الأربعاء، 15 شوال 1445 ، 24 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

كيف نربي أنفسنا؟

حنان ناصر
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

وردت لفظة "النفس" في القرآن الكريم مائتين وبضعاً وتسعين مرة، في ثلاثٍ وستين سورة في القرآن الكريم، وأحياناً ترد لفظة "النفس" في القرآن الكريم أكثر من مرة في آية واحدة!

اضافة اعلان

والمتأمل للنفس الإنسانية يجدها تحمل من الأسرار التي لا يدركها أي إنسان، إلا بالرجوع للقرآن والسنة. فإن النفس الإنسانية قابلة -بحكم تكوينها- للتقلب والتغيير والتحول من فجور وتقوى، وربما التناقض أحياناً، وما الهيكل الجسدي إلَّا وعاء لها، فيه تستقر فتصبغ عليه النعوت والإشارات، بيد أن (الجوهر هي النفس)، فعندما يتوارد الكلام عن الإنسان أو عن ابن آدم؛ فإنما يرمي في ذلك كله – لو تمعنا مليّاً – إلى خصائص النفس وتحيزاتها.

ورود كلمة النفس في القرآن الكريم، وبهذا الكم؛ إنما يدلّ على أن القرآن الكريم استهدفها وأولاها جُلَّ عنايته، فهو يريدها هادياً لها، وموجهاً يبتغي إصلاحها، وحفظها من السوء، ورعايتها مما يحدق بها من المخاطر، يُرغّبها في الخير بالثواب، ويُثنيها عن الشر بالعقاب، ويضع بينها وبينه حاجزاً.

ومن الحكم في ورود لفظة "النفس" في كتاب الله: أن النفس الإنسانية عالم رحب واسع؛ ولهذا السبب خصّ الله النفس بآيات كثيرة، وأن الآيات الواردة في النفس الإنسانية بمثابة المعاني التي يسترشد بها الإنسان في فهم نفسه وخصائصها المختلفة، وفي توجيهه إلى الطريق السليم، وتوطينها الإنسانية على الرضا، والاستسلام، والترقب، والعناية وفق منطق عقدي جعل له التوجيه الإسلامي قاعدة متينة يرتكز عليها، وسنداً قوياً يدعمه؛ ليشد بذلك جوانب النفس حتى لا تنحرف وتزيغ.

أما خصائص النفس الإنسانية فأولها العجلة والتسرع، وشدة الحرص والتكالب على جمع المال، كما أنها تميل إلى حب الأطفال، وعدم القدرة على الصبر عن شيء غير منطقي، لا تعرف الحكمة منه إذا أتى من بشر، وهذا ما حصل مع سيدنا موسى، وهو نبي الله المختار، قال تعالى: (قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً).

وللنفس الإنسانية ثلاثة أحوال رئيسية كما جاء بيان ذلك في القرآن الكريم.: النفس المطمئنة، واللوامة، والإمارة بالسوء، تتعاقب على النفس الإنسانية في أحوال مختلفة. وبما أن الحياة قد تعقّدت في وقتنا الحاضر، وجابت المدنيات المعاصرة العديدة من نمارق الحياة وزخارفها، وأصبح الإنسان يلهث في طلب المزيد من متاع الدنيا، ناسياً أنه مفارقها؛ لذلك يصعب وجود هذا النمط من البشر المتصف بالنفس المطمئنة. فالنفوس المطمئنة نفوس قليلة جدّاً، نسأل الله أن يرزقنا إياها، واللوامة هي التي تنورت بنور القلب، وكلما صدرت عنها سيئة أخذت تلوم نفسها، وتتوب عليها، وتُخلق النفس الإنسانية سويةً على الفطرة، وملهمة من الله تعالى، ثم تطرأ عليها وساوس الشيطان؛ فتتحول من السواء الذي خُلقت عليه، وتأمر صاحبها بالسوء. فهذه هي النفس الإمارة بالسوء. والشيطان قرين لها. فهو الذي يوسوس لها، وهي تستجيب وتنفذ. أسأل الله أن نكون من أصحاب النفس المطمئنة.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook