السبت، 11 شوال 1445 ، 20 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

طفل الألم

نجلاء عبدالله
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

اقترب مني وهو يتمتم بكلمات غريبة ليست مفهومة، والأكثر غرابة دموعه ليست كدموعنا، دموعه حمراء كلون الدم القاتم، أخذ يتنفس تنفساً عميقاً يحاول أن يسترجع قواه المنهارة، يريد أن يقول لي شيئاً، اقترب مني، لكن أثار انتباهي رنين جوالي، هذه مكالمة لصديقتي، والأخرى من زوجي، وأختي كذلك، ثم خرجت مسرعة لأني تذكرت موعداً لابنتي مع الطبيبة.. ونسيت الأمر.

اضافة اعلان

وحينما هممت بالرجوع إلى المنزل لا يزال ذلك الطفل واقفاً مكانه، بل اصطحب معه أطفال آخرين، حاول النطق فلم يستطع، نظر إلى صديقه لعله يتكلم، تمتم بكلمات غير مفهومة، وكان منظره كغريق، جسمه متورم ومزرق وكذلك وجهه، لم أُعره اهتماماً لأنني تذكرت أنه حان موعد نومي، فبالغد ينتظرني عبء وأعمال كثيرة، لعل هذا الطفل إن استطاع أن يعبر عما بداخله أن أساعده، ضربت لهذا الطفل وأصدقائه موعداً آخر بعد يومين لكثرة مشاغلي. نظر إلي كأنها نظرة طلب بوده أن أجعل موعده ولو في الغد.

سمحت له بدقائق معدودة على عجالة، وفي الصباح ذهبت للعمل وقمت بمهامي وأعمالي بسلاسة، وطفقت راجعة إلى البيت أنشد الراحة، فإذا بأطفال عند باب البيت ينتظرونني، يالله هذا موعدهم، ليس هذا وقته، أريد أن أرتاح، كان يومي طويلاً وشاقاً، أيضاً أحضر لي بالمزيد من الأطفال معه!

هممت أن أذهب إلى الباب الخلفي لكي لا يتنبهوا لوجودي، لمحني طفلٌ منهم وأخبر الأطفال من حوله، واجتمعوا حولي، ملابسهم رثة، رائحتهم ممتزجة برائحة الطين والدم، تكلموا بصوت واحد: (نحن أطفال سوريا.. لماذا تتجاهلوننا ؟!)

توقفت برهة لم أصدق ما سمعت!! هل أنا في حقيقة وواقع أم في الأحلام والخيال؟! سمعت صوت ابني ينادي: (ماما هل أتيتِ من العمل؟)، احتضنته بقوة ومسكت بيده، طرحت الخيالات، وأغلقت الباب.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook