الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

وأخيرا.. المجتمع يقف ضد العلماء !

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

هكذا يتحدث التيار التغريبي أو هكذا يتمنى، وكثيرا ما ردد قائلا إن سطوة العلماء والدعاة والمتدينين على المجتمع كبيرة وطاغية وغير منطقية، وخلقت أجواءً وآثارا سلبية، أدت إلى تعطيل الكثير من حاجات الناس الضرورية والتكميلية وحرمتهم من حقهم في أن يعيشوا حياتهم كغيرهم من المجتمعات الأخرى.

اضافة اعلان

ويقولون أيضا إن الدين تعرض لتشويه شديد وتأويلات متعسفة وتفسيرات مغلوطة من قبل المتنطعين والمتشددين، بل إن أكثر ما يدعون إليه في كتبهم ومحاضراتهم وندواتهم ومقالاتهم وتغريداتهم ليست من الدين في شيء، إنه دين مخترع خاص بهم فقط، ينفرون به الناس عن دينهم الصحيح.

ولا ينسون أن يقولوا أيضا إن ما يسمى بالصراع بين الأصالة والتغريب أو الفضيلة والرذيلة هو صراع مصطنع، يتولَّى كِبره أولئك المستعلمون والدعاة المتشددون الذين يخوضون حربا عبثية ضد تيار الحداثة والتنوير والتطوير، التيار الذي يتحمل اليوم عبء المواجهة مع هؤلاء الظلاميين نيابة عن المجتمع المضطهد دينيا والمختطف فكريا وثقافيا من قبل المتطرفين؛ لذا فإن على المجتمع أن يتنبه لسطوة هذه الفئة المتشددة ووقوفها حجر عثرة أمام الكثير من قضاياه المهمة وحاجاته الضرورية التي تفرضها طبيعة ومقتضيات العصر.

يجب أن يواجه المجتمع هؤلاء الذين يدّعون الصلاح والإصلاح وأن يتحرر من سطوتهم وتأثيرهم لكي يتنفس الصعداء ويعيش حياته كما يعيش العالم.

هذه معركة التغريبيين الأولى التي يريدون من خلالها أن يسقطوا الرموز العلمية والشرعية والدعوية ، لكي يصلوا بعدها إلى هدفهم ومشروعهم الكبير دون مقاومة من خصومهم التاريخيين، يريدون أن يبدأوا مشروع التغريب والتذويب وتغيير الوجهة والهوية بلا صعوبات؛ لذا فهم يستغلون كل فرصة لمهاجمة العلماء والدعاة واصطناع الصِدام معهم، وتشويه صورهم عبر تضخيم بعض المواقف أو الأخطاء أو السلبيات أو حتى مطالبتهم بأن يكونوا غير الناس فلا ينبغي لهم أن يأكلوا طيبا ولا أن يسكنوا بيتا جميلا ولا أن يسافروا للخارج ولا أن يعلموا أولادهم هناك ولا أن يعيشوا كما يعيش البشر وإلا فليتركوا منبر العلم والدعوة.

يتفنن التغريبيون في شن الحملات الصحفية المنظمة وإعداد المشاهد التلفزيونية الساخرة وتكثيف البرامج الحوارية الموجهة، وكلها تصب في الهدف الأثيم وهو تحطيم هيبة العلماء والدعاة وهدم مكانتهم الكبيرة في نفوس الناس ونقدهم وتجريحهم بلا دليل أو سبب وبكل وقاحة وافتراء وظلم.

ثم تأتي مرحلة نقل معركة القيم ومواجهة التغريب، وجعلها بين العلماء والدعاة من جهة والجمهور العريض الواسع من جهة أخرى، عبر مواصلة تشويه صور المصلحين وإيهام المجتمع أن مصالحه وحاجاته يقف ضد تحقيقها المتطرفون.

هكذا يسعون ، وهكذا يتمنون ، ولكن حتى الآن لا يزال المجتمع يقظا ومستعصيا على الرضوخ لإعلامهم ووسائلهم الرخيصة، لا يزال المجتمع يحفظ للعلماء والدعاة منزلتهم العظيمة، ويقدمهم على من عداهم، ويستمع لهم جيدا ويسير وفق آرائهم وفتاواهم في كل مناحي الحياة.

بل لا يزال التيار العريض في المجتمع حتى وهو يقع في الخطأ أو يقصر في جعل حياته منضبطة بالشرع -لا يزال يقف خلف العلماء والمصلحين بكل قوة ضد مظاهر التغريب، ويسعى لمواجهتها بلا هوادة؛ لأنها تخالف دينه وعاداته وتقاليده الأصيلة وبيئته المحافظة ، ومع اعترافه بالتقصير إلا أنه لا يزال مرتبطا قلبيا وفكريا بالقيم والمباديء الإسلامية ويتمنى أن يعود إليها ويتمسك بها ويحافظ عليها، وليس كما يدّعي التغريبيون من أن الصراع ضد التغريب ينحصر في عدد محدود يمثله هؤلاء العلماء والدعاة والصالحون وهم يهدفون بهذا إلى إيهام الناس أن الغالبية العظمى من المجتمع لها رأي يختلف عن رأي هذه الفئة المحدودة، وأن المجتمع يبحث عن التغيير وكسر التقاليد والانطلاق نحو التغريب بكل تفاصيله.

يريدون أن يجعلوا المعركة بين المجتمع وعلمائه ويستعيدوا الصراع بين المجتمع والكنيسة في الغرب، وشتان بين الاثنين.

لابد أن يفهم أولئك المستغربون أن الدفاع عن الإسلام ومفاهيمه وقيمه وأخلاقه والتمسك بها ليس محصورا على فئة العلماء والدعاة فقط؛ لأن هناك صلحاء وشرفاء ومحافظين غير العلماء والدعاة، إذ الإيمان ليس حكرا على فئة بعينها، فالدفاع عن المباديء والقيم سجية عامة في المجتمع.

إن انتماء الناس لدينهم وقيمهم وعاداتهم الحميدة وعلمائهم ودعاتهم حقيقة مشرقة، وأكبر من أن يغيبها أحد أو أن يجادل فيها مستغرب أعمى الله بصيرته.

ولكن حتى متى يبقى المجتمع عصيا ورافضا للتغريب ومقدِّرا للعلماء والدعاة والمصلحين وحافظا لهم مكانتهم وقدرهم وهذا التيار المستغرب يمكر بالليل والنهار، ويمكر مكرا كُبّارا ورخيصا ومبتذلا باستخدام كل الوسائل مهما كانت في سبيل أن يتخلى الناس عن علمائهم ودعاتهم وتخلو له الساحة ليمارس فيها غوايته ؟

الإجابة لديك أنت !!

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook