الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

لستَ الفاسد الوحيد فاطمئن..

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

.."ولست الفاسد الأكبر فلا تخف، ولست الفاسد الأخطر فأرح ضميرك" !

تلك هي الرسالة التي يتلقاها كل "فاسد صغير أو مبتدئ" مع مشهد جامعةٍ تتشقق أسقفها، وتطفح قاعتها سيلا في أول سنتين من عمرها. أو مطار تخرّ صالاته، أو تسقط واجهته من رشة مطر. أو نفقٍ يفيض، ويغمر السيارات في قاعه من دفقة سيل. أو جسر يتهاوى لأن الماء سال من تحته...

اضافة اعلان

كوارث تتوالى حتى أصبحت عادية، لا شيء ملفت في حدوثها، إلا ما يصلنا من سخرية إعلام الدول الأخرى بما يحدث في دولة بحجمنا وإمكاناتنا..

ووالله لو كانت الأمور في نصابها لكانت واحدة من هذه الحوادث جديرة أن تمثل صدمة للمجتمع، وحرجا شديدا للوزارة المعنية يفرض عليها إعادة هيكلة، وقرارات تصحيحية تطيح بمن تحوم حولهم تُهم التقصير أو الخيانة، فضلا عن محاكمة من يثبت تورطهم.

لو كانت الأمور في حدود المعقول والمقبول لكان حادث من هذه الحوادث المؤسفة المخجلة يمثل مصيبة باقعة للمقاول الغشاش المنفذ للمشروع، تنهي تاريخه ومستقبله، ولأمسى اسمه على كل لسان، وكل قلم، ولكانت كل شركات المقاولات تدرس الحالة، وتشخص الأسباب والعلل، خشية الوقوع في مثل ما وقع فيه ذلك المقاول التعيس..

لكن شيئا من ذلك لا يحدث.. كارثة من بعدها كارثة.. ومأساة تنسي مأساة.. وتعليقات هنا وهناك، وثرثرة وقتية في مواقع التواصل الاجتماعي، لا يعرف منها اسم المقاول، ولا تذكر حتى الوزارة المشرفة، وكأن هذا المشروع المغشوش شيدته الجن، وسرقت ميزانيته الأشباح.

السلطات المشرفة بسلبيتها، والمجتمع بتناوله السطحي الموسمي المؤقت، والأنظمة بعجزها ورخاوتها، والشركات المنفذة بضعف مراقبتها لله وخوفها منه.. بهذه التركيبة الغريبة أصبحنا بيئة مثالية لتخصيب الفساد، وتسمين الفاسدين !

ويشهد على ذلك تزايد أعداد المشروعات المنهارة عاما بعد عام. علما بأن المطر والسيول لا تفضح غير المشروعات الإنشائية، فماذا لو كانت تفضح مشروعات البرمجة والبوابات الإلكترونية؟!

ماذا لو كانت تكشف الغش في البرامج التدريبية والدراسات الاستشارية، وغيرها من المشروعات التي تستهلك المليارات الأخرى؟!

ماذا لو كانت الأمطار تكشف كل شروخ الفساد التي تتسع سنة بعد سنة في كافة مفاصل أجهزتنا الحكومية والأهلية؟

الأمر مروع بكل المقاييس، ويستدعي استنفارا لكل القوى القانونية، والتنظيمية، لكل المفكرين والمثقفين والأكاديميين، لجميع قوى الاحتساب والإصلاح فواقعنا المؤسف، وقرآننا العظيم يهتف بنا أو ببقية منا أن تتحمل مسؤولية إيقاف زحف الفساد ومواجهته.

(فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ).

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook