الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

العقل المسلم والسنن الربانية

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

خلق الله عز وجل هذا الكون وفق نواميس, لا تتغير ولا تتبدل, يلحظها الناس, وقد لا يقفون أمامها كثيرا, نظرا لتكرارها واستمرارها, من نحو شروق الشمس وغروبها, وتعاقب الليل والنهار, وخلق الموت والحياة, وغير ذلك من السنن التي يؤذن تغيرها بيوم لا ريب فيه.

اضافة اعلان

وعلى غرار السنن الكونية المشهودة, خلق الله عز وجل سننا اجتماعية, يسير بها أحوال المجتمعات البشرية, وأمد بها الخليفة الذي استخلفه لعمارة هذه الأرض, كي يسير على هداها, ويمشي على نهجها, فلا يتعثر في خطوات الهداية, ولا يتنكب طريق الرشاد.

تلك السنن الاجتماعية, التي تحكم منظومة المجتمعات وتفاعلها, ثابتة في مضمونها, لا تحابي أحدا من البشر, كائنا من كان, فهي تسير بأمر الله, على البشر جميعهم, كما السنن الكونية, لا تتخلف ولا تتبدل, وعلى من يريد الهداية والرشاد أن يتعامل معها وفق هذا التصور, فسنته تعالى وعادته، جارية مع الأسباب المقتضية لمسبباتها.

وتتضح تلك السنن الإلهية من مطالعة كتاب الله تعالى, الذي أرشد إلى أن الكون يسير وفق نواميس محددة, كما لفت إلى أن المجتمعات كذلك تسير وفق منظومة سننية ثابتة, قال تعالى: "سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ".

فقد نبه الله عز وجل رسوله الكريم إلى إحدى تلك السنن, "سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا" (الإسراء:77), فسنة الله التي لا تحول ولا تبدل في جميع الأمم، كل أمة كذبت رسولها وأخرجته وتعنتت في قبول رسالته، عاجلها الله بالعقوبة.

ولفت إلى سنة أخرى "وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا" (الكهف:55), فما منع الناس من الإيمان، والحال أن الهدى الذي يحصل به الفرق، بين الهدى والضلال، والحق والباطل، قد وصل إليهم، وقامت عليهم حجة الله، فلم يمنعهم عدم البيان، بل منعهم الظلم والعدوان، عن الإيمان، فلم يبق إلا أن تأتيهم سنة الله، وعادته في الأولين من أنهم إذا لم يؤمنوا، عوجلوا بالعذاب.

وتلك السنن الإلهية بذلك الثبات والاستقرار, تشكل جزءا من مكونات عقل المسلم, تساعده في التعامل مع مجتمعه وفهمه, وتفسير حوادثه وتسخيره لخدمة أهدافه, الأمر الذي يجعلنا نؤكد على أن دراسة السنن الإلهية بل واستقلال علم بدراستها أصبح واجبا محتما, يمكن أن يفيد الإنسانية بنظرة جديدة لمجموعة العلوم الاجتماعية.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook