز الشريم  mshraim@

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook