تواصل - واس:
سلكت قوافلُ حجاج بيتِ الله، دروبًا وسُبلاً عدة للوصول إلى بيت الله الحرام، ملبية وموحدة تهفو قلوبهم لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، فسارت الجماعات والأفراد بتعدد أجناسها من كل فج عميق تلبي نداء المولى عز وجل، الذي قال في كتابه " وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) .
وعلى امتداد طرق الحج القديمة شهد الناس منافع لهم في تجارتهم ونقلت ثقافات ومعارف، وأثرت في النسق الاجتماعية للتجمعات الواقعة على تلك الدروب، فكانت جسورًا للتواصل بين الأمصار الإٍسلامية.
وتيرة الحركة خلال القرون الماضية كانت عامرة على تلك الدروب، ولم يقتصر استخدامها لغرض الحج بل يسلكها الركبان على مدار العام لبلوغ جهة ما، وتعبرها في قضاء حوائجها وشؤونها.
وتعددت طُرق الحج ومن أشهرها طرق الحاج العراقي والشامي والمصري واليماني والعماني.
وقد أولى الخلفاء والسلاطون المسلمون عنايتهم بطُرق الحج، ودليل ذلك ظهور وظيفة أمير الحج الذي يقوم برعاية الحجاج، وإقامة المحطات على الطرق، وتحديد المسافات بين المحطات.
ففي عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ( 13 - 23 هـ / 634 - 644 م ) بذلت عناية خاصة بالطريق ما بين المدينة المنورة ومكة المكرمة، فاهتم بإنشاء الاستراحات والنزل في المدينة المنورة، ليتمكن الحجاج والمارة من النزول بها خلال سفرهم.