الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

المرأة بين سُلطة القوامة وهشاشة الإجراء القانوني

حصة الفاضل
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

" أريد الطلاق، لكنِّي أريد ابنتي أكثر".. كانت دموعها تحكي الكثير وهي تستشيرني في أمر الحضانة، وكان خوف الفقد بادياً في عينيّ هذه الفتاة، ودّعتها لتعود إلى محاضراتها، بعد أن هدّأت من روعها، وبقيت أعيش وجعها ووجع كل الأمهات، اللواتي لم يجدن من ينصفهنّ..

اضافة اعلان

لم يكن المجتمع السعودي في يوم من الأيام ضد حصول المرأة على حقها العام في التعليم والعمل أو حقها الأسري في الزواج والحضانة، أو حقها الاقتصادي في الأجور والميراث وغيرها، مادام ذلك يتوافق ويتناسب مع تعاليم الشريعة، لكن لابد من الشجاعة والاعتراف بمعاناة بعض النساء السعوديات في نيل أبسط حقوقهن المدنية والاقتصادية الناتجة عن العادات المجتمعية، أو للتوظيف الخاطئ لمفهومي القوامة والولاية من الرجل، فالأولى حرمتها حقها الشرعي، والأخرى كانت_ في هذا _أظلم، إذ حرمتها هذا الحق وهمشّت كيانها الإنساني باسم الدين، واستغلال تكليفيّ القوامة والولاية لإيقاع الظلم والضرر على هذه المستضعفة، والتسلط والاستبداد بالرأي والنكاية بها، وكأن العلاقة بينهما حربُ مستعرة أيهما ينتصر! دون أدنى التفات إلى سمو هذه العلاقة وقيامها على السكينة والمودة.

ولعل هذه الحقوق هي القضايا الحقيقة التي تعبر عن واقع المرأة السعودية، ومن العدل والإنصاف ألا نتجاوزها لقضايا أخرى هامشية نستطيع تسميتها تجوّزاً (القضايا المخملية) كالقيادة وسفر المرأة بلا محرم والمنافسة الرياضية، هذه القضايا التي تتعالى خلفها الصيحات من مناصري المرأة ليست هي القضايا الأوليّة، وليست هي القضايا الكبرى التي نبحث لمعالجتها عن حلول وآليات، بل ما نسعى له هو سد الثغرات التي تعاني منها المرأة المستضعفة في أبسط وأهم قضاياها المكفولة شرعاً لها كأن تتعلم مثلاً، هذا يجعلني أطرح سؤالاً مهماً، من هو المخول في الأساس لأن يتحدث عن هذه القضايا ويصنفها فضلاً عن وضع منظومة الأولويات في المطالبة. هنالك من النساء من انطلقت مطالباتهن من مرجعية فكرية معينة، واحتياجات لا تخرج عن كونها شخصية ترفيّة، وإسقاط هذه المطالبات بتأجيج إعلامي على أنها مطالبة كل امرأة سعودية، والأمر ليس على هذا الحال، وفي المقابل أخرى نجدها صوّرت الظلم والقمع على كل أنه حال جميع النساء السعوديات، ونصّبت نفسها محامياً للدفاع عن قضيةٍ لا تحتمل هذا التعميم الظالم.

لم يقدم أمثال هؤلاء إلا مواقف ضعيفة متخاذلة، أو مواقف أخرى تملك من قصور الرؤية وعدم إنصافها الشيء الكثير، لن يكون الحل استلاب نموذج المرأة الغربية وتطبيقه، فنحن نملك الحقوق ونفتقر إلى الآليات، ولن يكون الحل أيضاً الدخول في اتفاقيات دولية، والمطّلع على بنودها بعين النقد والبصيرة يعلم مخالفتها للفطرة السوية فضلاً عن الشريعة الإسلامية، كإلغاء الفارق بين الجنسين والاعتراف بالشذوذ والمثلية، نحن نبحث عن الفئة التي تتلمس الاحتياجات الواقعية للمرأة السعودية، التي تتعاطى مع جميع شرائح وطبقات المجتمع النسائي، لتقدم مطالب المرأة الحقيقية واحتياجها الفعلي إلى واجهة الساحة الحقوقية، ليُصنع لها آلياتٍ منصفة على ضوء الشريعة الإسلامية تكفل وتحفظ لها بالأنظمة والإجراءات حقها المكفول شرعاً، وتَوصل صوتها المغّيب بأن القوامة والولاية ليست استعراضاً لعضلات الرجولة بقدر ما هي اختبارٌ للمروءة.

_____________________________

حصة الفاضل

[email protected]

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook