الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

رثاء الوفاء

أبرار القاسم
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

بسم الله الرحمن الرحيم

سمعت وقرأت من يرثي الوفاء في زمن مضى، فكيف بزماننا، وكل زمان أَشّر من الذي قبله؟!

اضافة اعلان

قيل في ذلك:

سقى الله أطلال الوفاء بكفه... فقد دُرست أعلامه ومنازله

وقيل:

ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب... فالناس بين مخاتل وموارب

وقيل:

ذهب التكرم والوفاء من الورى... وتقرضاً إلا من الأشعار

وقيل:

غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت... مسافة الخلف بين القول والعمل

وقيل:

أشكو إلى الله من زمان... قد مات فيه ذوو الصلات

وكل من كان ذا وفاء... مضى إلى الله بالوفـــاء

وقيل: (تعامل القرن الأول فيما بينهم بالدين زماناً طويلاً حتى رقَّ الدين، ثم تعامل القرن الثاني بالوفاء حتى ذهب الوفاء، ثم تعامل القرن الثالث بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعامل القرن الرابع بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم صار الناس يتعاملون بالرغبة والرهبة).

بل بلغ ببعضهم إذا اجتهد في يمينه قال: لا والذي جعل الوفاء أعز ما برأ.

تلك الأقوال وغيرها خُيلت لي أن الوفاء في زمانهم قد جُهز كفنه لأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، أما في زماننا فقد واراه التراب.. ومن اشتاق له يقف على أطلاله!

لكن الله يقيض في كل زمان من يفي للوفاء، فيجدد روحه، وينشر عَبق أريجه في الأرجاء؛ لأنهم يؤمنون بأن الوفاء من الدين، وقد حاز تاج المجد ومقاليد الشرف ومعاقد العز، يكفيه فخراً أن رسولنا صلى الله عليه وسلم أثنى بالوفاء على ربنا فقال: "اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك، وحبل جوارك، فقه من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت ((أهل الوفاء)) والحق، فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم".

ولعلي أسلط في مقالتي هذه الضوء على نموذجين مشرفين من الوفاء النادر:

أولها: سمعتها تبتهل رافعة أكف الضراعة: اللهم إنك قد شهدت عهدنا حين أبرمناه معاً ألا نتخلى عن بعضنا مهما عركتنا الصعاب، وأن نقف مع بعضنا في السراء والضراء والشدة والرخاء حتى نلقاك، يا عليم تعلم أن العهد قد نُقض دون علمي ولا مشورتي، وأُخذت على غِرة، وأن أهل الوفاء في هذا الزمن قلة فاجعلني منهم، واكتبني معهم، واحشرني في زمرتهم، فما زلت باقية على عهدي وسأفي بعقدي الذي لا أستطيع أن أحققه الآن إلا بالعفو والصفح، والدعاء لمن أخلف عهدنا ونقض ميثاقنا.

ثانيها: ما سطره الأستاذ الفاضل راشد بن عبدالله العمري حيث ضرب أروع الأمثال في وفائه لشيخه الذي جفاه سبع سنين

إنني المفؤودُ في "سبعٍ عجافْ"...  وأنا المدفوعُ عن تلك الضفافْ

إنني مَن عاش ملتاعاً بمن...  قطَّع الأوصال واستحلى الجَفافْ!

تفضلوا تفاصيل حكايته مع هجر شيخه (اضغط هنا)

وما زال الوفاء في الأمة باقياً إلى قيام الساعة، فكم أثلجني ما قرأت وسمعت من نماذج مشرفة للأوفياء الذين أضاءوا بوفائهم، ونبل خلالهم بدر الأخلاق الفاضلة في سماء القيم كثرهم الله.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook