الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

فوائد من قصة الثعلب والعنب

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

كان الثعلب يتضور جوعاً عندما شاهد عناقيد العنب تتدلى من أيكة عالية، كانت الشجرة مثقلة بعناقيد العنب لكنها عالية، قفز الثعلب لكي يصل إليها عدة مرات دون جدوى، فلما يئس من الوصول إليها مضى في طريقه وهو يقول: "على كل حال إن العنب لم ينضج بعد، إنه حصرم".

اضافة اعلان

هذه القصة القصيرة جداً بين الثعلب والعنب هي من الأساطير المعروفة، وتتجلى في هذه الخرافة فكرة التنافر المعرفي حينما يحاول المرء أن يتمسك بعدة أفكار لا تتفق مع بعضها في وقت واحد، يحدث التنافر الذي يعقبه الفشل والتبرير.

والمغزى الحضاري من هذه القصة أن الأمم والمجتمعات والأفراد، لن يعرفوا طريقاً إلى النجاح إلا إذا اتسقت أفكارهم ورغباتهم مع إمكاناتهم، وأن التنافر المعرفي، يعد سبباً رئيساً في الفشل الذي يلاحق الأمم والشعوب والأفراد.

خذ على ذلك مثالاً..

فإن الأمة الإسلامية في حالة من التخلف والركون والدعة، لا تحتاج إلى برهان أو دليل، فالواقع خير شاهد، وهي في مسيرتها ومحاولاتها للنهوض مجدداً، تتنكب الطريق وتعيش حالة من التنافر المعرفي؛ إذ تريد أن تقتبس من الشرق تارة، ومن الغرب تارة، ومن مرجعيتها الإسلامية وهويتها تارة ثالثة.

ماذا تكون النتيجة؟

تزيد الطين بلة، وتزيد خيوط الوهن تشابكاً وتعقيداً؛ لأنه لا يستقيم أنموذج حضاري يجمع شتات الغرب والشرق والهوية الإسلامية، فلكل وجهة هو موليها، والأمة تريد أن تولي وجهها شطر الثلاثة دفعة واحدة، فلا يكون إلا التخبط والعرقلة؛ ومن ثم النكوص والتخلف.

ثم تأتي مرحلة التبرير!

ويا ليت الأمة تعي أن سبب تخبطها وحيرتها تنافرها المعرفي، وتدرك أن هويتها الإسلامية لا تقبل شريكاً ولا نداً، وأن تلك الهوية عصية على التطويع في القوالب الغربية والشرقية؛ لكونها هوية ربانية محضة، وتلك بشرية صرفة.

لكن للأسف، تذهب الأمة، كما الثعلب تماماً، لتبرر عجزها على شماعة الظروف والأوضاع الخارجية، وأن المؤامرات الخارجية سبب تعاستها ونكبتها، ولولا تلك المؤامرات لكان لها شأن في عالم اليوم والغد، أي شأن!

إن الأمة كثيراً ما تلوم الظروف التي وجدت فيها، بطريقة الثعلب نفسها، مع أن فشلها يعود إلى عجزها، وتنافرها المعرفي الذي حذر منه نبيها، فعن عبدالله بن مسعود، أنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخطَّ خطّاً، وخط خطَّين عن يمينه، وخطَّ خطَّيْن عن يساره، ثم وضع يده في الخط الأوسط، وقال: ((هذا سبيل الله))، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: 153].

وصدق أحمد شوقي حينما قال:

إذا رأيتَ الهوى في أمةٍ حكماً … فاحكمْ هنالكَ أن العقلَ قد ذهبا

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook