الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الكُتّابُ والإرهاب

خالد المزيد
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
  الشعوب تعشق الحياة وتتطلع إلى النهضة والتحرر وتسعى لغد مشرق، آمالها جميلة وطموحاتها نبيلة تحب الخير لها وللآخرين. لكن ثمة منغصات تكدر صفو تلك الشعوب حاوَلَتْ تجاوزها بآمالها وتطلعاتها فأتى منغصٌ يحمل في طياته المنغصات كلها بأشكالها وصورها لا أقول إنه أقضّ مضاجعها التي باتت بالعراء فتلك مرحلة تجاوزها الإرهاب المعاصر إلى خسائر فادحة في الأرواح والأموال والأعمال والأوطان والعلم والمعرفة والنهضة والارتقاء والصحة والعافية والأمن والأجيال و...هذا الكم الهائل من المكاسب المفترضة والمنتظرة تخسره تلك الشعوب بين عشية وضحاها. لكن ترى ما السبب ؟! الشعوب تكره الإرهاب وتحاربه بكل ما أوتيت من قوة وبأس. محاربة الإرهاب واجب شرعي ومطلب وطني وإلحاح مجتمعي. والأسلحة المستخدمة في محاربته والتصدي له متنوعة بتنوع الإرهاب، والقلم أهم تلك الأسلحة وأكثرها وعياً فهو يحمل في نوعيته التحري والتثبت والدقة والأدلة والبراهين والحجج الناصعة الواضحة والكلمة الصادقة والأحرف الواعية والعبارات المستنيرة والتراكيب المشفقة. لكنّ القلم عندما يحيد عن مقاصده السامية وينحرف عن مساره الصحيح فإنه سينجرف لا محالة إلى طُرق وعرة مهلكة له ولغيره. اتجه فريق من كتابنا إلى الحديث عن الإرهاب وهذا شيء جميل ولكنهم في حقيقة الأمر لم يسطروا حرفاً واحداً عنه باتت عباراتهم تتحدث عن تجريم الصحوة لا الإرهاب وجملهم تسعى لعزل الناس عن تراثهم لا الاعتزاز بالذات ومقالاتهم ترسل رسائل مفادها أن النهضة والذات لا تجتمعان، وأشاروا بأنامل الاتهام إلى الصحوة وأهلها، إنهم كتبة أو كتّاب كتبوا بمداد التحريض وأقلام التجريح على أوراق مسمومة بأحرف موبوءة وعبارات ملغومة يصورون الصحوة على أنها خوارج إنهم لا يعرفون من الصحوة إلا أخطاءها وينتقون من المواقف والأفراد ما يستخلصونه قاعدة ومنهجا ليشيروا بأصابع الاتهام إلى الصحوة. إنهم يريدون أن يتشكل في أذهاننا أنها مجموعة من الأخطاء. هذا الفريق من الكُتاب جعل شغله الشاغل وهمه الأول والآخر ليس الصحوة بل القضاء عليها، فالحرب معلنة ضدها فلا يهنأ لهذا الفريق عيش ولا يطيب ولا يقر له قرار حتى يسقطها مهما كلّف الثمن وفي المقابل تجاهلوا مؤثرات مرتبطة بالإرهاب وغضت أقلامهم عن علاقته بالغزو الأمريكي للعراق ودعم إيران للطائفية ودموية بشار وخطورة الحوثيين.... كما أنهم تجنبوا انتقاد السياسة الغربية بأي شكل من الأشكال بل إنهم مجدوها ونظروا إليها نظر المعجب المنبهر كما نظروا إلى ثقافتهم بعين المقت والازدراء. إنّهم وجهوا سهام أقلامهم إلى الصحوة واستخدموا في ذلك الهجوم مناهج بلا منهج فاختلط منهجهم وانفكوا عن واقعهم وابتسروه وتقلبوا بين الشك والاحتمالية والانتقائية والعشوائية والاتهام والانتقائية المركبة والانفكاك العام من الحجج العقلية والبعد عن العقل الذي طالما مجدوه واستدعوا مع غيابه أو تغييبه السخرية واللجوء إلى العاطفة (التي يرمون بها الصحويين) لتبرير دعواهم فانتقوا أخطاء فردية وأبرزوها على أنها تمثل الصحوة وتجاهلوا كماً هائلاً ورصيداً ثرياً من المنجزات والخيرات بل والسلامة من كثير من المعضلات ومحاربتها. فهل الصحوة مَن أدخل المخدرات والخمور إلى الوطن ؟! إن الصحوة على العكس من ذلك هي من أسهم في مساعدة أجهزة الدولة للكشف عن الخمور والمخدرات والتصدي لها ومحاربتها وهل هي من أشغل السلطات بالقضايا الأخلاقية والسلوكية ؟! أنها كسابقتها وقفت مع الدولة وأسهمت في التصدي والمحاربة لتلك التجاوزات. وفي الأزمات تمد الصحوة يدها بكل الأشكال للإسهام في أي عمل يساعد الدولة وما قامت به الصحوة في المساهمة في استضافة إخواننا الكويتيين ومواساتهم في محنتهم حين غزو الكويت لا يخفى على أحد بل إن الصحوة تجاوزت ذلكم حيث كانت شمساً مشرقة على هذه البلاد في مد يد العون بالعلم والمعرفة والتوجيه والتثقيف وبالمشورة والصلح والإصلاح والمال وبناء الأسر والبيوت، فكانت ولا زالت عاملاً كبيراً في توعية المجتمع والتفاعل مع قضاياه. انطلقت الصحوة من الدين وقامت عليه وما قد يحدث من قصور يتخللها فتلك سُنة الضعف البشري لا انفكاك عنها. الزهد والورع خلقان جميلان ووجودهما في الصحوة نسبي، فلا يمكن تعميمهما ووصفها بالمثالية والنقاء كما لا يمكن تعريتها من هذين الخلقين الجميلين وفي كل الأحوال فهما غير واجبين. وما يوجه من نقد لبعض أفراد الصحوة من التنعم بالمال والمسكن والمأكل والمركب وغيرها فإن ذلك من المباحات التي يدعو هؤلاء الكتاب إلى تجاوزها إلى المحظورات. فكيف يوجهون النقد لبعض أفراد الصحوة في التنعم بالمباحات وهم يطالبون المجتمع باقتراف المحظورات أي مفارقة تلك!! وبعد؛ فإننا لا ننزه الصحوة ولا أفرادها من المثالب ولا ندعي لها القداسة بل إنها وهم واقعون - لا محالة- في الخطأ إنها نتاج بشري وهم بشر وهذه سُنة ماضية. لكن هذه الأخطاء تمثل من يقوم بها وتنسب إليه ولا تعمم لتطال الصحوة كلها. وهي كذلك قليلة جداً لم تصل إلى طموحات هؤلاء الكتاب فتمثل ظاهرة. إن الصحوة هي المجتمع وأي نقد لها فهو نقد للمجتمع، ومن يرد القضاء عليها إنما يريد القضاء على المجتمع بأسره. ومع كل ما سبق فمرحبا بالنقد الهادف والطرح البناء الذي يراد منه الإصلاح والتقويم والنهوض والتطوير لا إقصاء الصحوة والقضاء عليها.اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook