الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

6 انقلابات ومحاولتان غير مكتملتين تشهدها تركيا في مائة عام

انقلاب-تركيا
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - فريق التحرير:

لم يكن الانقلاب الفاشل الذي وقع أمس 15 يوليو 2016 في تركيا هو الأول من نوعه في هذا البلد الذي شهد في المائة عام الأخيرة وقوع ستة انقلابات عسكرية، علاوة على محاولة زُعم أنها كانت انقلاباً في 2009.

اضافة اعلان

وفيما يلي نستعرض الانقلابات العسكرية التي شهدتها تركيا خلال المائة عام الأخيرة:

انقلاب 1913م

وقع أثناء وجود الدولة العثمانية، ويعرف أيضاً بـ(انقلاب الباب العالي)، وأدى للإطاحة بالصدر الأعظم كامل باشا من السلطة واستبدال وزير الحربية، ناظم باشا، بإسماعيل أنور باشا. ففي 23 يناير عام 1913، دخلت مجموعة من الضباط الباب العالي أثناء اجتماع مجلس الوزراء، وأطلقوا النار على وزير الحربية ناظم باشا؛ مما أودى بحياته، فتقدم كامل باشا بالاستقالة.

واستبدل الانقلاب السلطة الفعلية للسلطان بحكومة الديكتاتورية الثلاثية المعروفة باسم الباشاوات الثلاثة: وزير الداخلية، محمد طلعت باشا، ووزير الحربية، إسماعيل أنور باشا، ووزير البحرية، أحمد جمال باشا.

انقلاب 1960م

نفذه ضباط من القوات المسلحة التركية ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطياً لحزب الديمقراطية يوم 27 مايو 1960. ووقع في وقت عانت في تركيا من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والمصاعب الاقتصادية، حيث كانت المساعدات الأمريكية حسب مبدأ ترومان ومشروع مارشال قد نفدت، ومن ثم كان رئيس الوزراء، عدنان مندريس، يخطط لزيارة موسكو أملاً في المساعدة الاقتصادية.

وأعلن العقيد ألبارسلان ترك، الانقلاب في الإذاعة وكان عضواً في الخونتا، ومن بين أول 16 ضابطاً دربتهم الولايات المتحدة في عام 1948 لتشكيل المنظمة المقاومة المعادية للشيوعية، ومكافحة التمرد، وذكر صراحة الإخلاص والولاء لمنظمة حلف شمال الأطلسي وحلف بغداد في خطابه القصير إلى الأمة، وحتى الآن لا تزال أسباب الانقلاب غامضة.

وأجبرت الخونتا 235 قائداً وأكثر من 3000 ضابط مكلف على التقاعد؛ وقمعت أكثر من 500 قاض ونائب عام، و1400 من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات؛ واعتقلت رئيس هيئة الأركان العامة التركية والرئيس ورئيس الوزراء وغيرهم من أعضاء الإدارة. وعُيّن رئيس أركان الجيش، جمال جورسيل، رئيساً للدولة ورئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع.

وانتحر وزير الداخلية، نامق جيديك، أثناء احتجازه في الأكاديمية العسكرية التركية. وتم عرض الرئيس، محمود جلال بايار، ورئيس الوزراء، عدنان مندريس، وعدد من أعضاء الإدارة الآخرين للمحاكمة أمام محكمة كانجاروو التي عينتها "الخونتا" في جزيرة ياسيادا في بحر مرمرة. واتهم السياسيون بالخيانة العظمى وإساءة استخدام الأموال العامة وإلغاء الدستور.

وانتهت المحاكمات بإعدام عدنان مندريس، ووزير الشؤون الخارجية، فاتن روستو زورلو، ووزير المالية، حسن بولاتكان، على جزيرة إمرالي في 16 سبتمبر 1961. وبعد شهر، عادت السلطة الإدارية للمدنيين.

انقلاب1971م

وقع في 12 مارس 1971، وعُرف باسم "انقلاب المذكرة"، وهي مذكرة عسكرية أرسلها الجيش بدلاً من الدبابات. وجاء وسط تفاقم النزاع الداخلي، ففي يناير عام 1971، عمت الفوضى أرجاء تركيا، وأضعفت الانشقاقات حكومة سليمان ديميريل، حيى أصبحت مشلولة وعاجزة عن محاولة إيقاف ثورات الجامعات والعنف في الشوارع، وغير قادرة على إصدار أي قوانين جادة بشأن الإصلاح الاجتماعي والمالي.

وفي 12 مارس، سلم رئيس هيئة الأركان العامة التركية، ممدوح تاجماك، رئيس الوزراء مذكرة تصل لحد إنذار أخير من القوات المسلحة. وطالب فيها بتشكيل حكومة قوية تضع حداً للوضع الفوضوي وتطبق القوانين الإصلاحية المنصوص عليها في الدستور، وإذا لم تتم تلبية هذه المطالب فإن الجيش سوف "يمارس واجبه الدستوري، ويتولى السلطة.

وقدم ديميريل استقالته بعد اجتماع استمر ثلاث ساعات مع حكومته؛ بينما استنكر زعيم المعارضة والسياسي المخضرم، عصمت إينونو، بشدة، أي تدخل عسكري في السياسة.

ولم يكن الانقلاب أمراً مفاجئاً لمعظم الأتراك، لكن طبيعته الجماعية جعلت من الصعب تمييز أي فصيل من القوات المسلحة تولى المبادرة.

وتردد قادة الجيش الذين استولوا على السلطة من ممارستها مباشرة؛ واختاروا في 19 مارس نهات إريم لقيادة الحكومة. وشكل إريم حكومة تكنوقراطية من خارج المؤسسة السياسية للعمل على تنفيذ برنامج القادة العسكريين للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي. واستند النظام على توازن غير متكافئ للسلطة بين الساسة المدنيين والجيش؛ فلم تكن حكومة منتخبة طبيعية ولا ديكتاتورية عسكرية صريحة.

انقلاب 1980م

هو الأكثر دموية وقد وقع في 12 سبتمبر 1980 وتزعمه الجنرال كنعان ايفرين مع مجموعة ضباط نشأوا على فكرة حماية المبادئ الأساسية للجمهورية التركية كما وضعها كمال أتاتورك، وكان المبدأ الرئيس فيها الفكر الكمالي واعتقادهم بأن سبب تدهور الامبراطورية العثمانية واندحارها عسكرياً كان لارتباطها بالأقطار العربية والإسلامية.

ودعم الانقلاب الولايات المتحدة الأمريكية، فتلقت تركيا مساعدات اقتصادية من منظمة التعاون والتنمية، وأخرى عسكرية من حلف شمال الأطلسي.

وخلال الثلاث سنوات الأولى من الحكم العسكري بعد الانقلاب تم إعدام 50 شخصاً واعتقال 650 ألف شخص ومحاكمة الآلاف، ووقعت 299 حالة وفاة بسبب التعذيب، وفضل 30 ألفاً آخرون المنفى، واختفى غيرهم كثيرون.

وشكل هذا الانقلاب ملامح البلاد للثلاثة عقود التالية، ومن أهم أسبابه: فشل حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات.

وانتهج الجيش التركي سياسة النزاع، وخلق جواً ملائماً لظهور العنف السياسي بين اليساريين واليمينيين، الذين خاضوا حرباً بالوكالة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فتم حل البرلمان والأحزاب السياسية، وتولى إيفيرين رئاسة مجلس الأمن القومي التركي، وتولى مهمة تسيير شؤون البلاد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية، والتي أسفرت عن انتخابه رئيساً في نوفمبر 1982بنسبة "90% " من الأصوات، وعرض دستوراً جديداً على الاستفتاء بعدما حصن فيه نفسه وجنرالات الانقلاب من المحاكمة، وعزز فيه من دور الجيش في الحياة المدنية بذريعة حماية الجمهورية والعلمانية.

وبعد مرور 30 عاماً على الانقلاب تمكن حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان من تعديل عشرات المواد من ذلك الدستور، بما فيها حصانة العسكر، ما سمح للمحاكم بمتابعة الانقلابيين والحكم عليهم بالمؤبد.

انقلاب 1993م

يُزعم أن عناصر بالجيش التركي نظمته ونفذته من خلال وسائل سرية. وكانت فترة أوائل التسعينيات فترة من العنف الشديد في تركيا بسبب الصراع الكردي التركي، ووافق الرئيس التركي تورغوت أوزال على إجراء مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني، وكان أوزال يخطط لعملية السلام مع وزير المالية السابق، عدنان قهوجي، والقائد العام لقوات الدرك التركي، أشرف بتليس. وأدت المفاوضات إلى إعلان وقف إطلاق النار من جانب حزب العمال الكردستاني يوم 20 مارس 1993.

وكانت هناك مطالبات بعمل انقلاب سري لمنع التوصل إلى تسوية سلمية، وحماية العلاقات السرية بين الجيش التركي، وأجهزة الاستخبارات بما فيها منظمة استخبارات جاندارما (JITEM) وعمليات مكافحة حرب العصابات، والقوات الكردية بما فيها حزب الله الكردي، والمافيا التركية. وكان فكري ساغلار، عضو سابق في اللجنة البرلمانية التي حققت في فضيحة سوسورلوك التي بدأت تسليط الضوء لأول مرة على الدولة العميقة التركية، واحداً ممن قدّم مثل هذه المطالبات، واصفاً إياها بـ "انقلاب عسكري سري".

وبالفعل وقعت سلسلة من الوفيات المشبوهة حيث لقي قهوجي وبتليس حتفهما، كما تُوفي الرئيس أوزال الذي كان يخطط لاقتراح حزمة إصلاح كبيرة مؤيدة للأكراد في اجتماع لمجلس الأمن القومي، وأدت وفاته في 17 أبريل إلى تأجيل هذا الاجتماع، ولم تقدم خطط الإصلاح بعدها. كما تُوفي عدد من الشخصيات العسكرية التي دعمت جهود أوزال للسلام، وتُوفي صحفيون قائمون بالتحقيق في الجيش التركي.

واتهم سيمدين ساقيق، زعيم سابق لحزب العمال الكردستاني، جماعة مرتبطة بمنظمة إرغينكون تسمى جماعة العمل الشرقية، بأنها مسؤولة عن اغتيال الرئيس والشخصيات الرئيسية التي تدعم عملية السلام، وحدثت عدة مجازر كجزء من "استراتيجية التوتر". ومن بين هذه المجازر، كمين حزب العمال الكردستاني في 24 مايو 1993، ومجزرة سيواس، ومجزرة باسباغلار في بداية شهر يوليو.

وفي 2013، تم اتهام الجنرال السابق ليفينت إرسوز، الذي كان رئيس منظمة استخبارات جاندارما (JITEM) ويعتبر المشتبه به الرئيسي في محاكمات إرغينكون، باشتراكه في مقتل الرئيس تورغوت أوزال عام 1993.

انقلاب 1997م

يُطلق عليها ثورة (انقلاب) ما بعد الحداثة، ويُقصد بها القرارات الصادرة عن قيادة القوات المسلحة التركية في اجتماع مجلس الأمن القومي يوم 28 فبراير 1997، والتي أطلقت عملية 28 فبراير التي عجلت باستقالة رئيس الوزراء نجم الدين أربكان من حزب الرفاه وإنهاء حكومته الائتلافية.

وأجبرت الحكومة على الخروج دون حل البرلمان أو تعليق الدستور، فقد وصف الحدث بأنه "انقلاب ما بعد الحداثة" من قبل الأميرال التركي سالم درفيسوجلو. ويزعم أن العملية بعد الانقلاب نظمتها باتي كاليسما جروبو (جماعة دراسة الغرب)، وهي جماعة سرية داخل الجيش.

وكانت عملية 28 فبراير التي تبعت إصدار مذكرة 1997 العسكرية فترة للانتهاك الشديد للحريات الدينية في تركيا، فتم إغلاق المؤسسات الدينية ومدرسة الإمام الخطيب وحظر الحجاب في الجامعات.

محاولة انقلاب مزعومة في 2009م

شهدت تركيا محاولة انقلاب مزعومة في عام 2009 يُطلق عليها خطة عمل عملية القفص، وهي خطة انقلاب مزعومة من قبل عناصر الحربية التركية، وتشكل جزءاً من قضية بورايزكوي من محاكمات إرغينكون، حيث يُزعم أن الذخائر التي تم العثور عليها في بورايزكوي عام 2009 كانت موارد خاصة بالمجموعة نفسها. وتذكر لائحة الاتهام أن الأدميرال المتقاعد أحمد فياز أوتجو إلى جانب اثنين من الأدميرالات الآخرين هم المنظمون الرئيسيون لهذه لخطة.

ويزعم ممثلو الادعاء أن أحد المساهمين في الخطة هي لجنة الدراسات الغربية (BÇG) - وهي مجموعة يقال إنها تشكلت كجزء من انقلاب "ما بعد الحداثة" الذي وقع عام 1997. ووفقاً لتقرير شرطة إسطنبول، كان إبراهيم شاهين هو العقل المدبر للخطة، ووضعتها منظمة إرغينكون، وترتبط بمجزرة دار زيرف للنشر. وادعت جريدة الفجر الجديد في عام 2010 أنه وفقاً للوثائق التي استردتها الشرطة، كان اللواء شينير اريوجور يحضر اجتماعات خطة عملية القفص.

وتكشفت الخطة لأول مرة عندما أُخبر ممثلو الادعاء عن العثور على متفجرات في قاع غواصة عرض في متحف رحمي إم كوش في ديسمبر عام 2008. وتم العثور على الخطة نفسها على قرص مضغوط في مكتب الرائد المتقاعد ليفينت بيكتاش. وتدعو الخطة المزعومة إلى ممارسة الإرهاب السياسي وتنفيذ عمليات اغتيال ضد مختلف الجماعات من الأرثوذكس الشرقيين والأرمن والأكراد واليهود والعلويين. ويبدو أن التنظيمات السرية داخل القوات المسلحة التركية هي من وضعت الخطة. وتم العثور على وثائق أخرى يقال إنها تتعلق بخطة عملية القفص في القيادة البحرية في جولشوك عام 2010.

ودخلت الخطة بالفعل حيز التنفيذ عندما تم كشفها، وفي منتصف عام 2009 ظهرت الملصقات الملونة (ومثلما ظهرت فجأة، اختفت فجأة) على أبواب مئات الأسر من غير المسلمين في كورتولوس، وهو الحادث الذي لا تزال أسبابه غير معروفة.

محاولة فاشلة في 2016م

في يوم الجمعة 15 يوليو 2016 نظم مَجموعة من ضُباط القوات المسلحة التركية مُحاولة انقلاب عسكري على الرئيس التركي المنتخب رجب طيب أردوغان، وبثوا بياناً عبر قناة تي آر تي الرسمية التركية، أعلنوا فيه عن إنشاء مجلس السلم ليكون الهيئة الحاكمة في البلد، وحظر التجول في أنحاء البلاد وإغلاق المطارات.

وحسب المصادر العسكرية التركية فإن قائدي القوات الجوية والبرية هما من نفذا الانقلاب، بينما خطط له محرم كوسا المستشار القانوني لرئيس الأركان.

ودعا أردوغان الشعب التركي للنزول إلى الشوارع لصد محاولة الانقلاب.

وسمع دوي طلقات قرب المطارات الرئيسية في أنقرة وإسطنبول. وفي أنقرة قصفت مروحية تابعة للانقلابيين مبنى البرلمان التركي.

وشهدت المدن التركية مظاهرات حاشدة دعماً للحكومة الشرعية وللرئيس أردوغان، ورفضاً لمحاولة الانقلاب.

ولاقت محاولة الانقلاب رفضاً من قيادات حزبية وعسكرية وبرلمانية تركية، وكذلك رفض قائد القوات البحرية التركية الأميرال بوسطان أوغلو، وزعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كليجدار أوغلو، الذي قال إن: "تركيا عانت من الانقلابات، وسندافع عن الديمقراطية".

وفي صباح اليوم الثاني لمحاولة الانقلاب وصل أردوغان إلى مطار إسطنبول الدولي وسط ترحيب شعبي، وأعلن عن إنهاء محاولة الانقلاب، وأكد أن المتورطين سيعاقَبون بغض النظر عن المؤسسات التي ينتمون إليها.

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إنه تم إلقاء القبض على 2839 عسكرياً في كامل أنحاء تركيا، ومقتل 265 شخصاً، وإصابة 1440 آخرين، إثر قيام عسكريين بمحاولة انقلاب استخدموا خلالها دبابات ومروحيات هجومية، كما أغلقوا بعض الجسور وسيطروا على بعض المحطات الإعلامية.

وأعلن رئيس الوزراء التركي في ظهر اليوم نفسه إحباط المحاولة الانقلابية التي نفذها عسكريون متمردون، وخلفت 265 قتيلاً على الأقل، فيما حض الرئيس رجب طيب أردوغان الحشود على البقاء في الشوارع للتصدي لأي موجة "تصعيد جديدة".

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook