الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

غزوة بدر الكبرى.. أولى المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي

Screenshot_8
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل- الإعلام النوعي:

في مثل نهار اليوم، والذي وافق الجمعة 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة النبوية الشريفة، قاد الرسول - صلَّى الله عليه وسلم - أشهر غزواته ضد الكفار، فكانت المعركة الأولى الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فيها فرق الله بين الحق والباطل، وخذل الكفر وأهله، وقُتل فيها صناديد قريش ومجرموها، وهي الحدث الذي غير مجرى التاريخ، وكانت البوابة الأولى لغزوات متتابعة أدت في النهاية للفتح الكبير - فتح مكة - واندحار الكفر ورفعة الإسلام وأهله.

اضافة اعلان

Screenshot_8

موقع الغزوة

وقعت غزوة بدر الكبرى على أرض وادي بدر الذي يقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويبعد عن المدينة المنورة 153 كلم، وهو أحد أسواق العرب، وأحد مراكز تجمعهم للتبادل التجاري والمفاخرة، وكان العرب يقصدونه كل عام.

وسُميت الغزوة بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكة والمدينة المنورة.

أهمية غزوة بدر وتعود أهمية غزوة بدر إلى عظم حجم الانتصارات التي حققها المسلمون فيها، والتأثيرات الإيجابية التي خلّفتها في نفوسهم، حيث إنها رفعت من معنوياتهم وزادت في إيمانهم، وهزَّت كيان أعداء الإسلام، وصاروا بعدها ينظرون إلى المسلمين على أنهم قوة لا يستهان بها.

أسباب الغزوة

كانت قريش تعامل المسلمين بقسوة ووحشية، فأذن الله للمسلمين بالهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، لكن قريشاً استمرت في مصادرة أموال المسلمين ونهب ممتلكاتهم، وعلم النبي - صلَّى الله عليه وآله وسلم - أن قافلة تجارية لقريش محملة بمختلف البضائع والأموال، وتقدر قيمتها بـ50 ألف دينار ومحملة على ألف بعير، سوف تمرّ بالقرب من المدينة في طريق عودتها إلى مكة المكرمة قادمة من الشام.

وقرر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أن يقابل المشركين بالمثل، ويسعى من أجل استرداد شيء مما نهبه كفار قريش من المسلمين عن طريق مصادرة أموال قريش بالإغارة على قافلتهم ومصادرتها.

لكن أبو سفيان الذي كان يترأس القافلة لما عرف نية المسلمين غيّر طريقه، وأرسل إلى قريش يخبرها بذلك، وطلب منهم المدد والعون، فهرعت قريش لنصرته والدفاع عن أموالهم بكامل العدة والعتاد الحربي، وكان عددهم من (900) إلى (1000) مقاتل.

وتمكن أبو سفيان من الفرار بالقافلة إلى مكة، ونجا بنفسه والأموال التي كانت معه، إلا أن مقاتلي قريش عزموا على قتال المسلمين.

أعداد المقاتلين قُدّر عدد المشاركين في غزوة بدر من المشركين بـ 1000 مقاتل، ومن المسلمين بـ 313 مقاتلاً، منهم 82 من المهاجرين و231 من الأنصار، وكان 170 من الأنصار من قبيلة الخزرج، و61 من قبيلة الأوس.

Screenshot_9

القتال

بدأ القتال بين المسلمين والكفار صباح يوم (17) شهر رمضان المبارك سنة (2) هجرية، بعد زحف الكفار نحو مواقع المسلمين، واستمر القتال حتى ظهر ذلك اليوم، وكتب الله النصر للمسلمين بعد أن استشهد منهم 14 رجلاً، وسقط من الكفار 70 قتيلاً، منهم أبو جهل، وأُسر منهم 70، وهُزم الأعداء وغنم المسلمون غنائم كثيرة.

وأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بدفن الشهداء ومواراة القتلى من الأعداء، ثم صلى بالمسلمين صلاة العصر، وتوجه المسلمون إلى المدينة المنورة وهم فرحون مستبشرون بما كتب الله لهم من النصر. فضائل غزوة بدر

قال الدكتور أمين بن عبدالله الشقاوي: إنه وردت نصوص كثيرة تبين فضل غزوة بدر وأهل بدر من القرآن والسنة، ومن ذلك تسمية الله لها بيوم الفرقان، قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾ [الأنفال: 41].

ومنها: نصر الله تعالى لهم بالرعب، قال تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَان﴾ [الأنفال: 12].

ومنها: إمداد الله تعالى لهم بالملائكة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِين * بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِين﴾ [آل عمران: 123 - 125].

ومنها: فضل من شهد بدراً من الصحابة، والملائكة على غيرهم، روى البخاري في صحيحه من حديث معاذ بن رفاعة ابن رافع عن أبيه، وكان أبوه من أهل بدر قال: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: "مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ " قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ،  - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْراً مِنَ الْمَلَائِكَةِ[5].

ومنها: أن من قُتل منهم نال الفردوس الأعلى، روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي اللهُ عنه: أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ، قَالَ: "يَا أُمَّ حَارِثَةَ! إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى"[6].

ومنها: أن أهلها مغفور لهم، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه وأصله في الصحيحين أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: "إنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"[10]. قال ابن حجر: "وهي بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم"[11].

ومنها: رجاء النبي صلى اللهُ عليه وسلم لأهل بدر ألا يدخلوا النار، روى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي اللهُ عنه: أَنَّ عَبْداً لِحَاطِبٍ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَشْكُو حَاطِباً، فَقَالَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: "كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا، فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْراً وَالْحُدَيْبِيَةَ"[12].

ومنها: إخباره صلى اللهُ عليه وسلم بأنه لولا أهل بدر لم يصلنا الإسلام، ولقضي عليه معهم، روى مسلم في صحيحه من حديث عمر ابن الخطاب رضي اللهُ عنه قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: "اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ"[13].

ومنها: أن الله أحل الغنائم لهذه الأمة في هذه الغزوة، قال تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم﴾ [الأنفال: 69]. روى الطيالسي في مسنده من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ تَعَجَّلَ النَّاسُ إِلَى الغَنَائِمِ فَأَصَابُوهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: "إِنَّ الغَنِيمَةَ لَا تَحِلُّ لِأَحَدِ سُودِ[14] الرُّؤُوسِ غَيْرَكُمْ"، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ[15] إِذَا غَنمواً غَنِيمَةً جَمَعُوهَا، وَنَزَلَتْ نَارٌ فَأَكَلَتْهَا، فأنزل الله هذه الآية: ﴿لَّوْلاً كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ﴾ إلى آخر الآيتين"[16].

ومنها: إخباره تعالى عن نتيجة المعركة قبل بدئها، وذلك بالنصر للمؤمنين على الكافرين، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِين * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُون﴾ [الأنفال: 7 - 8].

 
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook