الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

معركة التنمية بين الاحتياجات والرغبات

%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%8a%d8%aa%d8%a7%d9%85
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

نشر أحد المواقع غير الرسمية (موقع اليتيم http://www.yatem.co/) إحصائية عن عدد الجهات التي "تعمل"مع الأيتام – وليس شرطاً أن تكون مختصة بهم فقط - في المملكة العربية السعودية، والحقيقة أن الرقم جعلني في حالة ذهول وتأمل..

اضافة اعلان

هناك تقريباً 114 جمعية في بلدنا تتعامل مع الأيتام وتقدم خدمة لهم! بينما الرقم الحقيقي للجمعيات المختصة بالأيتام لا يتجاوز بضعة عشرة جمعية.. هذا المشهد نستطيع أن نستنتج منه عدداً من النقاط، وليس شرطاً أن تكون كلها دقيقة ومسلماً بها، ولكني أضعها بين أيديكم للتأمل والمناقشة وإثراء الرأي والفكر:

النقطة الأولى: غياب قيادة الميدان من صاحب القرار، فهو يوافق على طلب تأسيس الجمعيات بشكل تلقائي غالباً، ويكتفي بمراجعة الإجراءات والمتطلبات النظامية.. وليس وفقاً للاحتياجات والأولويات التنموية.

وكان الأولى من وجهة نظري أن كل منطقة لها احتياجات تنموية محددة (إسكان، صحة، تعليم، اكتساب،..) وتعلن عنها الوزارة المختصة؛ وبناءً على ذلك يتقدم المواطنون بطلب تأسيس الجمعيات التي تساهم في تقديم الخدمة، وتسد الاحتياج، وتعزز المجتمع المحلي. بهذه الصورة نحن نساهم في بناء القطاع الثالث بناءً متوازناً لا يطغى فيه جانب الرعوية على جانب التمكين والتنمية، ونؤسسه على جانب الدراسات والاحتياجات وليس وفقاً للرغبات والأمنيات.

النقطة الثانية: في ظل هذا العدد الكبير من الجمعيات المتعاملة مع الأيتام؛ هل يتم التعامل مع المستفيدين الأيتام وفق محاور بناء تربوي ومجتمعي وقيمي أم هو محور بناء بدني بكفالة الطعام والشراب واللباس؟ إن ما يميز الإنسان هو عقله.. هو إسلامه.. هو إنتاجه.. وليس وزنه وكتلته! فهل تراعي الجمعيات تلك المحاور بنفس مراعاتهم واهتمامهم بمحور الغذاء؟ ما أعرفه أن جمعيات محدودة على أصابع اليد الواحدة من تسعى في هذا المضمار ولها التحية، ونتمنى من البقية أن تحذو حذوها، لكن من يُعيد القطار إلى السكة؟

النقطة الثالثة: هل ما يدفع الجمعيات للاتجاه نحو القضايا التي تحرك المشاعر كالأيتام وتفطير الصائمين ونحوها من أبواب الخير والبركة، هو عاطفة المتبرعين؟ وبناء على ذلك لا نلوم الجمعيات بقدر ما نلوم وعي المتبرعين؟ أظن من وجهة نظر شاركتها مع العديدين ووافقوني فيها أن هذا يمثل جزءاً كبيراً من المشكلة، فتجد المتبرع يرغب في بناء المسجد أو البئر أكثر من بناء المدرسة، أو كفالة المعلم، أو الطالب..!

هنا نحن بحاجة إلى بناء ثقافة تراكمية للوعي التنموي، وإيجاد نماذج ناجحة وإبرازها، وأن نروي قصص النجاح ونكرمها.

النقطة الرابعة: هل هذه الأرقام تعكس محدودية في الإبداع والتفكير في أبواب خير كثيرة يمكن الولوج إليها؟ إن أصنافاً عديدة من المستفيدين في المجتمع نحن مقصرون في الوصول إليهم أو نصل إليهم على استحياء.

في ورشة تدريبية أدرتها وأثناء جلسة عصف ذهني لم تتجاوز الخمس دقائق، استطاع الحضور أن يرصدوا بضعاً وستين فئة من فئات المستفيدين الذين يمكن تقديم الخدمة لهم! ما نسبة تقديم الخدمة لهم حالياً.. ؟ الجواب مُخجل.

أخيراً، وأنا أتكلم هنا عن الفئة الغالية على قلوبنا "الأيتام" فلا يعني ذلك أبداً التقليل من شأنهم، ولا المطالبة بتقليل الدعم لهم، أبداً، بل أنا أطالب بترشيد "الجهود" وأن نعمل بذكاء أكبر وليس بجهد أكثر، وإلا فلن تكون رؤيتنا 2030 قريبة المنال.

صورة الجدول:

%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%8a%d8%aa%d8%a7%d9%85

مصدر الجدول: http://www.yatem.co/Statistics.php

حساب الكاتب على تويتر: @mrtarekms

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook