الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

اختطاف الأطفال.. جريمة تبحث عن حل

الدكتور محمد بن عبدالعزيز الشريم
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

تواصل - تحقيق - خالد الغفيري:

جريمة في حق المجتمع هكذا أجمع الخبراء على توصيف "خطف الأطفال" لما لها من آثار سلبية على الطفل المخطوف ومستقبله، وعلى الأسرة والوالدين خصوصاً، وعلى جميع أفراد المجتمع بالترويع والرعب.

اضافة اعلان

«تواصل» حاولت وضع اليد على أسباب هذه الجريمة وتأثيراتها على المجتمع وسبل الوصول للحد منها بقدر الإمكان في سطور هذا التحقيق.

أستاذ العمارة والثقافة والسلوك البيئي المشارك الدكتور محمد بن عبدالعزيز الشريم، أكد أن النظرة لموضوع اختطاف الأطفال تتعدد محاورها، بين جنائي، واجتماعي، ونفسي.

جريمة بأوجه مختلفة

وأضاف أنه بالنظر للبعد الجنائي، فاختطاف أي طفل يعد جريمة، حتى لو وقع من أحد الوالدين ممن ليس له حق الحضانة الشرعية، فكيف بشخص غريب يمارس تعدياً واضحاً على حرية الطفل، ويحرمه من قرب والديه أو أسرته.

وأوضح أن الدوافع وراء مثل هذه الجرائم متعددة، بعضها الهدف منه ابتزاز مالي، حيث يطلب الخاطف مبلغاً معيناً مقابل إطلاق سراح الطفل المختطف. وقد يكون الهدف من وراء الاختطاف محاولة امرأة حرمت من الأطفال أو ممن يعانين من مرض نفسي، الاحتفاظ بالطفل المختطف كابن لها. وقد يكون الدافعَ وراء الاختطاف انتقامٌ من أسرة الطفل، فيجد المختطف أن اختطاف طفل من هذه الأسرة كفيل بإشباع رغبته المريضة في الانتقام من طفل بريء ليس له ذنب فيما قد يكون حصل بين أسرته والخاطف!.

اختراق المجتمعات

وعلى صعيد البعد الاجتماعي، أكد الدكتور الشريم أن ظاهرة اختطاف الأطفال تعد نسبياً "ظاهرة حديثة"؛ إذ إنها لم تكن معهودة في مجتمعات القرى أو حتى المدن في بدايات الطفرة النفطية في القرن الماضي. ولكن مع النمو السكاني الهائل، وتغير التركيبة السكانية للمجتمع المستوطن في المدن، صار هناك وجود للأغراب سواء من المهاجرين من مناطق من داخل المملكة أو من الوافدين للعمل من دول أخرى. فصارت الأحياء السكنية تضم عديداً من الفئات، منهم المعروفون ومنهم غير ذلك. كما صارت الأحياء السكنية أيضاً مفتوحة للغرباء، ولم تعد مقتصرة على سكانها أو معارفهم.

وأشار إلى أن هذه الأسباب أدت لانخفاض مستوى الثقة بالشارع كمكان آمن للعب والترفيه والتعلم غير المباشر للأطفال. كما أن الأماكن العامة صارت مليئة بالغرباء، الذين لا تعرفهم الأسرة؛ ومن ثم لا تستطيع التأكد من مستوى الأمان الذي سيتمتع به أطفالهم بالقرب منهم.

وأضاف أن هذه العوامل أدت في مجموعها إلى سهولة اختراق المجتمعات، بنسب ضئيلة جداً، ولكنها مع ذلك تعد خطيرة، بغرباء من أصحاب النوايا أو الدوافع الإجرامية، الذين وفرت لهم التغيرات في الظروف المجتمعية المعاصرة سهولة التنقل والوجود في أماكن قريبة نسبياً من ضحاياهم المحتملين. كما أن وسائل الاتصال الحديثة، وخاصة الجوالات، يسرت للمجرمين التنقلات والمراقبة، والتنسيق بين بعضهم بعضاً بدرجة لم تكن مهيأة لهم فيما سبق.

أمان مفقود

وبالنسبة للجوانب النفسية، يرى أستاذ العمارة والثقافة والسلوك البيئي، أن حوادث الاختطاف تؤثر على كل من الوالدين وعلى الأطفال. فالوالدان لم يعودوا يشعران بالأمان والاطمئنان في أماكن عديدة، مثل الأسواق ومدن الألعاب، بل ولا حتى المساجد، بما فيها للأسف الحرمان الشريفان، اللذان لم يسلما من انتهاك قدسية المكان الشريف، فاستغل أصحاب الدوافع الإجرامية شعور الأسر النسبي بالأمان لوجودهم في بيت من بيوت الله، فصاروا يستغلونها لتحقيق أهدافهم الإجرامية.

وأوضح أن انتشار أخبار الاختطاف عبر وسائل الإعلام المختلفة من وقت لآخر، قد يكون له آثار سلبية غير واضحة على نفسية بعض الأطفال، ولاسيما حين ترسخها الأسرة بالتحذير المتكرر من تلك المخاطر؛ مما يجعل الطفل الصغير يعيش شعوراً غير طبيعي يفتقد فيه الأمان والثقة بمن حوله.

 العقوبة

من جهته قال المحامي والقاضي السابق الدكتور تركي بن عبدالله الطيار، "يضيق المرء ذرعاً عندما يرى أجساداً ضعيفة صغيرة لا تملك حولاً ولا قوة تنتهك حريتها ويُستغل ضعفها ويعذب قلبها ظلماً وجوراً".

واعتبر "الطيار" أن المجرمين لو أيقنوا أن ثمة عقوبة تنتظرهم وقوة ستقبض عليهم لما تجرأ كثير منهم على اقتراف جرمهم بخطف الأطفال المساكين، ولا ريب أن تغليظ العقوبة على المجرمين من هذا النوع أمر يستحق العمل به وأخذه بعين الاعتبار.

وأوضح أن السياسة الشرعية تعالج مشكلة تكرار نوع واحد من الجريمة في المجتمع بتغليظ العقوبة بالحد الذي يظن فيه الحاكم أنه سيقطع من خلالها هذه الجريمة، وبما أن الخطف بحد ذاته جريمة يستحق أن يعاقب عليه المجرم، وبما أن بعضه يستهدف أطفالاً في خلق ضعيف ولما يكون من آثارها تعذيب قلوب آباء وأمهات ورعب وتخويف للمجتمع وقبله رعب الطفل المخطوف؛ لذلك كله يحسن وضع عقوبة محددة مغلظة يلتزم القاضي الحكم بمقتضاها.

البحث عن حل

وفي طريق البحث عن حل، قال المحامي والقاضي السابق: إنه يمكن الحد من هذه الجريمة بتفعيل وتعزيز دور الجهات الاعتبارية الثلاثة: جهة الضبط والقبض بتشديد الرقابة عليها من قبل الجهات العليا في مدى تفاعلها مع مثل هذه الحالات، وجهة التحقيق في قدرتها على إنجاز التحقيق بشكل سريع، وقدرتها على استنباط الأدلة والقرائن التي تساعد القاضي على تشديد حكمه، وجهة القضاء بإلزامه بعقوبة محددة مشددة يحكم بها القاضي في هذه الجريمة، وألا يتهاون القضاة مع مثل هذه النوعية من المجرمين فإرهاب الأطفال إرهاب للوطن.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook