الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

توضيح وبيان

قلم
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
  • • توضيح حول ما أثاره البعض على كتاب (كليات القانون والحكم بغير ما أنزل الله) ••
  اضافة اعلان

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد.

فقد اطلعت على بعض المقالات والتعليقات في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تناولت كتابي الموسوم بـ "كليات القانون والحكم بغير ما أنزل الله" ولحق أئمة المسلمين وعامتهم في توضيح الحقيقة، ولما للقارئ الكريم من حق في رفع اللبس عنه نتيجة التشويه والمغالطات التي تضمنتها هذه المقالات والتعليقات؛ فقد أحببت تجلية فكرة كتابي المشار إليه ونفي ما طالها من التشويه.

وبداية أقول: انطلقت في موضوع الكتاب من تجربة شخصية مع دراسة القانون في المملكة العربية السعودية دفعتني إلى كتابة دراسة نقدية، سلكت فيها منهجاً علمياً استقرائياً يتفق مع المناهج العلمية للدراسات التي هي أساس تصحيح المسار، ومعالجة الخلل في أي مجتمع، وما زالت بلادنا الكريمة تحتفي بمثل هذه الدراسات وتشجعها؛ تشجيعاً للمنهج العلمي الذي يقدم الرأي في إطار علمي يهدف إلى التصحيح، وقد انتهت تلك الدراسة بكتابة بحث اجتهدت في مراجعته، وعرض مسائله على أساتذة القانون وطلابه، ناقشت معهم جوانب النقد ونواحي الإشكالات، ثم عرضت البحث على طائفة من كبار العلماء في بلاد الحرمين - حماها الله - وراجعته معهم شفهياً وكتابياً؛ واستنرت بتوجيهاتهم، واستفدت من تصويباتهم حتى انتهى مطاف البحث بتقريظ من شيخين جليلين عُرِفا بوسطيتهما وبعدهما عن الغلو والتفريط، هما: معالي الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك، وقد أمضيت في ذلك ما يزيد على ست سنوات.

ولقد سرني ما لقيه الكتاب من قبول في الساحة العلمية؛ إلا أنه أحزنني ما تعمده قلة من المغردين وكتاب الصحف من استقبال هذا البحث العلمي بمنهج إقصائي متطرف اشتمل على عدد من التهم المعلبة (تكفير!! تفجير!! دعوة للقتال!!) هكذا جزافاً دون شواهد من الكتاب، فلا أدري هل هذا مبلغهم من العلم بأساليب النقد والتمحيص!! أم هي طريقتهم في الإقصاء وإسكات الباحثين !! -عفا الله عنهم وهداهم للصواب - فإن الحجة تقابل بالحجة لا بالإرهاب والإرجاف والتخوين، فنحن في هذا البلد المبارك أحوج ما نكون إلى وحدة الصف وجمع الكلمة على الحق.

واستمراراً للنهج العلمي الذي انتهجته في التبيين أقول وبالله التوفيق:

أولاً: لم يرد في الكتاب تكفير لطلبة القانون وأساتذته إطلاقاً كما زعمه الزاعمون، وليت من يزعم أني كفرت طلبة القانون وأساتذتهم أن ينفي عن نفسه تهمة الدجل بالإشارة إلى الموضع برقم الصفحة.

ثانياً: زعم بعضهم أن الكتاب يعارض الأنظمة الصادرة من ولي الأمر المنضبطة بالشريعة الإسلامية ولا يرى وجوب طاعتها والالتزام بها؛ وهذا بلا شك بهتان عظيم، أو وهمٌ لا يقول به إلا من لم يقرأ الكتاب. ولتتضح لنا حقيقة هذا الزعم نقف على نص الكتاب من "فصل: الفرق بين النظام والقانون" (فضابط التفريق بين النظام والقانون هو: مصدر الإلزام، فمصدر الإلزام في النظام عند الدولة الملتزمة بتحكيم الشريعة هو الشريعة، ومصدر الإلزام عند الدولة التي لا تلتزم بتحكيم الشريعة هو السلطة من دون الله، والبناء على رأي الخبير قاسم مشترك بينهما، وهذا له ثمرة عقدية؛ وهو أن الشريعة كاملة، وأن العبودية ليست إلا لله وحده... وله ثمرة عملية وهو أن رأي الخبير متى ما خالف الشرع فإنه مردود غير معتبر. لا يمكن بناء الحكم الشرعي عليه... قال د. سعد بن مطر المتخصص في قسم السياسة الشرعية: "فإن الفارق الرئيس بين مصطلح (النظام) في المملكة العربية السعودية وبين مصطلح (القانون) عند الإطلاق يتجلى بقوة ووضوح في مصدر كل منهما، فمصدر النظام في المملكة هو: الكتاب والسنة، وهذا شرط صحته ودستوريته الشرعية، كما هو واضح وصريح في عدد من مواد النظام الأساسي للحكم في المملكة، وخاصة المادة السابعة التي نصها: "يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة".) ص 31_32 ولمزيد من الإيضاح يرجع إلى موضعه في الكتاب، والمراد أنه بمجرد اطلاعك على الكتاب يتبين لك كذب هذه التهم، وتجني أصحابها.

وما زالت هذه الدولة - وفقها الله لما يحبه ويرضاه - تحافظ على سمتها التنظيمي الشرعي؛ حيث تمنع من استخدام لفظة "التشريع"، أو "أو المشرع"؛ احتراماً للألفاظ الشرعية وبعداً عن الخطأ في الفهم، وبذلك صدرت الأوامر السامية من ولاة الأمر في هذه البلاد - وفقهم الله لما يحبه ويرضاه - وظهر واشتهر هذا التفرد والسمت الذي اتسم به المنهج التنظيمي للمملكة العربية السعودية - حفظها الله - فأصبحنا نرى أن مجلس التعاون الخليجي يعبر عما يصدر عنه من قواعد استرشادية تنظم علاقات المجتمع بلفظ "النظام" بجوار لفظ "القانون"؛ وذلك مراعاة لمنهج المملكة العربية السعودية ونهجها التنظيمي.

أما ما سوى ذلك من ملاحظات وانتقادات وجهت للكتاب فهي أمر لازم وسننٌ قائم في تآليف البشر، فالكمال هو لكتاب الله وحده الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أما ما سواه فهو بحاجة للمراجعة والتصحيح والتعديل، ومن ذلك مراجعة المناهج والخطط الدراسية لكليات القانون، فالمراجعة عمل اعتيادي، ويُعد من مرتكزات التقدم، وشروط الجودة، وما أبديته من ملاحظات في كتابي هي نتاج بحث علمي ودراسة منهجية قصدت منها النصح لإخواني في كليات القانون، والتصحيح لما يحتاج إلى تصحيح ليتفق مع الكتاب والسنة اللذين ينص نظام هذه البلاد على مرجعيتهما.

وختاماً، فإن ما قدمته جهد بشري فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 معاذ بن عبدالعزيز المبرد

القاضي بالمحكمة العامة بمحافظة الليث

للتواصل [email protected]

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook