الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

إعدام عبدالقادر ملا.. هل يشعل ثورة في بنجلاديش؟

عبدالقادر ملا
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل – تقارير:

"إذا قدّر الله لي أن أموت موتة الشهداء، فهذا أعظم ما اكتسبته في حياتي".. كانت هذه الكلمات من أواخر ما نطق به عبد القادر ملا الزعيم البنجالي الإسلامي الذي نفذت فيه الحكومة البنغالية حكم الإعدام الخميس الماضي.

اضافة اعلان

ولم يتمكن حسن جميل، نجل عبد القادر ملا نائب الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية من تنفيذ وصية أبيه بتكفينه في ملابس الإحرام التي أدى فيها آخر عمرة له، وأن يؤم صلاة جنازته أحد أبنائه.

وقال حسن وهو أحد ستة أبناء لملا، في اتصال هاتفي مع مراسل الأناضول إنهم علموا بإعدام أبيه من الميدان في العاصمة دكا، وأنه تم اعتقاله هو وأخوته وعمه، أثناء تنفيذ عقوبة الإعدام بأبيه، ثم أُطلق سراحهم بعد ذلك، لكن لم يسمح لهم بحضور جنازة والدهم.

ولفت جميل إلى أن منعهم من حضور جنازة والدهم، حال بينهم وبين تنفيذ وصية أبيهم الأخيرة، حيث كان قد طلب منهم أن يتم تكفينه في ملابس الإحرام التي أدى فيها آخر عمرة له، وأن يؤم صلاة جنازته أحد أبنائه.

وشيع جثمان ملا عبد القادر في مسقط رأسه مدينة فريدبور في ساعة مبكرة من صباح الجمعة بحضور آلاف المشيعين، ورغم إجراءات الأمن المشددة، فقد سقط أربعة قتلى في الاحتجاجات التي رافقت على إعدام ملا.

ملا كان يعد من أبرز الزعماء السياسيين الإسلاميين المعارضين للنظام العلماني في بنجلاديش.

شغل عبد القادر الملا (65 عامًا) وكان يعمل صحفيًّا- منصب الأمين العام المساعد لحزب الجماعة الإسلامية في بنجلاديش، وكان قد حكم عليه بالسجن مدى الحياة في فبراير 2013 من العام الجاري من قبل محكمة استثنائية تم إنشاؤها من قبل الحكومة البنغالية في عام 2010 لمحاكمة من رفض الانفصال عن باكستان في عام 1971.

طعن ملا في الحكم وأنكر التهم الموجهة له، وفي سبتمبر الماضي حكم عليه بالإعدام وتلقت المحكمة والحكم الصادر عنها انتقادات عدد من المنظمات الحقوقية واتهمتهم بعدم التزام المعايير الدولية كما عدتها المعارضة محاولات سياسية لإضعافها.

ردود فعل غاضبة

داخليا اشتعلت الاحتجاجات والمظاهرات الغاضبة عقب تنفيذ حكم الإعدام وأصدر أمير "الجماعة الإسلامية في بنجلاديش" بالنيابة الشيخ مقبول أحمد بيانا أدان فيه تنفيذ حكم الإعدام بحق الأمين العام المساعد للجماعة الإسلامية عبد القادر ملا.

وذكر البيان بمقولة عبد القادر ملا الأخيرة التي دعا فيه جميع النشطاء المنتسبين للحركة الإسلامية وجموع الشعب إلى التحلي بأقصى درجات الصبر والحكمة في مواجهة الوضع واعتماد المقاومة السلمية بكل أشكالها المشروعة ضد الحكومة.

إدانة خارجية واسعة

وعلى مستوى الخارج استنكر زعماء سياسيون وإسلاميون تنفيذ الحكم بإعدام الملا وعدوه نوعا من الحرب على أي توجه إسلامي، فمن جانبها أدانت حركة النهضة، التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، تنفيذ حكم الإعدام في القيادي الإسلامي ببنجلاديش.

وقالت الحركة في بيان أصدرته الجمعة، إن قرار إعدام ملا "دوافعه الحقيقية متعلقة بتصفية حسابات سياسية، مع حزب إسلامي ذنبه أنه دافع عن فكرة الوحدة عند تقسيم باكستان".

وقالت الخارجية التركية في بيان لها، إن تنفيذ حكم الإعدام بحق ملا، بالرغم من كافة التحذيرات الدولية بما في ذلك اتصال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بنظيرته البنغالية الشيخة حسينة، من أجل وقف تنفيذ الحكم، أصاب المسؤولين في أنقرة بحالة حزن كبيرة.

وأضاف البيان، أن تركيا تؤمن أن جروح الماضي لا يمكن علاجها بهذه الطريقة، مشيراً إلى أن الحكومة التركية تشعر بالقلق إزاء احتمالات ارتفاع حدة التوتر في بنجلاديش جراء تنفيذ حكم الإعدام في القيادي الإسلامي البارز.

وعقب صلاة الجمعة بمسجد الفاتح في مدينة اسطنبول وبمشاركة العديد من الشخصيات ومنظمات المجتمع المدني في تركيا أقيمت صلاة الغائب على روح ملا.

ومن جهته، قال الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية الباكستانية لياقت بلوتش، إنه "بإعدام الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية "عبدالقادر ملا"، في بنجلاديش، فإنه قد أُعدمت العدالة والإنصاف".

وأدان بلوتش بشدة تنفيذ الحكم، واصفا ذلك بالخطوة التي ستلحق ضررا بالحكومة الباكستانية، على حد قوله، مشيراً إلى أن عمل كهذا من شأنه زيادة مخاطر أعمال العنف في البلاد

ونعى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ عبد القادر الملا، واصفا الحكم بالجائر، وحمل الاتحاد الحكومة البنجلاديشية المسؤولية كاملة عن الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في بنجلاديش، وبخاصة الدعاة والعلماء العاملين.

ودانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تنفيذ الحكم وحذرت من تداعياته السلبية على النسيج الاجتماعي في بنجلاديش".

ودعت الحركة السلطات الحاكمة ببنجلاديش إلى عدم تنفيذ حكم الإعدام بحق أربع قيادات أخرى في حزب الجماعة الإسلامية، والكف عن التضييق والظلم الذي يتعرّض له العلماء والدعاة.

المثير للدهشة والاستغراب أيضا أن الإعلام العربي تجاهل بشكل كبير الحديث عن حادث الإعدام، في حين حظيت وفاة نيسلون مانديلا بحفاوة واهتمام منقطع النظير وأفردت له وسائل الإعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية مساحات ضخمة في تغطيتها لوفاة مانديلا، فيما لم تكتب بعض الصحف سطرا واحدا عن إعدام ملا.

ويعد عبد القادر الملا هو أول شخص يتم إعدامه من القادة الإسلاميين الخمسة الذين حاكمتهم المحكمة الخاصة للنظام الحاكم وحكمت بالإعدام على عدد منهم، وكان من المقرر أن ينفذ الحكم على ملا الثلاثاء، قبل أن يحصل على مهلة قدم خلالها استئنافه لكن القاضي رفض استئناف ملا للحكم الأول.

وكانت محاكمته التي جرت أوائل هذا العام قد أثارت احتجاجات من أنصار حزب الجماعة الإسلامية، الذين أكدوا أن الحكومة تسعى إلى الانتقام السياسي من مناوئيها، مما أدى إلى سجن عدد من كبار قادة الحزب وعلقت جماعات حقوقية على حكم المحكمة قائلة إنها لم تلتزم بالمعايير الدولية، وإنه ينبغي منح ملا فرصة للاستئناف.

وقد منعت السلطات حزب الجماعة الإسلامية من المشاركة في الانتخابات المقرر إجراؤها في 5 يناير لكن الحزب، مع ذلك، أدى دورًا مهمًا في حركة المعارضة التي قادها الحزب الوطني البنجالي.

المؤكد بحسب مراقبين أن هناك نارا تحت الرماد في بنجلاديش، لكن السؤال الذي قد يطرح نفسه هل سيكون إعدام ملا هو الريح التي ستهب لتنفخ في هذه النار كي تشتعل، وتشعل معها ثورة ضد حكومة الشيخة حسينة؟.. الأيام القادمة قد تحمل في طياتها الإجابة عن هذا السؤال.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook