الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

طبقات الصراع

ابو لجين
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

من المفارقات الجديرة بالانتباه تعدد مستويات الصراع في حياتنا, حيث نجد تلك الآفة المدمرة قد أصابت جميع طبقات الحياة, وتركت بصمات سلبية شديدة التأثير على كافة المجالات, دون أن يطرح الأمر على مائدة النقاش، لتلمس حلول ناجعة لتلك الظاهرة المفزعة, الآخذة في التمدد في حياتنا رأسيا وأفقيا.

اضافة اعلان

فالفرد يعاني صراعا شديدا مع ذاته, في أكثر من مجال, فتراه في صراع بين الإمكانيات والقدرات من ناحية, والأماني والطموحات من ناحية أخرى, حيث تقصر الأولى عن تلبية مطالب الثانية, فيعيش حالة خصام مع ذاته, تنجم عنها أمراضا عضوية ونفسية ومجتمعية, قد يدركها الفرد ويتألم منها أشد الألم، ولكن لا يعرف لها سببا واضحا, وهي تعود إلى ذلك الصراع الذي لا يحسن معرفته, ولا إدارته, ولا توجيهه.

والأسرة الصغيرة، يكون فيها الصراع محتدما, فتارة بين الزوج والزوجة, على القيادة والتوجيه والسيطرة, أو على المطالب المعيشية, أو على نوعية الحياة الأسرية وطبيعتها..

وتارة أخرى بين الأبناء بعضهم البعض, حيث يمتد الصراع من أبسط الأمور الحياتية والمعيشية, إلى أشدها تعقيدا وتركيبا, حيث يتناول الأفكار والميول والتوجهات..

وأخرى بين الأبناء والآباء في صراع جيلي, قلما تجد من يلتفت إليه, أو يدرك أبعاده الخطيرة على التكوين الأسري, ومردوده السلبي على المجتمع, ومن ثم نغفل عن تلمس العلاج, فيتعمق الصراع وتتعدد أبعاده في النطاق الأسري الصغير.

ويعاني المجتمع من صراع مرير بين طبقاته المختلفة, فالطبقة الأرستقراطية تسعى بقوة وشراسة للحفاظ على مكانتها العالية, وامتيازاتها الرفيعة التي تباعدها عن بقية الطبقات, والطبقة الدنيا, تصارع فقط من أجل البقاء, ومحاولة الخروج من ضنك الدونية وقسوتها, والطبقة الوسطى، تتأرجح بين هذه وتلك, في صراع من أجل الصعود إلى الطبقة المخملية العليا, وخوف من تقلبات الحياة التي تقودها إلى الطبقات الدنيا بغلظتها وشقوتها.

ثم هو صراع بين الأفكار المبعثرة, والتوجهات المتناثرة, في داخل المجتمع الواحد, الذي نجده ينقسم ويتصارع بشراسة, في محاولة من كل طرف من أطراف الصراع ليكون الرأي السائد والتوجه الغالب والفكر المنتشر, هو رأيها وتوجهها وفكرها, وهي إذ تسعى إلى ذلك تجد نفسها في حالة صراعية لا نهائية لوئد وموجهة ومحاربة ما عداها من توجهات وأفكار.

وينتقل الصراع من المجتمع الداخلي، إلى الدولة ذاتها, فتجدها في حالة صراع دائم مع الجوار, ومع دول العالم, من أجل تحصيل المنافع ودفع المضار, حتى باتت البيئة الدولية السياسية تعرف بأنها بيئة صراعية بطبيعتها, لا مجال فيها إلا للقوي الذي يستطيع أن يفرض ما يراه, ويحصل على ما يريد ولو بالقوة, التي تستلزمها تلك الطبيعة الصراعية الممتدة.

إننا نعيش حالة مدهشة من الصراع الممتد في كافة طبقات حياتنا, الذاتية والمجتمعية والدولية, ربما يكون ذلك دون وعي بهذه الطبيعة, أو بوعي ولكن دون إدراك لخطورة هذه الحالة, أو مع إدراكنا لهذه الخطورة إلا أننا نفشل في تلمس العلاج، أو نفشل في تناول العلاج بجرعاته الصحيحة وفي توقيته الصحيح.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook