الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ليسوا صحفيين بل انتهازيين

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

قدر لي أن أطلع على العديد من الصحف الغربية الناطقة بالإنجليزية، كما قدر لي أن أتابع بعضها فترة من الزمن على شكل ورقي خلال تواجدي هناك وخلال الأسفار.. إضافة إلى الاطلاع على العديد منها من خلال مواقعها على الإنترنت..

اضافة اعلان

بالطبع ليست الصحافة الغربية نزيهة بالكامل، بل يغلب عليها توجه الملاك والإدارة، وهذا يظهر إن كانت تتبع لأحزاب أو تميل على الأقل لبعض الأحزاب المعروفة.. لكن في مطلق الأحوال هناك قدر كبير من الموضوعية، سواء في التغطيات الصحفية أو كتاب المقالات، خصوصاً في الصحف العالمية المشهورة، ويتجلى ذلك من التوازن في عرض المواد، وكذلك في إتاحة الفرصة للكتاب من أصناف شتى. هذه الصحافة يحكمها التوجه الليبرالي، والذي يعطي الحرية للتعبير بشكل كبير، سواء للقراء أو الكتاب، دون مصادرة للرأي أو منع النشر.

صحفنا السعودية، والتي غلب على الكثير منها التوجه الليبرالي، فقدت المهنية والموضوعية في تعاملها في الكثير من القضايا المحلية.. فلا هي اتبعت النهج الليبرالي الذي تزعم الانتساب إليه، ولا هي تبعت رأي الأغلبية المحافظة من القراء، ولا التزمت بالقواعد العقلية المتفق عليها في النشر الصحفي في كل مكان في العالم.

ليس من المشتهر أن يتحول رئيس التحرير إلى كاتب في صحيفته يشن هجوماً على الآخرين في قضايا الرأي فضلاً عن قضايا الدين.. بل ليس من مهمة رئيس التحرير توجيه الصحيفة بحسب توجهه الفكري الشخصي.

حتى في دول الخليج والكويت، تجد التوازن المعقول، فيفسح المجال لكاتب ليبرالي صرف قد يهاجم الدين والمتدينين ولكاتب إسلامي صرف يقدم طرحاً معاكساً تماماً، وينشر للاثنين أحياناً في نفس الصفحة.

في صحفنا السعودية، يندر أن يفسح المجال لكتاب يمثلون أغلبية القراء.. بل الأصل هو إتاحة الفرصة لأصحاب الفكر المؤيد والمناصر لهم، والذي يغلب عليه السمت الليبرالي غير الحقيقي.

لم أطلع على صحافة غربية يستفيد رئيس التحرير فيها من سلطته في مهاجمة شخصيات عامة والاستهزاء بهم، بدءاً من اختيار الصورة الفوتوغرافية غير المناسبة، مروراً بالعنوان الاستفزازي.. يستطيع رئيس التحرير أن يمرر رؤيته بطرق صحفية مهنية معتبرة، دون الأسلوب المباشر الفج، والذي لم أرَ مثله في أي صحافة غربية.

مللنا من رؤساء تحرير أصحاب أجندات خفية لا يفقهون في الإعلام ولا الصحافة، يتربعون على عروش صحفنا كأنها قصور دائمة لهم، ويحاولون أن يفتوا في عضد المجتمع، ويخربوا ثقافته، ويوجهوا سلوكه.

إن مما تتميز به صحفنا "المصونة" أنها صحف رأي، وليست صحف تقارير موضوعية وحوارات فكرية.

حتى البعد التجاري - في أغلب الصحف في العالم - هناك مراعاة لثقافة المجتمع وطبيعة القراء إلا في الصحف السعودية.. شللية وعلاقات شخصية بعيدة كل البعد عن المهنة والموضوعية.

يستكتب فلان لأنه يعرف رئيس التحرير أو يعرف من يعرف رئيس التحرير، ويستبعد فلان لأنه ليس من الشلة أو لا يحمل نفس الفكر والهوية.. هذا لا يحدث أبداً في الصحف الغربية التي يتندرون بتقليدها، نعم يقلدونها في الشأن الفني والإخراجي، أما في مهنية الصحافة وآلياتها فمحال ومستبعد.

أعجبني مقال للأستاذ عبدالعزيز الخميس حول ليبرالية الصحفيين السعوديين - وهو منهم - فقد وضع النقاط على الحروف.

يقول: "إن ليبراليينا ومثقفينا يبدون مرتبكين متشبثين بنفس النظرة الإقصائية، يمارسونها دون حياء، ويتلذذون في احتكار الرأي والرغبة في قيادة الأمة في اتجاه واحد ثقافياً كان أم سياسياً... كيف يمكن لك أن تمجد حرية الرأي وأنت تعيب على الشخص أن يقول رأيه... مشكلتنا أننا نطالبهم بقبول التنوع والاختلاف، ونصادر حقهم في أن يختلفوا عنا... المشكلة في بعض إعلاميينا أنهم محملون بعقدهم الشخصية ويمارسونها في السياسة، يكرهون الإسلامي والصحوي خاصة"!

متى تؤوب الصحافة المحلية للرشد، وتحترم القارئ، وتقدر المجتمع الذي تخاطبه، وتبتعد عن الصبيانية والمعارك الشخصية؟!!

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook