الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

فتح مكة.. إيذان بغروب شمس الكفر والشرك في قبلة المسلمين

si0067
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 تواصل - الإعلام النوعي:
وقع فتح مكة في مثل هذا اليوم الموافق 20 رمضان من العام الثامن للهجرة النبوية.
سببُ الفتح
اضافة اعلان

نقضت قريش صلح الحديبية الذي عقدته مع المسلمين في العام 6 هـ عندما أعانت حلفاءها من بني الدئل بن بكرٍ بن عبد مناةٍ بن كنانة، وتحديداً بطن منهم يُقال لهم "بنو نفاثة"، في الإغارة على خزاعة، وهم حلفاءُ للمسلمين.

فجَهَّزَ النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - جيشاً قوامه عشرة آلاف مقاتل لفتح مكة من المهاجرين والأنصار الذين لم يتخلف منهم أحد، فسار هو ومن معه إلى مكة يصومُ ويصومون، فلما وصل الجيشُ منطقةَ الكديد (الماء الذي بين قديد وعسفان) أفطر وأفطر الناس معه.

si0067
التخطيط لفتح مكة

عندما وصل الرسولُ محمدٌ إلى ذي طوى وزع المهام والمسؤوليات بطريقة واضحة كما يلي:

جعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى، وفيها قبائل أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب، فأمره أن يدخل مكة من أسفلها، وقال: «إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصداً، حتى توافوني على الصفا».

جعل الزبير بن العوام على المجنبة اليسرى، وبعثه على المهاجرين وخيلهم، وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأمره أن يغرز رايته بالحجون، ولا يبرح حتى يأتيه.

جعل أبا عبيدة على البياذقة (الرجالة) وبطن الوادي.

بعث سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمة الرسولِ محمدٍ، وأمرهم أن يكفوا أيديهم ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم.

دخول مكة

وتحرَّك الجيشُ حتى وصل مكة، فدخلها من جهاتها الأربع في آن واحد سلماً بدون قتال، ولم يلق مقاومة تُذكر إلا ما كان من جهة القائد خالد بن الوليد، إذ حاول بعضُ رجال قريش بقيادة عكرمة بن أبي جهل التصديَ للمسلمين، فقاتلهم خالد وقَتَلَ منهم 12 رجلاً، وفرَّ الباقون منهم، وقُتل من المسلمين رجلان اثنان بعدما شذّا عن الجيش، وسلكا طريقاً غير طريقه.

ونزل النبي بمكة، جاءَ الكعبة فطاف بها، وجعل يطعنُ الأصنامَ التي كانت حولها بقوس كانت معه، وهو يردد قوله تعالى: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} و{جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}، ورأى في الكعبة الصورَ والتماثيلَ فأمر بها فكسرت. ولما حانت الصلاة، أمر النبيُّ بلالَ بن رباح أن يصعد فيؤذن من على الكعبة، فصعد بلال وأذّن.

وأقام الرسولُ محمد بمكة تسعة عشر يوماً، يجدد معالم الإسلام، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى، وخلال هذه الأيام أمر أبا أسيد الخزاعي، فجدد أنصاب الحرم، وبث سراياه للدعوة إلى الإسلام، ولكسر الأوثان التي كانت حول مكة، فكسرت كلها، ونادى مناديه بمكة: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنماً إلا كسره».

العفو العام
عفا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - عن أهل مكة عفواً عاماً وهم مجتمعون قرب الكعبة ينتظرون حكمه فيهم، فقال: «ما تظنون أني فاعل بكم؟»، فقالوا: «خيراً أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ»، فقال: «لا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ».

ولم تُعامل مكة كما عوملت المناطق الأخرى المفتوحة عنوة؛ لقدسيتها وحرمتها عند المسلمين، فحُفظت الأنفس من القتل أو السبي، وأُبقيت الأموال المنقولة والأراضي بيد أصحابها، ولم يُفرض الخراج عليها.

نتائج الفتح

كان من نتائج فتح مكة والعفو العام عن أهلها أن اعتنق كثير من أهلها الإسلام، رجالاً ونساءً وأحراراً وموالي، طواعيةً واختياراً، ومنهم: سيد قريش وكنانة أبو سفيان بن حرب، وزوجتُه هند بنت عتبة، وكذلك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وأبو قحافة والد أبي بكر الصديق، وغيرُهم.

وبدخول مكة تحت راية الإسلام دخل الناس في الإسلام أفواجاً، وصار المسلمون قوة عظمى في جزيرة العرب، وبرزت دولتهم قوةً كبرى في الجزيرة العربية.

فكان فتح مكة من أعظم انتصارات المسلمين، وبشارة عظمى بقيام دولة الإسلام في أقوى صورها، وإيذاناً بغروب شمس الكفر والشرك في شبه الجزيرة العربية والعالم من بعدها.

من أقوال الشيخ المغامسي:

من أقوال فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي عن يوم بدر ويوم فتح مكة:

لقد اقترن شهر رمضان بحدثين كريمين مباركين وقعا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هما: يوم بدر يوم الفرقان، ويوم فتح مكة يوم علو الشأن.

تجلت في هاتين المعركتين، أو في هذين الحدثين الجليلين، معاني عظيمة ودلائل سامية وعظات بالغة لمن ألقى السمع وهو شهيد.

تجلى في هذين الحدثين العظيمين إكرام الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، إن الصبر مطية وأي مطية أعطاها الله جل وعلا أنبياءه ورسله.

تجلى في هاتين المعركتين العظيمتين محبة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لنبيهم صلوات الله وسلامه عليه، آمنوا بأن الله واحد لا شريك معه وهو الذي بعثه، فأحبوا نبيهم ونصروه وعزروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أناجيلهم في صدورهم رضي الله عنهم وأرضاهم.

تجلى في هاتين المعركتين ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من خلق جم وقلب رحيم، وقد بعثه الله رحمة للعالمين فلما فدت قريش أسراها بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلادة كانت أمها خديجة قد أعطتها إياها يوم فرحها لتفدي بها زوجها العاص بن الربيع، فلما رأى صلى الله عليه وسلم القلادة تذكر خديجة ورق لابنته زينب، ودمعت عيناه صلوات الله وسلامه عليه ولما وقف في مكة بعد أن من الله عليه بالفتح الأعظم والمقام الأكرم قال: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

عف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدرته على من آذاه دليل على أي منزلة عظيمة تبوأها صلوات الله وسلامه عليه من الخلق الجم والسلوك القويم، ولا ريب أن الله جل وعلا تعاهده ورباه قال عليه الصلاة والسلام: "إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته".

جعل الله جل وعلا البيت الحرام قياماً للناس، جعله الله جل وعلا مثابة للناس وأمناً، فحقه أن يعظم ويبجل شرعاً، فيعظم مادياً بتطهيره وإعداده للطائفين والعاكفين والركع السجود، ويعظم معنوياً بأن يذكر الله جل وعلا عنده وأن يطاف حوله، وقد دخل صلى الله عليه وسلم الكعبة وطهرها من الأصنام وصلى في البيت ركعتين وطاف حول البيت، وأمر بلالاً أن يرقى على سطح الكعبة، وأن يؤذن وبقيت الكعبة إلى اليوم، وستبقى إلى أن يهدمها ذو السويقتين منارة سامية وقمة شامخة.

رمز الخلود وكعبة الإسلام *** كم في الورى لك من جلال سامي

جعل الله جل وعلا البيت الحرام لنا قبلة يقول صلى الله عليه وسلم: "قبلتكم أحياء وأمواتاً"، نوجه إليها موتانا ونتوجه إليها في صلاتنا، ولا نريد البيت وحجارته، لكننا نتمثل لأمر الله جل وعلا وشرعته، فنحن على كل حال عبيد أذلاء للكبير المتعال، جعلني الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

 
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook