الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

سر التأثير المتعدي للأمة ولماذا فقدناه؟

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

حينما نتأمل في بعض الجوانب العبادية التي وردت في كتابنا الكريم، أو أمر بها نبي الأمة، محمد صلى الله عليه وسلم، سنجد خاصية مميزة غرست بحكمة ولحكمة، ونبه إليها حتى يدركها الجميع نصاً، وتتلقاها الأجيال وتتوارثها الأمة، باعتبارها سراً عظيماً من أسرارها التي تحفظ لها خصوصيها.

اضافة اعلان

هذه الخاصية هي التميز ومخالفة الأغيار، كلهم، بل واعتبار أن الأمة خير من كل الأمم السابقة والمعاصرة لأمة الإسلام، قال تعالى: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" (آل عمران:110).

حتى في تلك العبادات التي قد تكون قاسماً مشتركاً بينها وبين الأمم الأخرى، نبه النبي الكريم على التميز، فصيام عاشوراء الذي هو قاسم مشترك بين أمة الإسلام واليهود، كان حتماً التميز بصيام التاسع والعاشر، ولا هدف من وراء ذلك إلا مخالفة هذه الأمة الملعونة.

بل جاءت بعض التوجيهات النبوية بأفعال الجانب الأكبر منها يكمن في إظهار تميز الأمة الإسلامية، ومن ذلك التوجيه النبوي بإطلاق اللحى وحف الشارب، مخالفة لمن سبق هذه الأمة من المجوس وغيرهم؛ وهو ما نص عليه التوجيه النبوي.

فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جُزُّوا الشَّواربَ، وأَرْخوا الِّلحى، خالفوا المجوسَ" (صحيح مسلم:260)، وعند البخاري: "خالفوا المشركين: وفروا اللحى، وأحفوا الشواربَ". (صحيح البخاري: 5892).

وكذا الصلاة في الخفاف، كما جاء عن شداد بن أوس، عنه صلى الله عليه وسلم: "خالِفوا اليهودَ والنَّصارى فإنَّهم لا يُصَلُّون في خِفافِهم ولا في نِعالِهم" (صحيح ابن حبان: 2186).

وعلى هذا الأثر، وفي مجالات أخرى من مجالات الحياة، جاء هدي الخلفاء الراشدين، بإظهار تميز الأمة ومخالفتها لغيرها من الضالين والملعونين، حينما شاور الصحب الكرام، وجعل للأمة تقويماً هجرياً متميزاً عما كان سارياً حينئذ في العالم الجاهلي.

هذا التميز ومخالفة الآخرين، في العبادات والمعاملات كان، كما أسلفنا القول، مقصوداً لذاته؛ لأنه بالأساس أحد أبرز مكونات الحضارة والتأثير، ويمنع التماهي والذوبان في عادات وتقاليد تلك الأمم، الذي هو أول مراحل السقوط الحضاري.

أي أنه يقوم بدور متقدم ويضع الأمة في مكانها المرموق حضارياً؛ ومن ثم يكون تأثيرها المتعدي على الأمم الأخرى، ويقوم بدور وقائي يمنع الأمة من الانزلاق في هاوية تقليد الأمم الأخرى، وهي السمة البارزة للمنهزمين في كل وقت وحين.

وهذا المعنى أشار إليه ابن خلدون في مقدمته حينما قال: "المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره، وزيه، ونحلته، وسائر أحواله وعوائده، والسبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه.. للنظر إليه بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه".

وللحديث بقية..

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook