الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

السديس يحذّر من الخوض في الأعراض وتتبع العيوب

السديس
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل- واس:

حذّر فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة؛ الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين من الخوض في أعراض بعضهم البعض، والحكم على النوايا، وتتبع العورات والنقائص.

اضافة اعلان

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام: إنه في ظل ما يشهَدُه العالم مِنَ المِحَنِ المُتَلاطِمَةِ المُتَتَالِيَة، واصطخَابِ الرَّزَايا الفَدَّاحَةِ المُتَوالِية، التي اشتَجَرَت فيها العقول، وبَعَثَتْ على الدَّهَشِ والذُّهول، وعلى غَارِب العَصْر التِّقانِي الأخَّاذ الذي سَبى الأفهام، وسَحَر الضِّعَاف من الخاصَّة والعوام، تَبْرُزُ قضِيَّة مؤرِّقة فاتكة، ولوحْدَة الأمّة وائتِلافِها مُمَزِّقة هاتكة، ما ألَمَّت بِالأمم إلاَّ أوْبَقَتْها، ولا بِالأفرَاد وهم مُضْرِمُوها إلاَّ في التَّبَار أَوْهَقَتها، وفي سَخَط الدَّيَّان أرْهقتها، ألا وهي الطَّعْن في الأعْرَاضِ والذَّوات، واتِّهام البُرَاءِ والنِّيات.

وأوضح أنها بِيئة ذَمِيمَة، للسُّفَهَاء هضِيمَةٌ لَقِيمَة يَسْعَى مَهَازيلُها وأغْرَارُها في نَشْرِ الإِفكِ والبُهْتان، والأقاويل المُفْسِدَة بين المسلمين بِالتَّدَابُر والهُجْرَان أضالِيل إنْ لُحْمتها إلاَّ القيل والتَّخمِين، وسَدَاها الافتراء المبين، أمَّا رُواتُها فَقَرَاصِنَة الأعْرَاض، وسَمَاسِرَة الأدْوَاء والأمْرَاض، التي تهْصِر مِسَاك المجْتمعات، وتَصْهر مِلاك القِيَم الرَّضِيَّات، وأنه لأجل تلك المسالك النَّافُوقاء المُعْوَجَّة، والرُّعونَاتِ السَّحْمَاءِ الفَجَّة، التي تنْهَش الأعْرَاض بِالجُلامَةِ والمِقْرَاض، جَاء الزّجر الأكيد، والوعيد القاطع الأكيد، في الكتاب والسُّنة بسوء المصير والمَآب، لِكُلِّ مَشَّاءٍ بِالبُهتِ مُفْتَرٍ كذَّاب، قال تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً }، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرِّبا سَبْعون حُوبًا، أيْسَرُها نِكاح الرَّجل أمّه، وإنَّ أرْبَى الرِّبا استِطالة الرَّجُل في عِرض أخيه.. أخرجه البزّار في مسنده وابن أبي شيبة في مُصَنَّفِه.

وقال: الله أكبر ما أجَلَّ عِرْضَ المسلم وما أعظمَه، وما أسْمَاه وما أكرمه، لِذلك صَانه الشرع الحنيف دون الشّتم والوقيعة والتَّعَدِّي، والطعن والقذف والتّحَدِّي، فحفظ الأعراض أحد أعظم مقاصد الشريعة، كما عدَّ ذلك أهل العلم كالشاطبي وغيره.

وأكد أن تَتَبُّع العُيوب والعَوْرات، وتقصُّد النَّقائص البشَرِيَّة والعَثَرَات، سلوك رَثٌّ هدَّام، وخُلُقُ أهل اللُّؤم والآثام، مُحَادٌّ لِشرع الله وهدْي رسوله القائل: طوبى لمن شغله عَيْبُه عن عُيوب النَّاس.. أخرجه البزار في مسنده والبيهقي في شعبه، قال بعض السلف: "أدركنا السلف الصالح وهم لا يرون العبادة في الصلاة والصيام، ولكن في الكف عن أعراض الناس، وكان مالك بن دينار يقول "كفى بالمرء إثمًا ألا يكون صالحًا ويقع في عرض الصالحين" والأعظم من القدْح البَائر الصَّرِيح، والطَّعْن والتَّجْريح، الحُكم على النِّيَّات، واتِّهام المقاصِد والمآلات، والخَوْض بكل صَفَاقةٍ في غَيْب السَّرَائر، وقَذْفِها بِالعُيوب والجَرَائر، التي لا يعلم حَقيقتَها إلاَّ الله، كُلّ ذلك يُنشر ويُذاع، ويَقْذَع الأسماع، بِنَفْسٍ مُتَّشِحَةٍ بالضَّغِينةِ والغُرور، موزورة بالقول المَرْذول خَافِقةٍ بالجهل والشرور بطينَةً بالفَوَاقِر والثُّبُور، فوا أسفاه وا أسفاه.

وأضاف السديس أن مِمَّا زاد الطِّين بِلَّة، والزَّمانَة عِلَّة، مِمَّن جعل نَهْش الأعراض تأصيلاً مُسْتطابا، ومن هَدْم تلاحُم الأمَّةِ نَقْدًا واحْتِسَابا، ومِن ظُلم القدُوات نَهجًا جَرَى حقًّا وصَوَابا، رَبَّاه ربَّاه، أيكون الباطل حَقًّا لُبَابَا، كلاَّ لعمرو الحَقِّ وألف كلاَّ، إنْ ذلك إلاَّ الجهل تدَفّق عِيًّا وحَصَرًا مُذابَا.

وأشار إلى أنه عَظُم الخَطْبُ وجَلَّتِ الرَّزِيّة، واسْتُخِفّتِ البَلِيَّة بِفَرْيِ أعْرَاض رُموز الأمة وعُلَمَائها، مِمَّن أعْرَاضهم أشْرَق مِن ذُكاء، ومَنَاقِبُهم بِعَدَدِ أنْجُم السَّمَاء، يُثْلَبُ من النّزَقة شَأنهم، وتُكلم سُمْعَتُهم في وسائل الإعلام الحديثِ عَبْر ما يُعرف بالتّغريدَات والهَاشْتاقات، فإذا نظرت ثَمَّ رَأيْتَ ثَرْثَرَةَ ولآمة، وهُرَاءً وفَدَامَة، وكثيرًا قد سَلَّ للبهيتةِ أقْلامَهْ، وصَوَّب لِلْجُرْم سِهامَهْ، وجَرَّد يا وَيْحه مِن لِسَانِه حُسَامَهْ، طَعْنًا في الأخْيَار والبُرَآء، والمُصْلِحِين والنُّزَهاء الذين يعيشون قضايا الأمّة وجِرَاحِها، ويُضَمِّدُون نَزِيفها ويَرُومُون فَلاَحَها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه.. أخرجه مسلم.

قال الإمام أحمد رحمه الله "ما رأيت أحدًا تكلَّم في الناس إلاَّ سقط"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية "والكلام في الناس يجب أن يكون بعلمٍ وعدل، لا بجهلٍ وظلم، والوقيعة في أعراض الناس أشد من سرقة أموالهم".

وأوضح الدكتور السديس أن الخائض في أعراض المسلمين، وعلى وجهٍ أشد وأخصّ، الجِلَّة المَرْموقين، في إدْبارٍ عن الله وإعْرَاض، مُيسَّرٌ للعسْرَى، لا يَعْرِف لذوي الفَضْل حمْدًا ولا شكرَا، ولا مَقَامًا ولا قَدْرَا، وقَد غَدَا فِئام مِنَ النَّاس وخُصوصًا مع زَمْجَرَة الإعلام الحديث، أصْبَحوا لا يسْكُن لهم قَرَار، أو هَدْأة واصطبار، إلاَّ بِتَمْزِيق الأعراض بصواعق الألفاظ، وهَمَزَات الألحاظ، واستِهَامِهَا كالأغرَاض، وبئسَتِ الغَايَاتُ والأغْرَاض، يكتبون الزُّور وبه تجري أقلامهم، ويكتمون الحق وبه تأمرهم أحلامهم، في تفتيتٍ لوحدةِ الأمةِ الإسلامية، والأُخُوَّةِ الإيمانيةِ بتصنيفاتٍ فكرية، وتقسيماتٍ حزبية، ومسالك مذهبية، ونعراتٍ طائفية، تخدمُ أجنداتٍ خفية، تستهدف وحدةَ وأمنَ واستقرارَ المجتمعاتِ الإسلامية، والله المستعان.

وقال فضيلته أيها المُتهَوِّكون في سِيَرِ العِبَاد ونِيَّاتِهم، تجافوا عن تلك المسَاخط وارغبوا إلى الدّيان بِالنَّجَاة والسَّلامة، قبل حُلول الفُجَاءة والنَّدَامَة، وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

وأكد الدكتور السديس أن عُقوبَة التَّعَدِّي على الأعراض سَفْكًا وحَشَّا، وعَقْرًا ونَهْشا، أَمْرٌ تَرْعَدُ له الفرائض، وتَرْتَاع له القلائص، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَومٍ لهم أظفار من نُحاس يَخمشون وجُوههم وصُدورَهم، فقُلْتُ: من هؤلاء يا جبريل، قال هؤلاء الذين يأكُلُون لحُوم النَّاس ويقعون في أعْرَاضِهم.. أخرجه أبو داود في سننه، فاللّهم سَلِّم سَلِّم.

وشدد الدكتور السديس أن الحَقّ الحقيق، على كُلِّ مسلم ومسلمة، أنْ إذا سَمِعَ مُسْتطيلاً في عِرْض أخيه، يَنَال منه أو يَفريه، أرْشدَه ونَهَاه، وأخَذَه إلى مَهَايع الإنصاف وهَدَاه، وحَذَّرَه مِنَ التّخَرُّصَاتِ والأباطيل، والقالِ والقيل التي تَجُرُّ إلى الويلات والتَّحَاسُد، ولا تُعْقِب إلاَّ المهالك والمفاسِد، قال صلى الله عليه وسلم: مَنْ ذَبَّ عن عِرض أخيه، كان له حجابًا من النار.. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه.

وبين أنه لكي تسلم المجتمعات من غلواء هؤلاء لا بد من الأخذ على أيديهم، والحزم في مقاضاتهم، وتطبيق أحكام الشرع فيهم، حتى لا تكون أعراض الأمة حِمىً مباحًا لكل راتع، وكَلأً مستباحًا لكل راثع، وبذلك نؤسِّس لأنفسِنا ومجتمعاتنا سَلامًا ذَاتِيًّا تَتَرَسَّخ فيه قِيم الوُدِّ والصَّفاء، وشِيَم النُّبل والإخاء، ونَهْزِم - بإذن الله - المَرْحَلَة الحَرِجَة الكَأدَاء بالمَبَادِئ القويمة، والنُّفوس الطاهرة السَّلِيمة، وبعَزيمَة الأقْوِياء وأيُّ عزيمَة، لأنَّ ارْتِقاء الأمم مَنُوط بارْتِقاءِ أفْرَادِها، وارتقاء أفرادِها مَنُوط بِارْتقاء أنفسهم، وسُمُوِّها وإشراقِها، وسلامَتِها وائتلاقِها ذاك الرَّجاء وذاك الأمل، واللهَ نَرْجوا التوفيق لِصَادِقِ القول وخالص العمل.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }.

وأكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة أن لَنَا في الهَدْي الرَّبَّاني، والمنهج الإصلاحي القرآني خير عِلاج وشفَاء، لِحَسْم الطُّعُون والأدْوَاء، وحَمْل المسلمين عَلَى عِفَّةِ اللِّسَان والصَّفاء، وذلك في قول الحق تبارك وتعالى { لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ } وبذلك تسْلَم مِن الشُّكوك الصّدور، وتتطهَّر من الأحقادِ والوُحُور، وتَغْدُوا الأعْرَاض في مَنْأً عَن الغِيبَة والنَّمِيمة والزُّور وكذا القول الصَّحيح البديع، للحبيب الشَّفيع - عليه الصَّلاة والسَّلام-: المسلم مَنْ سَلِم المسلمون من لِسَانه ويده.. أخرجه البخاري ومسلم وبذَلك يُتَمَّمُ نُبْلُ الأخلاق والمكارِم تَتْمِيمَا، ويغدُو مُحَيَّا الأخُوَّة والتَّآلُف أَغَرَّ وسِيمَا، والتَّآلف بين المُجْتَمع مؤكَّدًا لزِيمَا، والحُبُّ الرَّبَّاني على صَفَحاتِ القلوب مُدَبَّجًا رقيمَا، وما ذلك على الله بعزيز.

وفي المدينة المنورة أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح بن محمد البدير أن مخالطة الأخيار والرفقاء الصالحين سبيل يقود إلى النجاة في الدنيا والآخرة, محذراً من مجالسة رفاق السوء, وأهل الفسق والزيغ والضلال.

وحضّ الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة على تحري الرفقة الصالحة, مذكراً بأن الناس معادن مختلفة, وأصناف متعددة, وطبائع متفاوتة, وغرائز متغايرة, كلٌ يميل إلى من يوافقه, ويصبو إلى من يشاكله, ويحن إلى من يماثله, مبيناً أن الأضداد لا تتفق, والأشكال لا تفترق, مستشهداً بما رواه أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ.. رواه مسلم.

وقال فضيلته إن الجود بالمودة من كريم البذل, والبوح بالمحبة من جميل الفضل, وقصرها على أهل التقوى دليل العقل, وأن العاقل الحصيف من يخالط الأفاضل, ويعاشر الأماثل, فلا يصافي غريباً حتى يسبر أحواله, ولا يؤاخي مستوراً حتى يكشف أفعاله, لأن المرء موسوم بسيماء من يقارن, موصوف بأفعال من يصاحب, مستدلاً على ما ذكره بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ.. أخرجه أبو داوود والترمذي.

ودعا الشيخ البدير الناس إلى التأمل في سلوك وممارسات المرء قبل مخالطته ومرافقته, فلا يخالل إلا من يرضى دينه وخلقه, إذ أن الطباع تعدي, وصحبة السوء تغوي, موصياً بمصاحبة أهل الدين, وعدم الجلوس إلى أهل الدنايا لأن خلائق السفهاء تعدي, ومصاحبة شرار الناس فيها الندم, داعياً إلى مصاحبة خيار الناس للنجاة في الدارين.

وعدّد فضيلته أقوال الحكماء والأقدمين التي توصي بانتقاء الصحبة الصالحة, ومجانبة رفاق السوء, ذكر منها قول "من يصحب صاحب السوء لا يسلم, ومن يدخل مداخل السوء يفتن"، كما أورد قول أعرابي "مخالطة الأنذال والسفلة, تحط الهيبة, وتضع المنزلة, وتكل اللسان وتزلي الإنسان" وقول سليم بن عبدالله "لا تسافر مع فاسق, فإنه يبيعك بأكلة وشربة".

وذكر موعظة الخطاب ابن المعلا لابنه حين قال له "إياك وإخوان السوء فإنهم يخونون من رافقهم ويخزون من صادقهم, وقربهم أعدى من الجرب, ورفضهم من استكمال الأدب"، كما قيل "الجليس الصالح, كالسراج اللائح, والجليس الطالح, كالجرب الجائح".

وأسهب فضيلته, في سرد الأقوال التي تحثّ على مخالطة الجلساء الصالحين وأهل التقوى لأن في مقاربتهم خير وانتفاع بأخلاقهم, مستدلاً بما رواه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وَإمّا أَن تَجِدَ مِنهُ رِيحًا خَبِيثَة.

وجدّد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الدعوة إلى ضرورة مجانبة أهل الريب, والنأي عن أهل الفسوق والفجور, والإعراض عن أهل السفه والتفريط, قائلاً كم جلبت مصاحبتهم من نقمة, ورفعت من نعمة, وأحلت من رزية, وأوقعت من بلية مذكراً بقوله تعالى: وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا، وقوله تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا.. قيل لابن السماك, أي الإخوان أحق ببقاء المودة, فقال الوافر دينه, الوافي عقله, الذي لا يملك على الكره, ولا ينساك على البعد, إن دنوت منه أدناك, إن بعدت عنه راعاك, وإن استعضدته عضدك, وإن احتجت إليه رفدك.

وزاد فضيلته قائلاً خير الجلساء من تذكر بالله رؤيته, وتنفع بالحياة حكمته, وتعين على الطاعة نصيحته وسيرته, لقوله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ، وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا، مذكراً بقول المولى جل وعلا: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook