الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

قادة العمل الخيري السعودي .. هجرة أم انكفاء؟

حجاج بن عبدالله العريني
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

يبدو أن موجة الإغلاقات والإيقاف التي طالت عدداً من مؤسسات وهيئات القطاع الخيري في المملكة العربية السعودية، لم تقتصر آثارها على البنية المؤسسية فحسب، فقد ألقت بظلالها السالبة على الكوادر البشرية العاملة من قيادات ورجال هذه المؤسسات.

اضافة اعلان

لقد دفعت تلك الموجة بطموحات وآمال قيادات ورجال هذه المؤسسات، لتلقيها بين «شقي رحى»، حيث فرضت عليهم خيارات قاسية.

تلك الخيارات القاسية تتلخص في المفاضلة بين: الانكفاء والانطواء على أنفسهم، ومغادرة ميادين العمل الخيري، أو الهجرة إلى بعض الدول التي يحظى فيها العمل الخيري بمكانته الطبيعية، وبالاحترام والتقدير على المستوى الرسمي والشعبي، ويجد فيها العاملون آفاقاً أوسع ورعاية ودعماً رسمياً.

وبلا ريب، فإن كلا الخيارين يعدُّ خسارة كبيرة وانتكاسة لجهود السعودية في ميادين الإغاثة والعون الإنساني. إذ ستخسر المملكة خبرات وطاقات فاعلة أسهمت كثيراً في صناعة واجهة مهمة لعلاقاتها الدولية.

ولا يخفى على القارئ المتابع أنه في عدد من دول الجوار يمثل القطاع الخيري أحد أعمدة السياسة الخارجية، وهو أمر يحفّز هذا القطاع للاهتمام بالخبرات والكفاءات واستقطاب أمثال هؤلاء القادة، خاصة وأن رجال القطاع الخيري في السعودية يتميزون بالسبق في هذا المجال، مع تمدد العلاقات، وتراكم الخبرات، إضافةً إلى القبول والسمعة الحسنة.

والتجارب والممارسات العملية في القطاع الخيري السعودي، أثبتت أنّ كثيراً من هؤلاء الرجال نجحوا في تحويل هذا القطاع إلى واجهة لتنشيط «الدبلوماسية الشعبية»، حيث نجحوا في مد أواصر العلاقات الشعبية، وإبراز الصورة المشرقة للسعودية، عبر المعاملة الكريمة للمحتاجين، ومد يد العون للضعفاء أينما كانوا.

إنّ المملكة العربية السعودية ليست غنية بمواردها الطبيعية فحسب، بل هي غنية برجال تناطح هممهم السحاب، مع طموحات غير محدودة في تفعيل وتنشيط جوانب الخير التي قامت عليها هذه الدولة المباركة.

وبلا شك فإن هذه الدول التي ستهاجر إليها هذه الخبرات، ستكسب كثيراً من تقوية العمل الخيري لديها في أبواب كثيرة شرعية وسياسية وتنموية، وستساهم هذه الطاقات المهاجرة في صناعة الولاءات لهذه الدول، وتعزيز وتنمية المجتمع.

وختاماً أقول : إن التفريط بأمثال هؤلاء الرجال والخبرات، يُعد تفريطاً في حق وطن يستحقهم ويحتاج إلى جهودهم، ولعل أصحاب القرار يعيدون النظر والدراسة لأثر وأهمية توسيع نطاق العمل الخيري والإنساني، أو على الأقل ينظرون في إدماج هذه الطاقات المميزة في الكيانات القائمة مثل مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية وغيره، وسنرى نتائج مبهرة لهذه الطاقات في تطوير هذه الكيانات وتعزيزها وربطها بالدعم المجتمعي الذي لا ينضب.

_________ * خبير وناشط في العمل الخيري.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook